ترافع الجزائر في القمة 26 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغيرات المناخية التي انطلقت، الأحد الماضي، بغلاسكو (اسكتلندا)، من أجل توفير التمويلات الضرورية لإنجاز مختلف المشاريع الهادفة لخفض الانبعاثات الكربونية ونقل التكنولوجيا المتعلقة بهذا المجال، بحسب ما أفاد به مسؤول بوزارة البيئة.
اعتبر نائب مدير التغيرات المناخية بالوزارة عبد الرحمان بوقادوم، في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، أن ضمان التمويل الكافي يمثل «حجر الزاوية» الذي تقوم عليه جميع المساعي الرامية للتصدي لتغير المناخ.
وعليه، فإن الجزائر تدعو خلال مشاركتها في قمة غلاسكو، الدول المتقدمة التي تسببت تاريخيا في ظاهرة الاحتباس الحراري إلى الوفاء بالالتزامات المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية، لاسيما فيما يتعلق بتمويل المشاريع التي تساهم في الحد من التغيرات المناخية، مؤكدة أن ذلك يمثل «مسألة ملحة للغاية».
وهنا ذكر المسؤول بأن الدول الصناعية الكبرى المتسببة في الاحتباس الحراري كانت قد وعدت الدول النامية المتضررة من الظاهرة بتمويل قدره 100 مليار دولار، من أجل إنجاز مشاريع تعزز من خلالها قدراتها للتصدي للتغيرات المناخية التي تتجلى أثارها أكثر من أي وقت مضى (الفيضانات المتكررة وحرائق الغابات وموجات الحرارة المرتفعة...). غير أن «هذا الوعد لم يتحقق لحد اليوم»، يقول بوقادوم.
وفضلا عن ذلك، تطالب الجزائر خلال هذه القمة العالمية التي تدوم لغاية 12 نوفمبر الجاري، بنقل التكنولوجيات الحديثة لصالح الدول النامية والإفريقية على وجه الخصوص حتى تتمكن من تجسيد المشاريع الضرورية للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة المتسببة في الاحتباس الحراري، بشكل أكثر فعالية.
تسريع إنشاء الصندوق الأفريقي
أما المحور الثالث الذي تتفاوض عليه الجزائر خلال القمة، فيتمثل في تدعيم القدرات الوطنية في هذا المجال من خلال ضمان التكوين لصالح الإطارات بخصوص استخدام هذه التكنولوجيات المتقدمة، لاسيما ما يتعلق باستعمالات الطاقات المتجددة، يضيف المتحدث.
وأكد المسؤول بوزارة البيئة، أن «الجزائر، انطلاقا من إيمانها العميق بجسامة رهانات تغير المناخ وانعكاساتها السلبية على اقتصاد الدول النامية، عملت على تسخير كل الإمكانات الوطنية للإيفاء بتعهداتها في إطار اتفاق باريس من خلال مساهمتها المعتزمة والمحددة وطنيا، مع العمل على تحيينها وفق قدراتها المالية والاقتصادية ووفقا للدعم الخارجي الذي تتلقاه».
كما أشار إلى اعتماد الحكومة الجزائرية على المخطط الوطني للمناخ كوثيقة «استراتيجية» تسمح بالتصدي للتأثيرات السلبية الناجمة عن التغيرات المناخية على المستوى الوطني، معتبرا ذلك «دليلا ملموسا على الوفاء بالالتزامات الدولية وإظهارا للإرادة السياسية والجهود الوطنية لمكافحة تغير المناخ».
ويسمح هذا المخطط بدمج التغيرات المناخية في جميع القطاعات وعلى جميع المستويات، بحسب المسؤول.
من جهة أخرى، ذكر بوقادوم بالدعوة التي أطلقها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون من أجل تسريع إجراءات إنشاء الصندوق الأفريقي لدعم إجراءات مكافحة الانعكاسات السلبية لتغير المناخ والذي وافق عليه مجلس السلم والأمن الأفريقي باقتراح من الجزائر.
وصرح المسؤول قائلا: «إن إفريقيا حاليا رهينة بالفعل لظاهرة الاحتباس الحراري والتي تتجلى أثارها في ظواهر جوية شديدة ومتكررة كالجفاف والفيضانات والعواصف، تضاف إليها ضغوط الأزمة الصحية العالمية الناتجة عن تفشي جائحة كوفيد-19 التي تزيد من الصعوبات التي تواجه الحكومات والشعوب في التعامل مع النمو الاجتماعي والاقتصادي».
وأضاف، أنه «مع تفاقم تأثيرات المناخ، فبلا شك هناك واجب أخلاقي واضح لحماية حياة وسبل عيش أولئك الموجودين في الخطوط الأمامية لأزمة المناخ، حيث يجب تكثيف الجهود بشكل عاجل واتباع مسار أكثر طموحا».