طباعة هذه الصفحة

نقابيون وجمعيات يثمّنون مراجعة الأجور 

50 ألف دينار الحد الأدنى لحماية القدرة الشرائية

هيام لعيون

دعا خبراء اقتصاد وناشطون في جمعيات لحقوق المستهلك ونقابيون، الحكومة لاعتماد سياسات واضحة إزاء قضية مراجعة شبكة الأجور، التي كشف عنها الوزير الأول ووزير المالية أيمن بن عبد الرحمن، خلال عرضه لمخطط الحكومة أمام البرلمان مؤخرا، وهذا لحماية المواطنين من تحرير الأسعار، الذي أدّى إلى انهيار القدرة الشرائية للمواطن بصفة خطيرة، بفعل عدة عوامل أهمها التراجع الكبير لقيمة الدينار، والأزمة المزدوجة الصحية والاقتصادية التي تضرب البلاد إثر تهاوي أسعار النفط.

من جهته، ثمن رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية الياس مرابط في تصريح لـ»الشعب»، قرار المراجعة في انتظار تجسيده على أرض الواقع، مبرزا أنه يجب إعطاء أكثر توضيحات فيما يخص كيفية التنفيذ، وآجال التنفيذ ومستويات القيمة التي تضاف لمستوى الأجور المتدنية بصفة خطيرة، بسبب تراجع قيمة الدينار وارتفاع نسبة التضخم، وغيرها التي تسببت في تراجع القدرة الشرائية للمواطن».
مرصد وطني للقدرة الشرائية
وأبرز مرابط أنه «لا نستطيع الاستمرار في رفع الأجور دون مراعاة محاور أخرى، مثل التحكم في نسبة التضخم، رفع مستويات الإنتاج في قطاعات مختلفة، بما فيها تحسين القطاعات الخدماتية والتحكم في سوق المضاربة واحتكار السلع، وفرض منطق مستويات أجور لا يراعي القدرة الشرائية للمواطنين، حيث طلبنا كنقابات ومنذ سنوات بإنشاء مرصد وطني للقدرة الشرائية يضم ممثلين عن الحكومة، النقابات العمالية والجمعيات الناشة في حقوق المستهلك، للعمل على مراقبة ومرافقة الاختلالات والتذبذبات التي تمس القدرة الشرائية للمواطن بصفة عامة، ولم لا أن تكون أداة لدق ناقوس إنذار للحكومة للحفاظ على القدرة الشرائية في مستوى مقبول؟».
كما طالب مرابط، وقبل تنفيذ القرار، بضرورة «الخوض مع النقابات الفاعلة الممثلة للعمال والموظفين في المحاور الأخرى، على أساس حوار اجتماعي شامل، يضمن حضور كل النقابات الفاعلة والممثلة حقيقة، إلى جانب الباترونا والحكومة، في لقاءات ثنائية ـ نقابات حكومةــ، أو ثلاثية، تجمع القطاع الاقتصادي وقطاع الوظيف العمومي، بما يمثله من نقابات وأرباب العمل والحكومة، وهو ما يضمن بناء الحوار الاجتماعي السليم، ويدعم مخططات الحكومة في إطار رفع الأجور وبعث الإنتاج وتحسين الخدمات».
إصلاح عميق للضريبة
قال الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد سواهلية، إنّ الإعلان عن قرار مراجعة شبكة الأجور، إجراء ظرفي فقط للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن التي انهارت وتتواصل في الانهيار يوما بعد يوم، في ضوء التراجع الكبير لقيمة الدينار الذي جعل هذا الإجراء ضروريا، معتبرا إياها «مسكّنات لوضع اجتماعي صعب»، ــ فهو في نظره ــ ليس إجراء استراتيجيا، لأن مراجعة الأجور التي تحدثت عنها الحكومة تتعلق بالقطاع العمومي فقط، وما محل القطاع الخاص، وأصحاب المهن الحرة، لذلك ليس هو الحل الأمثل لتحسين القدرة الشرائية».
وأشار سواهلية في حديث مع «الشعب»، إلى ضرورة الذهاب إلى إجراءات إستراتيجية أخرى، مثل تغيير قيمة العملة التي تحتاج إلى ظروف خاصة، منها استقرار البنك المركزي واستقلالية السياسة النقدية عن الإجراءات الحكومية، في ظل «تحكم» السلطات في قيمة الدينار، مشددا على ضرورة «التوجه نحو البحث عن مناصب شغل إضافية، على إثر الأضرار التي ألحقتها جائحة كورونا بقطاع الشغل وقطاع الخدمات والتجارة والسياحة وغيرها، حيث أحيل المئات من الجزائريين على البطالة»، معتبرا مراجعة الأجور عبئا إضافيا على الخزينة العمومية، إضافة إلى أن الزيادة في الأجور قد تؤدي إلى تضخم، وكأننا نجابه ارتفاع الأسعار بارتفاع الأجور فقط، وهو خطأ استراتيجي».
في السياق، تحدث عن الإجراءات الاستشرافية التي تضمنها مخطط الحكومة، حيث يمكن جلب استثمارات محلية وأجنبية واستحداث فرص عمل، وتنافس في توفير مختلف السلع والخدمات، والاعتماد على الصادرات لجلب العملة الصعبة، وهي إجراءات إستراتيجية، وقتها فقط يمكن الحديث عن الذهاب إلى إجراءات أخرى للحفاظ على قيمة الدينار».
وحول سؤال متعلق باعتماد السعر المرجعي لبرميل البترول الذي يراوح سعره حاليا متوسط 70 دولارا لمراجعة شبكة الأجور، يؤكد سواهلية «وجوب توسيع الجباية المحلية ورقعة الاستثمارات، خاصة وأنه قد تم التأم، أمس، لقاء الحكومة مع الولاة، وهي فرصة لدراسة الأمر، حيث يجب على السلطات المحلية دراسة الأمر، باعتبارها من السلطة المالية، للشروع بإصلاحات أخرى مثل تبسيط الضريبة، وإصلاح عميق للمنظومة الضريبية».
وبخصوص الأجر الذي يجب أن يتقاضاه الجزائري ليعيش بكرامة، يعتقد سواهلية أن «الراتب الشهري يجب أن لا يقل عن 50 ألف دينار، أما أجر 20 ألف دينار، فقد جعل المواطنين يبحثون عن دخل إضافي ليستطيع العيش بكرامة، لعدم اكتفائهم بمنصب شغل واحد لتلبية متطلبات الحياة البسيطة».
تسوية مشاكل عمال الضرائب
من جهته، يعتقد الأمين العام للنقابة المستقلة لموظفي الضرائب عبد الحميد بوعلاق، أن مراجعة شبكة الأجور ترتبط بوجود بوادر إصلاح اقتصادي حقيقي، حيث يجب أن تسبقها خطوات إنعاش اقتصادي، مشددا على أن «قطاع الضرائب يستعد للدخول في إضرابات شهر أكتوبر الداخل، للضغط من أجل تلبية مطالبنا المتعلقة أساسا بمراجعة القانون الأساسي للقطاع الذي يحمل في طياته مراجعة العلاوات والمنح والنظر في الترتيبات ورفع الأجور وإصلاح القطاع».
«توازن في الأجور»
أما رئيس جمعية حماية المستهلك حسان منور، فيرى في حديثه مع «الشعب»، أن مراجعة الأجور اليوم مرتبط بأزمة اقتصادية تمر بها الجزائر، وهو ما يعقد الأزمة، بالنظر الى تدهور القدرة الشرائية للمواطن والغلاء الذي تعرفه السوق الوطنية، متسائلا «هل يدخل الأمر في إطار علمية شعبوية سياسية قبل موعد الانتخابات المحلية المقررة في نوفمبر المقبل؟».
ويطالب رئيس جمعية حماية المستهلك، بتوضيح «المعقول»، وهو في نظره «تدخل الدولة لضبط الأسعار، ووفرة المواد الغذائية الأساسية، والتوازن بين العرض والطلب، حتى تعتدل الأسعار ويحدث توازن في الأجور، حيث هناك فوارق بين مختلف طبقات المجتمع، هناك أجور عالية وأخرى متدنية كثيرا، لهذا، فإن هذه الوعود لابد أن تؤخذ بحذر حتى لا تتأثر ميزانية الدولة ولتفادي الوعود صعبة التحقيق.