يودع نواب في المجلس الشعبي الوطني، مشروع قانون تجريم الاستعمار في مكتب الغرفة السلفى للبرلمان، اليوم الأحد.
قال رئيس الكتلة البرلمانية لحركة مجتمع السلم، أحمد صادوق، إنّ مشروع القانون جاهز بمضامين تدين فرنسا إبان الحقبة الاستعمارية، وسيحال على مكتب المجلس، اليوم.
وأوضح صادوق، في اتصال هاتفي مع “الشعب أونلاين”، أنّ الكتل البرلمانية في المجلس رفضت تبنّي المشروع لأسباب تخصّهم، في حين، رافع نواب عن القانون الذي يبقى مهما بالنسبة لكل الجزائريين.
وقال المتحدث إنّ النواب فعلوا ما يجب فعله كواجب منهم تجاه الجزائر. ويطالب جزائريون بضرورة سنّ قانون خاص بتجريم فرنسا، التي قتلت ونكلت بالجزائريين طيلة 132 سنة من الاستعمار الغاشم.
ويأتي هذا المطلب، موازاة مع توتر دبلوماسي بين الجزائر وباريس، على خلفية تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي شكك من خلالها بوجود أمة جزائرية قبل ولوج المستعمر الفرنسي الأراضي الجزائرية سنة 1830.
ورفعت الجزائر من شدة ردها على مغالطات الرئيس الفرنسي، حيث استدعت سفير الجزائر بباريس محمد عنتر داوود للتشاور، ثم أغلقت الأجواء الجزائرية أمام الطائرات العسكرية الفرنسية.
القورصو: إعادة تفعيل مشروع القانون المجرم للفعل الاستعماري
أكد المؤرخ، محمد ولد سي قدور القورصو، “ ضرورة” إعادة إطلاق مشروع القانون الذي يجرم الفعل الاستعماري، داعيا إلى عقد جلسات حول التاريخ والذاكرة بمشاركة جامعيين ومختصين معروفين يتمتعون بالمصداقية.
وفي تصريح لـ “وكالة الأنباء الجزائرية” بمناسبة إحياء الذكرى الـ67 لاندلاع حرب التحرير الوطنية، أشار القورصو أنه “من الضروري إعادة إطلاق مشروع القانون الذي يجرم الفعل الاستعماري وتعديله من طرف مختصين معروفين”.
وقال أنّ “ما ينقص حاليا هو غياب مخطط عمل ناجع من شأنه أن يشمل جميع الجوانب المتعلقة بالذاكرة، إذ يتعيّن أن يشرف على هذا المشروع مختصون يتمتعون بالمصداقية ومعترف بهم”.
كما دعا المتدخل إلى إنشاء “جبهة مناهضة للاستعمار”، على مستوى المستعمرات الفرنسية السابقة من أجل طلب الاعتذار والمطالبة بتعويضات حتى “لا تختبئ فرنسا وراء قوانين العفو بهدف حماية نفسها من كل متابعة قضائية”.
وأبرز القورصو، في السياق، أنّ أحداثا تاريخية إجرامية لفرنسا “حملت توقيع مرتكبيها” في حين أنّ الإجراءات المتخذة من طرف رجال السياسة والعسكر الفرنسيين، خلال حرب التحرير الوطنية “تمثل أدلة أخرى قطعية يجب إدراجها في قاموس الجرائم الاستعمارية الفرنسية بالجزائر”.
وبالعودة إلى التشكيك في وجود أمة جزائرية قبل الغزو الفرنسي سنة 1830، كشف القورصو أنّ “الموضوع ليس بالجديد لأنّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اتبع من سبقوه دون ذكرهم، بما أنّ جامعيين وكتاب وسياسيين وبطبيعة الحال رؤساء فرنسيين تحدثوا عن الشيء ذاته قبله”.
في هذا الإطار، قال المتحدث أنّ “الإقدام على إنكار استعمار الشعوب التي عرفت الاحتلال والحرب والنهب والإبادة الجماعية والإبادة العرقية يعدّ من خصائص الفكر الاستعماري وجوهر إيديولوجيته المتواصلة، إلى غاية اليوم، بأشكال أخرى”.
وأضاف “ فعلا، هوس المستعمر السابق لم يتغيّر حتى وإن كانت الأهداف والوسائل المستعملة في القرن الـ19 تم تعديلها والمصطلحات مزيّنة حسب الظرف”.
كما أكد القورصو أنّ التصريحات الأخيرة للرئيس ماكرون “لا تعمل على تذليل النزاع التاريخي بين الجزائر وفرنسا، بل تعمل على تغليط أولئك الذين يؤمنون بذلك أو يتظاهرون بالاعتقاد بذلك لأسباب أخرى غير موضوعية”.
وأردف قائلا “إنّ الأمر المؤسف وغير الأخلاقي في حالة ماكرون هو استرجاعه المتعمد والانتقائي لتاريخ الجزائر، خصوصا الصفحات الدامية للشعب الجزائري، خلال الفترة الاستعمارية ثم خلال حرب التحرير الوطنية لأغراض غير معلنة”.
ووصف القورصو إقدام الرئيس ماكرون على تكريم هؤلاء (الحركى)، الذين شاركوا في جرائم ضد الشعب بـ«غير اللائق”.
ولدى تطرقه إلى “مصالحة الذاكرة المزعومة” قال المتدخل أنّ هذا المسعى لم يقاوم فترة الانتخابات وأنّ “مصيره أضحى مسدودا، مثلما هو الشأن بالنسبة ( لمشروع) معاهدة الصداقة الفرنسية-الجزائرية سنة 2006”.
وقصد دفع الجامعيين والمؤرخين إلى المشاركة في المسعى، الذي يلزم فرنسا بمواجهة جرائمها الاستعمارية المرتكبة في الجزائر، يرى المتدخل أنه “يجب توفير ثلاثة شروط، سيّما الحصول على الأرشيف والبحث، الذي يجب أن يكون في خدمة العلم والمعرفة الموضوعية وتطبيق طرق مؤكدة علميا ترتكز على أحداث تاريخية”.
في ذات السياق، يعتبر القورصو أنه “من الضروري التمييز بين البحث التاريخي والخطابات حول التاريخ”، مشيرا إلى أهمية تغليب الحجج في أيّ بحث تاريخي لكون ذلك يعد الدليل الذي يتعيّن تقديمه لمن يهمه الأمر.