مطلوب إصلاحات لجعل الجامعة قاطرة التنمية الاقتصادية
تشهد الجامعة الجزائرية إصلاحات جوهرية، تهدف إلى إعادة الجامعة إلى دورها المحوري كقاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، خاصة وأن السلطات تريد التأسيس لاقتصاد جديد وبديل للاقتصاد الذي أساسة المحروقات، الذي عرفته منذ الاستقلال، إلى اقتصاد مبني على العلوم والمعرفة.
صرح عبد الرحمان بوثلجة، أستاذ باحث، ومتخصص في الإعلام والاتصال الجامعي لـ«الشعب”، بخصوص قرارات مجلس الوزراء الأخيرة، أنها جاءت بإصلاحات عميقة وجذرية تهدف لجعل الجامعة منتجة ومساهمة بصفة فعالة في الاقتصاد الوطني، وليس كما كانت في الماضي، تركز على الكمّ على حساب الجودة والتكوين، وحتى هذا الأخير كان هدفه امتصاص العدد الكبير من الحاصلين على شهادة البكالوريا، خاصة في بعض التخصصات.
ووصف المتحدث، الإصلاحات السابقة التي أجريت ببعض المؤسسات الجامعية بغير المدروسة، وأدت إلى تدهور كبير في المستوى التعليمي وحتى الثقافي لكثير من الطلبة، وتسببت أيضا في ترويج الإحباط واليأس من المستقبل في أوساط الجامعيين وبالطبع إلى بطالة حاملي الشهادات الجامعية وحتى العليا منها.
ويرى الأستاذ الجامعي، أن قرارات مجلس الوزراء الأخيرة، وخاصة ما تعلق بإيجاد آليات لتغيير التوزيع العام للتخصصات الجامعية، بالتوجه نحو العلوم الدقيقة والتكنولوجيا، ومواصلة تجسيد مبدأي التخصص والامتياز لخلق مدن جامعية متخصصة، وفق إمكانات مختلف المؤسسات الجامعية ومحيطها الاقتصادي والاجتماعي، أنها إيجابية وقد تكون حاسمة في مسار التعليم العالي مستقبلا، إذا ما تم تطبيقها بكفاءة في الميدان.
يتطلب المشروع - بحسبه- عملا كبيرا وتأقلما سريعا من طرف الأسرة العلمية، وإعادة النظر في الكثير من الأمور التي تجعل هذه التخصصات جذابة للطلبة، خاصة المتفوقين منهم، حيث أن التكوين الجيد في العلوم الدقيقة والتكنولوجية، هو أساس الإبداع والاختراع العلمي، الذي إقتصادنا بأمس الحاجة إليه ومستقبل البلاد يتوقف عليه، في ظل عدم الاستقرار الذي تعرفه سوق النفط العالمية.
وأكد الأستاذ إعطاء أهمية خاصة لتخصصات العلوم الدقيقة والتكنولوجية، من أجل المساهمة في تطوير المجالات ذات أهمية خاصة في بلادنا، مثل المعلوماتية والرقمنة، الصناعات الصيدلانية، الطاقات المتجددة، الفلاحة والصناعات الغذائية، الإلكترونيات والروبوتيك وعلوم الطيران والدراسات الفضائية، وغيرها من المجالات التي لها علاقة بالتصنيع والإنتاح.
وقال بوثلجة، إن توفير الإمكانات للتكوين النوعي في كل التخصصات، مع الاستفادة من طاقات الإطارات الجامعية الوطنية، يعتبر أمرا ضروريا لتكوين كوادر قادرة على رفع التحدي في مختلف القطاعات والنهوض بها. ولذلك طالب مجلس الوزراء بإيلاء أهمية خاصة للتكوين والتأطير العلمي العالي في مدرستي الذكاء الاصطناعي والرياضيات، وهذا باحترام أعلى المعدلات في كل مناطق الوطن، بدون تمييز أو إقصاء.
وهي تجربة يمكن أن تعزز - يضيف المتحدث- بفتح مدارس عليا في تخصصات علمية وتكنولوجية أخرى في مختلف مناطق ربوع الوطن، حسب الاحتياجات الاقتصادية أو العلمية الأكاديمية، حيث يمكن أن تساهم بدورها في رفع المستوى التعليمي والثقافي للطلبة، وكذا أن يكون لها دور في التأسيس لاقتصاد أساسه العلوم والمعرفة.