طباعة هذه الصفحة

تكريم أوّل وزير للمجاهدين بعد الاستقلال، محمدي السعيد

المجاهـد الذي أجـاد إدارة الصراع مـع العـــدّو

سهام بوعموشة

 اكتسب الخبرة العسكرية بعد تجنّده في الجيش الألماني

أكد المتدخلون في الندوة التاريخية التي نظمتها، أمس، جمعية مشعل الشهيد بالتنسيق مع المتحف الوطني للمجاهد بمقر هذا الأخير حول المجاهد الفقيد محمدي السعيد المدعو سي ناصر على البعد الإنساني للرجل وسلوكه الطيب مع أبناء وأرامل الشهداء وساهم في إصدار قوانين تتعلق بحقوق المجاهدين وأرامل وأبناء الشهداء، مبرزين فلسفته في كيفية إدارة الصراع مع العدو الفرنسي سياسيا، عسكريا ودبلوماسيا، كما دعوا لتبليغ رسالته إلى الأجيال الصاعدة.
قال وزير المجاهدين وذوي الحقوق العيد ربيقة في كلمة ألقاها نيابة عنه ممثل الوزارة عبد الحفيظ خلاف أن تكريم المجاهد الفقيد محمدي السعيد الذي عين أول وزير للمجاهدين بعد الإستقلال من أنبل الواجبات، وهي تثمين لنضال الراحل وجهوده في خدمة الوطن بعد الإستقلال، وأن تكريمه هو تكريم لقوافل الشهداء والمناضلين المخلصين إبان الثورة التحريرية.
يضيف وزير المجاهدين: “نعلق أمالا على أجيال المؤرخين الوطنيين الموضوعيين لترسيخ الحفاظ على ذاكرتنا الوطنية”، واستعرض الوزير بإسهاب المسيرة النضالية للمجاهد الذي إكتسب الخبرة العسكرية بعد تجنده في الجيش الألماني، حيث التحق بحزب حركات الانتصار للحريات الديمقراطية إخلاصه أثار انتباه زملائه وأصبحوا ينظرون له بارتياح فكلف بقيادة الولاية الثالثة التاريخية بعد مؤتمر الصومام خلفا لكريم بلقاسم ثم كلف بقيادة العمليات العسكرية.
من جهته، دعا المدير العام للمتحف الوطني للمجاهد مراد وزناجي إلى التعاون والتنسيق خدمة لتاريخ أمتنا وحفاظا على ذاكراتنا.

حث على ثوابت الأمة والمحافظة على الإسلام

واستعرض الدكتور زيدان قاسمي من جامعة البويرة المسيرة النضالية للفقيد بالقول إن هذه الشخصية التاريخية جديرة بالدراسة وما أحوجنا لاستلهام الكثير من الدروس والعبر منها، ويؤكد أن سي ناصر حافظ على شخصيته المتزنة منذ انضمامه إلى الحركة الوطنية إلى غاية وفاته في 6 ديسمبر 1994.
ويوضح الدكتور زيدان أن المرحوم ولد بتاريخ 27 ديسمبر 1912 بقرية أتفراح بالأربعاء ناث إيراثن، هذه المنطقة أنجبت خيرة أبناء الأمة وقد عاصر شخصيات في المنطقة، حيث درس الكتاتيب القرآنية بالمنطقة وتربى في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ليلتحق فيما بعد بحزب الشعب الجزائري، ويؤكد المتحدث أن محمدي السعيد كان يمتلك استيراتيجية حرب ذات خبرة واسعة بوضعه خطة شجاعة جدا وهي الجوسسة المضادة، وذلك لإحباط عملية العصفور الأزرق، سنة 1955، بعد أن حاولت الإدارة الإستعمارية إختراق الثورة بالولاية التاريخية الثالثة. وقاد عدة معارك ثم انتقل إلى مركز القيادة الشرقية الذي أنشأته الثورة، سنة 1958، حيث ساهم كثيرا في التدريب والتحكم في تمرير السلاح.
يضيف الأستاذ الجامعي أن الفقيد عين مرتين وزيرا بالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، ثم وزيرا للمجاهدين بعد الإستقلال فنائب رئيس الجمهورية ثم عضو اللجنة المركزية مرتين، ويكشف الباحث أن كل مراسلات محمدي السعيد تحمل التوجيه وحث الجنود على الإنضباط داخل المجتمع والجيش، ويشدّد على وحدة الصفوف والقيادة والتنسيق بين الولايات وفي آخر مراسلة له في مارس 1962 ينبه أولحاج حول بعض الذين يريدون زعزعة الولاية الثالثة.
ويبرز المتحدث أنه من ملامح شخصية محمدي السعيد هو الحث على ثوابت الأمة والمحافظة على الإسلام والصلوات الخمس قبل وأثناء وبعد الثورة، وكان يحذر من الفوضى التي قد تؤسس لما هو أخطر فيما بعد. حيث حظي ببصيرة واستشراف للمستقبل، ويشير إلى أن الخطاب الأخير لسي ناصر، سنة 1967 مؤثرا جدا يظهر شخصيته الثابتة والداعية إلى الوحدة الوطنية.
يذكر صديقه شريف أوبترون الذي أصدر كتابا حول الفقيد أن هذا الأخير، إهتم كثيرا بأبناء وأرامل الشهداء وكان سلوكه إنساني معهم وتوجهاته كانت فكرا وممارسة وكان يؤمن بالجزائر الموحدة. ويضيف أن سي ناصر عمل في الجيش الألماني ثم ألقي عليه القبض من طرف السلطات الفرنسية بتهمة التعاون مع الألمان ليسجن في سجن لامبيز تازولت حليا لمدة ثمان سنوات، وللإشارة كرمت عائلة الفقيد.  
ودعا ممثل وزارة المجاهدين خلاف إلى إبراز عبقرية هذا الرجل ونضاله وفلسفته في كيفية إدارة الصراع مع العدو سياسيا، عسكريا ودبلوماسيا وإبراز البعد الإنساني فيه وكذا تسليط الضوء على قيمته في الذاكرة الوطنية وتبليغها للأجيال الصاعدة.