دعا رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، خلال افتتاحه للقاء الحكومة الولاة، السبت الفارط، بالجزائر العاصمة، الولاة الى التحلي بالشجاعة وعدم الخوف، مؤكدا على ان تعزيز الترسانة القانونية لمحاربة الفساد مقترن بالالتزام بحماية المسؤولين النزهاء، وكشف الرئيس تبون عن قرارات هامة لدعم التنمية في لقاء يعتبر الثالث من نوعه، والذي حمل معطيات وأرقام مشجعة على انطلاقة اقتصادية مبنية على أسس صلبة.
خلال اللقاء الذي احتضنه قصر الأمم والذي تحمل طبعته الثالثة عنوان: “إنعاش اقتصادي، توازن إقليمي وعدالة اجتماعية”، أكد الرئيس في كلمته الافتتاحية أن هذا اللقاء هو فرصة لـ “التقييم والتقويم واستشراف ما ينتظرنا من جهد لبلوغ ما سطرناه من أهداف على المدى القصير والمتوسط والبعيد في مسار تكريس دولة القانون وارساء قواعد الحوكمة وضمان الانصاف الاجتماعي وإعادة التوازن الإقليمي”.
وكشف الرئيس تبون عن أرقام ومعطيات تظهر “بداية خروج الجزائر من النفق” الذي كانت تعاني فيه لسنوات من “اقتصاد ريعي موجّه نحو الاستيراد”، مؤكدا أن أوّل دلائل الانتقال الاقتصادي هو بلوغ قيمة الصادرات خارج قطاع المحروقات، مع نهاية السنة الجارية 4.5 مليار دولار، وذلك “لأول مرة منذ ما يفوق عشرين سنة”، حيث تم تجاوز قيمة صادرات بأقل من 2 مليار دولار سنويا و«وصلنا حاليا إلى تصدير ما قيمته 3.1 مليار دولار”.
مؤشرات إيجابية وتجريم المضاربة
من المؤشرات الإيجابية أيضا، مثلما أكده رئيس الجمهورية، أن الجزائر “على وشك تحقيق توازن في ميزان المدفوعات”، وبالتالي تحقيق انطلاقة جديدة للاقتصاد الوطني”.
من شأن هذه الانطلاقة تعزيز مكانة وقوة الجزائر باعتبارها “قوة إقليمية ضاربة تجلب السلام في المنطقة باعتراف دول العالم”.
من منطلق قوة الدولة وسلطتها “المستمدة من الشعب”، أعلن رئيس الجمهورية بذات المناسبة عن عدة قرارات بطابع اقتصادي واجتماعي، حيث أعلن دعم مسعى تعزيز الترسانة القانونية لمحاربة الفساد، مع الالتزام بحماية المسؤولين النزهاء بنظام قانوني خاص لتشجيع المبادرة وتسهيل الاستثمار.
ولحماية المواطن وصون كرامته، أسدى الرئيس تعليمات بإعداد نصوص قانونية تجرم عملية المضاربة في المواد الأساسية، وأعلن من جهة أخرى أن منحة البطالة سيتم تفعيلها خلال الشهرين المقبلين في إطار قانون المالية لسنة 2022، فيما أمر بتخصيص مناطق نشاط لصالح أصحاب المهن.
توصيات بتنمية مدمجة ومتجانسة ومستدامة
أوصى المشاركون في لقاء الحكومة الولاة، الأحد الماضي، باعتماد تنمية “مدمجة ومتجانسة ومستدامة”، من أجل معالجة إشكالية التوازن الإقليمي.
وأكدت توصيات الورشة الثانية من اللقاء والتي ناقشت موضوع “تنمية متوازنة للإقليم”، أن “معالجة إشكالية توازن الإقليم تتم عبر تنمية مدمجة ومتجانسة ومستدامة، في ظل إستراتيجية وطنية شاملة وواضحة المعالم”.
ودعا المسؤولون والخبراء المشاركون في هذه الورشة، إلى خلق جاذبية للاستثمار من خلال استغلال موارد مختلف مناطق الوطن.
أكدوا على ضرورة وضع حيز التنفيذ، والتوجيهات الاستراتيجية لمخطط تهيئة الإقليم وتحيينها، مع تمديد آجال تنفيذ هذا المخطط على المدى الطويل (2040) ووضع برنامج استدراكي لولايات الجنوب.
حث المشاركون على انهاء مشاريع المدن الجديدة على غرار مدينتي بوغزول وحاسي مسعود، مع وضع مخططات تنموية خاصة بالمناطق الجبلية.
كما تم إبراز أهمية استكمال مخطط تهيئة المدن الحدودية وإنشاء مناطق تجارية حرة بهذه المناطق لتعزيز التبادل التجاري مع دول الجوار.
أوصى منشطو هذه الورشة باعتماد تقسيم إداري جديد من أجل انشاء ولايات ودوائر وبلديات جديدة وإحصاء الموارد والطاقات لمختلف المناطق مع إعداد مخططات تنمية للاستثمار.
مراجعة نظام التشغيل في الجنوب والهضاب
وفي المجال الفلاحي، تمت الإشارة إلى أهمية تصنيف فضاءات الانتاج الفلاحي لتحقيق الأمن الغذائي وتطوير الصناعات التحويلية، وتطوير إنتاج الحبوب والزراعات الزيتية لتقليص فاتورة الاستيراد مع اللّجوء للتكنولوجيات الحديثة.
فيما يتعلق بملف الشغل، دعا المجتمعون إلى إعادة النظر في القوانين الأساسية ووضع تحفيزات خاصة ببعض الوظائف في المناطق المعزولة بالإضافة إلى مراجعة نظام التشغيل في مناطق الجنوب والهضاب العليا.
أكدوا على ضرورة رفع التجميد عن نشاط النقل الجماعي ونقل البضائع على مستوى المناطق الريفية ورفع التجميد الذي تم تقريره، سنة 2005 على النشاطات الاقتصادية في منطقة حاسي مسعود.
إنجاز مجمعات تعليمية تضّم كل الأطوار
وفي قطاع التربية، تمت الدعوة إلى وضع ميكانيزمات تحفيزية للمؤسسات الاقتصادية من أجل إدماج المتخرجين من قطاع التكوين المهني، إلى جانب إنجاز مجمعات تعليمية تضم كل الأطوار وتعميم الإطعام المدرسي ودعم النقل المدرسي.
في مجال الصحة، تم التأكيد على ضرورة تعزيز الرعاية الصحية ودعم حظيرة السيارات بعيادات متنقلة وسيارات إسعاف.
أما بالنسبة لتنمية الولايات العشر الجديدة، فيرى المشاركون في الورشة الثانية ضرورة دعم التوظيف الخارجي بها ووضع تحفيزات لذلك مع وضع برنامج استدراكي وتأهيلي في مجال التنمية وانجاز المنشآت القاعدية.
تمت الدعوة إلى إعداد مخطط استثماري خاص يتوافق مع خصوصيات كل منطقة، مع التشديد على أهمية تجسيد الديمقراطية التشاركية وتفعيل دور المجلس الاستشاري البلدي.