دعا رئيس حزب جبهة المستقبل، عبد العزيز بلعيد، أمس، إلى مصالحة وطنية اقتصادية سياسية ومجتمعية تتعدى الجانب المالي، وطيّ مرحلة الاختلاسات والفساد والانطلاق في بناء الجزائر الجديدة، بالمرور إلى دولة قوية مستقرة للأجيال المقبلة، والاستفادة من تجربة المصالحة الوطنية للخروج من دوامة الإرهاب.
أوضح بلعيد في كلمة له بمناسبة افتتاح الدورة العادية للمجلس الوطني للحزب بفندق الرياض، أنّ المصالحة الوطنية ضرورية لطي الصفحة السابقة، خاصة وأنّ الجزائر مهدّدة في استقرارها واقتصادها وحدودها، والتركة كبيرة تتطلّب كفاءات جديدة وذكاءً قادرا على التكيّف مع التحديات التي تعقّدت أكثر بسبب الجائحة الصحية.
واقترح رئيس جبهة المسقبل التفاوض من أجل استرجاع الأموال المختلسة، فبعد تحقيق نوع من الاستقرار السياسي ها هي اليوم الانتخابات المحلية وبها سيتم الانتهاء من بناء المؤسسات السياسية، ما يعني ضرورة التوجه نحو بناء المؤسسات الاقتصادية ، و- حسبه - لابد من العمل على استرجاع الأموال المختلفة حتى وإن كان بالتفاوض مع الفاسدين، من أجل فائدة الجزائر، ولعل مخطط عمل الحكومة الذي تبنّى بعض الآليات القانونية من أجل تحقيق ذلك بالتفاوض أو التسوية الأدوية من خلال العمل بتغليب مصلحة الجزائر.
واعتبر المتحدّث أنّ الطّرق الكلاسيكية، أكّدت أنّها تتطلّب وقتا كبيرا، لهذا يجب الذهاب نحو طرق جديدة تحت مسمى «تفاوض» أو «تسوية وديّة» لا يهم، بحيث يجب العمل على استرجاع الاموال في أسرع وقت، والتفكير برؤية اقتصادية بحتة في معالجة مثل القضايا المالية وإنهائها لما تتسبب فيه من خسائر مالية معتبرة.
وأكّد أنّ مواقفه نابعة من قناعته بكل الأفكار التي يروّج لها، مغلّبا في ذلك مصلحة الجزائر وبقائها واقفة، وإيمانه بالحوار حول كل القضايا مع الجميع بين مختلف الأطياف لإيجاد الحلول المطلوبة، بعيدا عن الحسابات الضيقة.
وأشار بلعيد إلى أنّ فاسدين ما يزالون متواجدون في الساحة السياسية والاقتصادية وفي الخارج، وفيهم من يبيع ويشتري في المواقف، ولهذا فجبهة المستقبل كان لها موقف سياسي واضح تجاه السلطة التي كانت تحكم ولكن بعيدا عن العنف بل على أساس الأخلاق السياسية.
واعتبر المتحدّث أنّ الحياة الاقتصادية متوقّفة ما يفرض آليات وطريقة تسيير جديدة، والاعتناء بالإطار الجزائري وردّ الاعتبار للكوادر الوطنية، وفتح المجال للمبادرة من أجل آفاق أخرى وتحرير كل الطاقات من أجل الإبداع والابتكار بعيدا عن الشعبوية، فلحد الآن لم تدخل الجزائر لاقتصاد السوق حسبه، داعيا إلى توجيه الدعم الحقيقي المباشر للفئات المعنية به، فالدولة مطالبة بتحمّل مسؤوليتها تجاه هذه الفئات، والتشجيع على العمل والتسلح بالعلم، من أجل بناء الدولة القوية.
ويرى بلعيد أنّه على المسؤولين التحلي بالشجاعة السياسية لمواجهة الأخطاء، ومصارحة الشعب بالحقائق، للمضي نحو بناء حقيقي لدولة قوية، والالتفات لمواجهة التحديات وكل من يريد ضرب استقرارها، ولعل الحرائق الأخيرة تؤكّد ضلوع بعض الأطراف الأجنبية فيها، ما يفرض تماسك الجبهة الداخلية لتفويت الفرص على كل متربص، وفتح الباب أمام المبادرات الايجابية والخيّرة، وتبني آليات ديمقراطية جديدة.
في المقابل، اعتبر أنّ الطبقة السياسية لم تستطع تحمل مسؤولياتها في محطة من المحطّات، بسبب التحالفات المحسوبة والمساندة، وهو ما رفضته جبهة المستقبل، وسعت كما يقول للوصول للسلطة من أجل تغيير حقيقي، ولهذا دخلت اللعبة السياسية بالانتخابات الرئاسية.
وأكّد بلعيد أنّه لا يتفاوض على الجزائر، ولا يدخل في حسابات ضيّقة، بل فضّل السير مع المجموعة التي تقود التغيير، وشاركت جبهة المستقبل في الحكومة الحالية وتتحمّل أخطائها وإيجابياتها، مشيرا إلى ضرورة معالجة الأخطاء في وقتها.
وبخصوص الانتخابات المحلية، أشار إلى أنّها محطة أخرى لمواصلة بناء المؤسّسات وترسيخ المبادئ التي يؤمن بها حزبه، داعيا المنتخبين إلى التحلي بالمسؤولية، والعمل على زرع الثّقة ومصارحتهم بالوقائع.