إنه من غير الممكن أن يكتب تاريخ بلد ما دون تواصل مستمر وقوي بين أجيال شعبه وأن يحرص الكل على الحفاظ على ذاكرة الأمة ومعالمها وتمجيد بطولات مراجعها وإنجازات رموزها.
هو إذا الشأن في بلد المليون ونصف مليون شهيد التي وبالرغم من كل العواصف الهوجاء التي مرت بها، والأطماع المتكالبة عليها، والأوضاع الإقليمية الخطيرة التي تحيط بها، تجعل اليوم من الحفاظ على اللحمة الوطنية بين أبنائها من كل الفئات والأجيال، معركة لا تقل من حيث الأهمية عن معركة البناء والتشييد التي تخوضها بكل سيادة خلال عشريات طوال.
وتترجم نية الحكومة الجزائرية، تنفيذا لبرنامج رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، اليوم في جعل كتابة تاريخ الثورة الجزائرية المجيدة، عملية ربط صلة بين أجيال الثورة والاستقلال والأجيال القادمة، هذا عن طريق خطة العمل التي تعتمدها حاليا وزارة المجاهدين بفتحها المجال واسعا للمشاركة مع العديد من مؤسسات الدولة وكذا فعاليات المجتمع المدني.
وكشف وزير المجاهدين الطيب زيتوني بهذا الخصوص من “منتدى الشعب”، عن عملية تنسيق واسعة بين القطاع وكل من وزارات التربية الوطنية، التعليم والتكوين المهنيين، الشباب والتعليم العالي والبحث العلمي وكذا منظمة الكشافة الجزائرية الإسلامية.
وتعتمد خطة وزارة المجاهدين، التي انطلق في تنفيذها ولاقت، بحسب الوزير، ترحابا واهتماما كبيرين من قبل الوزارات الأخرى، على السهر على زرع روح الوطنية وحب التاريخ والتعريف برموز الثورة في أوساط الشباب والأطفال، وهذا عن طريق تنظيم أيام إعلامية وأبواب مفتوحة بالمتاحف ومراكز البحث والدراسات لفائدة الشباب وتلاميذ المدارس وطلاب الجامعات، يشارك فيها مجاهدون ومجاهدات وباحثون في التاريخ، حتى يتسنى للنشء الصاعد الاحتكاك عن قرب بمن صنعوا أمجاد وطنه واسترجعوا سيادته.
وأكد وزير المجاهدين، على الدور الهام الذي على المتاحف أن تلعبه اليوم في التعريف بالصورة الحقيقية لثورة الجزائر الكبرى ولرموزها، إذ عليها أن لا تقتصر على دور حفظ الوثائق والمخطوطات فحسب، بل لابد أن تكون تلك الفضاءات المفتوحة للمواطن ومراكز الإشعاع التي تساهم بجدية في توفير مادة البحث للباحثين والتعريف بتاريخ الجزائر المكافحة من أجل سيادتها وتقرير مصير شعبها، عن طريق تنظيم ندوات ونقاشات وأبواب مفتوحة ومعارض لفائدة الأجيال الصاعدة”.
وتدخل هذه العملية، في إطار الواجب الثقافي والتاريخي المنوط بوزارة المجاهدين، التي يقول المسؤول الأول عنها، إن من مسؤولياتها التكفل بالجانب الاجتماعي للمجاهدين وذوي الحقوق، لكن هي مطالبة أيضا بالحفاظ على الذاكرة الوطنية والسهر على جمع كل الشهادات والوثائق المتعلقة بثورة أول نوفمبر المجيدة وتبليغ رسالة الشهداء للأجيال الصاعدة وغرس حب الوطن والتضحية فيهم.