مع اقتراب موعد تنظيم الانتخابات الرئاسية الليبية المقررة في 24 ديسمبر المقبل، تتصاعد الدعوات لتوفير مناخ مناسب، وتهيئة الظروف القانونية والدستورية لاحترام آجال الاستحقاقات المتفق عليها، وذلك لتحقيق أهداف السلطة التنفيذية والمواطن الليبي التي يأتي في مقدمتها إخراج المرتزقة بشكل منظّم يسمح بتفادي مزيد من التوتر الأمني داخليا، وعلى مستوى الجوار.
يحظى ملف إخراج المرتزقة باهتمام بالغ من طرف المجتمع الدولي مع التحضير لإجراء الانتخابات الرئاسية الليبية، ويشكّل هذا الملف الصّعب رهانا كبيرا لصدق نوايا الأطراف الرئيسية والدول الفاعلة في المشهد السياسي الليبي، الداعية إلى طي صفحة الخلافات وإعطاء إشارات واضحة على احترام موعد الاستحقاقات.
وشدَّد مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، على الضرورة الملحة للانسحاب الفوري لجميع المقاتلين والمرتزقة الأجانب من ليبيا؛ لكنّه أكّد على ضرورة ضمان إجراء الانسحاب «بطريقة منظّمة ومنسّقة وتدريجية»، معربًا عن قلقه البالغ إزاء تأثير نزوح القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا إلى دول ومناطق أخرى في أفريقيا، ما يشكل تهديدًا أمنيًا خطيرًا.
انسحاب فوري
مع سعي بعض الأطراف الدولية إلى تأجيج الوضع في المنطقة، حذَّر المجلس من أنّه لن يتردّد في تسمية وفضح أولئك الذين يواصلون تأجيج الصراع في ليبيا، بما في ذلك من خلال توريد الأسلحة والمعدات العسكرية، وبالتالي انتهاك حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة.
وأكّد بيان صادر عن الاجتماع الوزاري 1035 للمجلس، عقد حول التأثير المتوقع لانسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا على منطقة الساحل وبقية أفريقيا، رفض المجلس أي تدخل في الشؤون الداخلية لليبيا، داعيًا إلى الوقف الفوري للتدخل الخارجي، وداعيًا الأطراف الليبية إلى بذل كل جهد لضمان إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة وشاملة في 24 ديسمبر المقبل، وفق خارطة طريق منتدى الحوار السياسي الليبي، بما في ذلك الترتيبات لضمان المشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة للنساء والشباب، لبناء حكم ديمقراطي قوي يعزز السلام المستدام.
دعم الانتخابات
تصب جهود السلطة التنفيذية الليبية حاليا والشركاء الدوليين على التحضير الجيد للاستحقاقات لاسيما من الناحية القانونية. وفي هذا الصدد، ناشدت الدول الأعضاء في مجلس السلم والأمن الإفريقي والشركاء تقديم الدعم اللازم للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا، بينما طلب من مفوضية الاتحاد الإفريقي العمل عن كثب مع السلطات الليبية، وتقديم الدعم اللازم لإجراء الانتخابات في الوقت المناسب.
وأوضح المجلس، أنه يتطلع إلى الاجتماع الوزاري الليبي المقبل في 21 أكتوبر 2021، والذي يهدُف إلى تعزيز الإجماع الدولي لانسحاب شامل للعناصر الأجنبية من ليبيا، وإعادة توحيد المؤسسات العسكرية الليبية، داعيا إلى تنسيق حقيقي فعلي بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، بالتعاون الوثيق مع البلدان المجاورة، في وضع وتنفيذ خطة انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، من أجل ضمان ألاّ يؤثّر انسحابهم سلبًا على الاستقرار من المنطقة.
تثمين الدّور الجزائري
أيّد اجتماع مجلس السلم والأمن الإفريقي نتائج الاجتماع الوزاري لدول الجوار الليبي المنعقد في 30 و31 أوت الماضي بالجزائر، أعرب عن تقديره لـ «الجهود المتواصلة التي تبذلها الجزائر من أجل استعادة السلام والاستقرار وتحقيق المصالحة الوطنية في ليبيا»، داعيًا إلى دعم المجتمع الدولي لمؤتمر المصالحة الوطنية الليبية المزمع تنظيمه من قبل الاتحاد الؤفريقي بالتنسيق الكامل مع دول الجوار.
وأمام حاجة الشعب الليبي إلى مساعدة دولية لتحقيق الاستقرار، طلب المجلس من مفوضية الاتحاد الإفريقي، تعبئة الموارد بالتعاون مع السلطات الليبية والدول الأعضاء الأخرى، لدعم الجهود الليبية لوضع خطّة «محورها الناس»، لإصلاح قطاع الأمن وتصميم قوي لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج، للتخفيف من عودة ظهور الجماعات المسلحة، ومساعدة البلدان الأصلية للمقاتلين العائدين والمرتزقة في القارة، بما في ذلك التصدي لتدفق الأسلحة غير المشروعة.
ورحّب بإيفاد فريق متعدّد الأبعاد من مفوضية الاتحاد الإفريقي، لتقييم الاحتياجات في ليبيا، وتحديد المجالات التي يمكن أن يقدم فيها الاتحاد الإفريقي الدعم، بهدف تحقيق الاستقرار في البلد وتقديم تقرير إلى المجلس خلال الربع الأول من 2022.