فُجعت الساحة الثقافية الجزائرية، مرة أخرى، برحيل واحد من أعمدة الفن التشكيلي، عبد الحميد لعروسي، رئيس الاتحاد الوطني للفنون الثقافية، والذي غادر محبيه في صمت عن عمر يناهز 67 عاما، بعد صراع مرير مع مرض عضال ألزمه الفراش إلى أن وافته المنية.
وُري جثمان الفقيد الثرى، أمس، بمقبرة العالية، لتكون الجزائر بذلك قد فقدت في ظرف أقل من شهر، اثنين من كبار الفنانين في الساحة العربية. فبعد محمد بوزيد والذي ماتزال الجزائر تنعيه، يأبى الفنان التشكيلي عبد الحميد لعروسي إلا أن يلتحق برفيقه.
وهكذا، بعد سنوات من العطاء، يغيّب الموت واحدا من أعظم الفنانين الذين سخروا حياتهم لخدمة الفن الجزائري، فكان بذلك صاحب العطاء الكبير، الذي لم يبخل على فنّه ولا على الفنانين بالنصيحة والمساعدة.
يغادر صاحب الأسلوب الفني الراقي، والذي تميّزت أعماله بالعمل الجدي، ليترك وراءه إسما لامعا، سيشهد له كل من يلج عالم الفنون التشكيلية، ويكتشف لامحالة أن الجزائر أنجبت رجالا تركوا وراءهم إرثا خالدا، لينتهل منه الجيل الصاعد، كما يشهد عليه أيضا الاتحاد الوطني للفنون الثقافية، الذي عرف انتعاشا منذ توليه رئاسته، وكان بمثابة الرجل المناسب في المكان المناسب، ليرتقي بالريشة، ويشارك من خلال الاتحاد في مختلف المعارض الوطنية والدولية، فضلا عن احتضانه لعديد النشاطات، بينها معرض المنمنمات الإسلامية، معرض الخط العربي ولقاءات مغاربية، وهو ما ينمّ عن جهود الفنان الراحل في خدمة الفن التشكيلي في الجزائر.
مسيرة ثرية لابن عاصمة الحضنة، فعبد الحميد لعروسي من مواليد سنة 1947 بالمسيلة، حبّه للريشة جعله يلتحق بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بباريس، بعد أن أكمل دراسته الثانوية بقسنطينة.
قام الفنان الراحل بتصميم العديد من الجداريات بالجزائر العاصمة والمسيلة، كما نظم العديد من المعارض لأعماله في الجزائر وفي الخارج، بداية من السبعينيات من القرن الماضي.
وترأس عبد الحميد لعروسي سنة 1993، الاتحاد الوطني للفنون الثقافية الذي أنشئ غداة الاستقلال بهدف استقبال إبداعات الفنانين واكتشاف المواهب الصاعدة.
كما أشرف لعروسي لسنوات، على رواق محمد راسم بالعاصمة، وشارك في العديد من اللقاءات والتظاهرات الوطنية والدولية، ساهم من خلالها في التعريف بالفنون التشكيلية في الجزائر وإيصالها إلى ما وراء الحدود.