استعرض رئيس المجلس الدستوري، كمال فنيش، في مداخلته التجربة الجزائرية في هذا المجال بالتطرق إلى ثلاثة محاور وهي استقلالية القضاء في ضوء الدستور الجزائري، حياد القضاء، المجلس الأعلى للقضاء كضامن لاستقلالية القضاء، مؤكدا أنّ استقلالية القضاء هي حجر الزاوية ووسيلة ضرورية لضمان ثقة المتقاضين وجوهر دولة القانون.
أشار فنيش إلى أنّ استقلالية وحياد السلطة القضائية لازمتان لازدهار الدول ونهضتها الاقتصادية، ويحقق ثقة المواطن في دولته وفي مؤسساته، مضيفا أنّ مبدأ عدم قابلية قاضي الحكم للنقل يشكل شرطا أساسيا لاستقلالية القضاة، ولهذا تمّ تكريسه بموجب المادة 172 من الدستور التي تنص فقرتها الرابعة على حماية الدولة القاضي وجعله في منأى عن الاحتياج.
وذكر فنيش بدستور 1989 الذي استعمل عبارة السلطة القضائية بدلا من الوظيفة القضائية المعتادة في الدساتير السابقة، مبرزا المكتسبات المتعلقة بتطور استقلالية القضاء وصولا إلى التعديل الدستوري الأخير في مادته الـ163، التي تنصّ على أنّ القضاء سلطة مستقلة وعلى أنّ القاضي مستقل لا يخضع إلا للقانون.
وأكد رئيس المجلس الدستوري حرص المشرع الجزائري، من خلال مختلف أحكام القانون العضوي رقم 04-11، المؤرخ في 6 سبتمبر 2004، المتضمن القانون الأساسي للقضاء على ضمان حياد ونزاهة القاضي عبر تكريس المجلس الأعلى للقضاء الذي يسهر على حماية القضاة من كل ضغط أو تأثير.
وأشار ممثل الجزائر إلى أنّ الدستور الجزائري يضع القضاء في مكانة مساوية لمكانة السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو ما يقتضي ضرورة تحلي القضاة بالنزاهة وأداء مهامهم بشكل محايد.
وتطرق المشاركون في الحوار القضائي الخامس للمحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، المنعقد، الخميس، بمركز المؤتمرات الدولي جوليوس نيريري بدار السلام بتانزانيا إلى موضوع تعزيز الثقة في العدالة في إفريقيا وضرورة معالجتها من منظور ثنائي، من جهة، مرتبط بالنظر للعلاقات بين العدالة والمتقاضين، ومن جهة أخرى، تتصل بالعلاقات بين الفاعلين في العدالة.
ويهدف هذا الحوار القضائي إلى تمكين العدالة في إفريقيا للقيام بدورها بشكل كامل، لاسيما من خلال تكريس ثقة دائمة ليس فقط بين الجهات القضائية الفاعلة ولكن بين العدالة والمحاكم والمتقاضين، وتحديد أهم العوائق التي تحول دون الثقة في العدالة في إفريقيا وتقييم تأثير انعدام الثقة في العدالة على المجتمعات الإفريقية.
بالإضافة إلى التفكير في طرق ووسائل ترسيخ الثقة الدائمة في العدالة، ومناقشة السبل لجعل الشبكة القضائية الإفريقية فعالة.
ويذكر أنّ اجتماع الحوار القضائي لعام 2021، شكل جزءا من الاستمرارية للحوار الذي انعقد عام 2019، حول دور القضاء في إفريقيا، حيث شاركت فيه السلطات القضائية من 46 دولة والسلطات القضائية الدولية وممثلون عن مختلف أجهزة الإتحاد الإفريقي ووكالات الأمم المتحدة.