يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة أم البواقي، الدكتور رداف طارق، أنّ التفاصيل الإجرائية التي تركها اتّفاق وقف القتال بين طرفي النزاع في ليبيا، تحوّلت إلى أهم العوائق في طريق التوصل إلى استكمال خطوات بناء الدولة الليبية الجديدة، بدليل انتقال التضارب في المصالح من القوى الخارجية، إلى أطراف النزاع ذاتها، ممثّلة في البرلمان الليبي من جهة والحكومة والمجلس الرئاسي من جهة أخرى. وقد تأسّس هذا التضارب على المخاوف من مخرجات العملية الانتخابية المنتظر إجراؤها يوم 24 ديسمبر المقبل، لذلك يُنظر إلى الوضع الراهن في ليبيا، على أنّه محاولة من الأطراف من أجل ضمان موقع لها خلال المرحلة التالية للانتخابات.
قال الدكتور رداف طارق، إنّ الصراع المحتدم بين الحكومة الليبية بقيادة عبد الحميد الدبيبة ومجلس النواب، والذي نتج عنه سحب الثقة من الحكومة، وتقليص دورها إلى جهاز لتصريف الأعمال، في حين كان يُفترض أن تكون الجهاز الرئيسي لتحضير الانتخابات القادمة، ولا يتوقّف الصراع السياسي عند مستوى مجلس النواب والحكومة، بل يشمل كذلك صراعا بين مجلس النواب والمجلس الرئاسي، حول إصدار قانون الانتخابات الرئاسية، الذي أصدره مجلس النواب دون الرجوع إلى بقية المؤسسات. وقد امتد هذا الجدل ليشمل مختلف أطياف الساحة السياسية الداخلية، داخل وخارج المؤسسات السياسية القائمة.
وأضاف الأستاذ الجامعي في اتصال مع «الشعب»، أنّ أبرز تحدي في ظل هذا الاستقطاب السياسي، هو التوصل إلى إجراء الانتخابات الليبية، وهو ما يتطلّب التوصل إلى التوافق حول الأسس والقواعد القانونية والدستورية، التي تضمن تسيير العملية الانتخابية المنتظرة، وهو ما يشكّل النقطة الأساسية في الحوار الجاري بين الأطراف الليبية، ويُتوقّع التوصل إلى نوع من الاتفاق خلال الفترة القائمة، بسبب مواصلة الأطراف الخارجية المؤثّرة الضغط على القوى الليبية، من أجل إنهاء الخلافات القائمة، خاصة مع مواصلة الدعم الألماني للمسار السياسي، المعلن عنه من طرف المستشارة الألمانية ميركل، على هامش اللقاء مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي، وكذلك القانون الصادر عن الكونغرس الأمريكي نهاية شهر سبتمبر (قانون استقرار ليبيا)، المتضمّن إمكانية فرض عقوبات على من يعرقل مسار المصالحة والاستقرار في ليبيا.
كما أوضح ذات المتحدّث، أنّه رغم إعلان أطراف الحوار الليبي عن رغبتها في التوصل إلى اتفاق، حول نقاط الخلاف الأساسية، وتأكيد رئيس المجلس الرئاسي لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد، إلا أن حسم الخلاف حول إمكانية ترشح العسكريين للانتخابات الرئاسية أو البرلمانية، وكذلك المسائل المتعلقة بتنظيم المؤسسة العسكرية الليبية، ومسألة المقاتلين الأجانب (المرتزقة)، وغيرها من عوامل الخلاف، تدفع على الاعتقاد بتضاؤل فرص حصول التوافق الكلي حول المسائل المطروحة على طاولة المفاوضات، وبالتالي إمكانية تأجيل الانتخابات الليبية إلى بداية سنة 2022 وارد ولكن ضعيف، غير أن هذا الاعتقاد لا يغلق الباب نهائياً أمام حصول اختراق في مواقف الأطراف الليبية المختلفة، خاصةً مع تزايد الضغط الأمريكي، وتوقف الحلفاء الخارجيين عن دعم أطراف النزاع الليبي.