رسم معالم إستراتيجية أكثر نجاعة وفعالية من السابقة
تحذير من استمرار التراخي في الإقبال على اللقاح
أكّد وزير الصحة والسكان واصلاح المستشفيات، عبد الرحمان بن بوزيد، أنّ الجزائر مستعدة لمواجهة موجة رابعة محتملة مهما كانت درجة خطورتها، كاشفا عن رسم معالم استراتيجية أكثر نجاعة وفعالية من التي تمّ اتباعها في التصدي للموجة الثالثة الخطيرة التي عرفتها البلاد.
أوضح وزير الصحة، خلال إشرافه على الندوة التقييمية للوضع الوبائي بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال، الخميس، أنّ مصالحه تواصل بذل المجهودات المشتركة بين جميع أسلاك القطاع والمهنيين والخبراء لمواجهة جميع المخاطر المتعلقة بوباء كورونا دائم التحور والتغير، وذلك من أجل ضمان الأمن الصحي للبلاد، مشيرا إلى جاهزية المؤسسات الاستشفائية للتكفل بمرضى كوفيدـ19.
وقال بن بوزيد إنّ قطاع الصحة عمل على محاربة الجائحة، منذ أكثر من سنة ونصف، بفضل تضافر الجهود ومساهمة مهنيي الصحة في مختلف التخصّصات في التكفل بالمصابين، على مستوى جميع المصالح الطبية، مضيفا أنّ التجربة التي عاشتها الجزائر، منذ بداية انتشار الفيروس، ستمكن من تحديد نقاط الضعف والقوة واستخلاص العبر والدروس، وبالتالي رسم خطة استباقية فعالة وتكثيف العمل الميداني لمواجهة موجات جديدة من الفيروس المتحوّر.
وتطرّق إلى الحديث عن الموجة الأخيرة التي عرفتها البلاد، وكانت أشدّ وطأة وقسوة مقارنة بالسابقة، خاصة وأنّها تسببت في زيادة الطلب على مادة الأوكسجين في كافة المؤسسات الصحية، منبّها بأنّ الأمر فاق توقعات الخبراء وجعل القطاع يواجه صعوبات في تسيير الأزمة، في ظل محدودية ونقص إنتاج الأوكسجين محليا، وأنّه للحفاظ على الوضع مستقرا تطلّب التحضير لمخاطر محتملة وتنظيم المستشفيات والأجهزة الطبية ووسائل العلاج.
كما ثمّن المسؤول الأول عن القطاع جهود كافة مهنيي الصحة من خبراء وأساتدة ورؤساء المجالس العلمية نظير العمل المتواصل في تقديم كل نشاط ذي طابع علمي وعملي لمواجهة الجائحة وتقديم الأفكار والمقترحات الهامة، مقدّما عرفانه للولاة على دعمهم في تسيير هذه الضائقة التي تمر بها الجزائر.
وفيما يخصّ اللقاء التقييمي الاستشرافي أبرز بن بوزيد بأنه من شأنه أن يساهم في رصد معالم إستراتيجية أكثر نجاعة وفعالية من التي تمّ اتباعها في مواجهة الموجات السابقة من الفيروس، من خلال إعداد خطة فعالة تبنى عليها الأنشطة المتعلقة بمواجهة مخاطر الوباء، داعيا إلى تطبيق التوصيات التي خرج بها اللقاء على أرض الواقع.
وبالنسبة للحملة الوطنية للتلقيح، أجاب بن بوزيد أنّ العملية عرفت تراجعا لافتا، منذ تسجيل انخفاض في منحنى الإصابات بعد أن كانت مراكز التلقيح تستقبل أكثر من 25 ألف ملقح يوميا، الآن انخفص العدد إلى أقل من 20 ألف ملقح، داعيا المواطنين إلى الإقبال على اللقاح للوصول إلى تلقيح 70 بالمئة وتشكيل مناعة جماعية تمكن من التصدي لمخاطر الفيروسات المتحوّرة، موضحا أنّ كلّ الاحتمالات واردة ومن الممكن أن يكون الفيروس أكثر شراسة وقوّة.
توقيف استيراد اللقاح لعدم الاستجابة للحملة
وكشف وزير الصحة أنّ “عدم الاستجابة” لحملة التلقيح جعل المصالح الوزارية تتخذ قرار وقف استيراد اللقاحات لتفادي تخزينها، باعتبار أنّ اللقاح متوفر بكميات كافية إلا أنّ عدد الملقحين بالجرعتين، إلى حد الآن، لم يتجاوز 5 ملايين بالرغم من تكثيف الحملات التوعوية بأهمية التلقيح ضدّ فيروس كورونا، قائلا إنّ تسريع وتيرة التلقيح يعدّ السبيل الوحيد للحماية من مخاطر موجات جديدة.
وعلى صعيد آخر، وعد الوزير بتلبية جميع انشغالات مستخدمي الصحة والتكفل بمطالبهم المهنية، بالإضافة إلى العمل على ضمان الشروط الملائمة للتكفل بالمرضى، على مستوى مؤسسات الصحة، مشيرا إلى أنّ المرحلة القادمة تقتضي تبنّي إستراتيجية تستجيب للتطلعات.
ونوّه بن بوزيد بالمشاركة الفعلية والفعالة للشريك الاجتماعي بوقوفه في الميدان وتعبئته لكل ما يمكن أن يشكل عاملا محفزا، ما تعلق بالأنشطة بمواجهة الفيروس وكذا مساهمته الهامة في حملة التلقيح الوطنية.
فورار: اللقاحات آمنة
ومن جهته، حذر الناطق الرسمي للجنة رصد وتفشي فيروس كورونا جمال فورار، من استمرار التراخي في الإقبال على اللقاح والذي سجّل بعد استقرار الحالة الوبائية، مؤكدا أنّ هذا الارتياح قد يكون مؤقتا وغير دائم والتلقيح يعدّ السبيل الوحيد للحماية من مخاطر موجة جديدة لفيروس كورونا.
ودعا إلى ضرورة تكثيف الجهود لتلقيح 20 مليون مواطن، موضحا أنّ جميع اللقاحات المتوفرة في الجزائر فعالة وتساهم في التقليل من الحالات الصعبة بسبب الإصابة بكوفيد، وكذا تخفيض عدد الوفيات المسجلة يوميا.
وذكر بأنّ مراكز التلقيح وجميع الفضاءات المخصّصة عبر كافة أرجاء الوطن تستقبل جميع الفئات الراغبين في حماية أنفسهم وأهاليهم، مشيرا إلى أنّ الأطقم الطبية استفادوا من تكوين خاص بالتلقيح وجميعهم مؤهلين للتكفل بالمواطنين، بالإضافة إلى أنّ اللقاحات آمنة ولم تتسبب في حدوث أية أعراض جانبية خطيرة.
رحال : وضع استثنائي يتطلب إستراتيجية فعالة
من جانبه، قال المدير العام الهياكل الصحية وعضو اللجنة العلمية لرصد ومتابعة فيروس كورونا، البروفيسور الياس رحال، إنّ الجزائر أمام وضع استثنائي يتطلب اتخاذ قرارات استثنائية هامة فيما يتعلق بالتنظيم والتسيير، على مستوى المستشفيات وتخصيص الأسرة للتكفل بالمصابين بكوفيدـ19.
وأفاد بأنّ المستشفيات استقبلت 17 ألف مريض، خلال الموجة الثالثة من فيروس كورونا، أغلبيتهم كانوا بحاجة إلى التزويد بالأوكسجين، مشيرا إلى تخصيص 1500 سرير للتكفل بالمرضى بمستشفى مصطفى باشا، زيادة على اتخاذ إجراءات جديدة وتجنيد الوسائل الضرورية من بينها تحضير 25000 سرير و1700 في قاعات الإنعاش ورفع إنتاج مادة الأوكسجين.
وحسب البروفيسور رحال، فإنّ 70 بالمئة من الأشخاص الذين أصيبوا بفيروس كورونا في موجته الأخيرة لم تظهر عليهم أعراض المرض، وإنّما حاملين فقط للفيروس وتسببوا في نقله للآخرين، في حين أنّ عددا كبيرا منهم كانت حالتهم خطيرة استدعت التكفل الاستعجالي على مستوى مصالح الإنعاش.
أما المديرة العامة للصيدلة لوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات وهيبة حجوج فقط كشفت أنّ إجمالي اقتناء مكثفات الأوكسجين قدر بـ 4551 في الشهر ووزع عبر 58 ولاية، مضيفة في ذات السياق أنه تم رفع إنتاج مادة الأوكسجين وقدرات نقلها وتقليل إنتاج الأوكسجين الصناعي لتفادي زيادة الطلب عليها في المستشفيات.
وأشارت البروفيسور حجوج إلى أنّه تمّ استيراد أدوية مخصّصة للتكفل بالمرضى الذين ظهرت عليهم مضاعفات خطيرة جراء الإصابة بكوفيد ـ19، مذكرة بالمجهودات المبذولة في إبرام العقود والمفاوضات حول اقتناء أزيد من 28 مليون جرعة لقاح.
وتوقع خبراء قدوم موجة جديدة من الفيروس المتحور وارتفاع عدد الإصابات في الأسابيع المقبلة دون تحديد درجة خطورتها، مطالبين بتجنيد كافة الوسائل للتسريع من وتيرة التلقيح وإعادة التفعيل الصارم للإجراءات الوقائية لتجنّب سيناريو كارثي، بما أنّ عملية التلقيح على المستوى الوطني ما تزال متأخرة ولا تسمح ببلوغ المناعة الجماعية التي تمكن من قطع سلسلة العدوى والتصدي لمخاطر مضاعفات الإصابة بالفيروس.