لا يكاد المشهد السياسي الليبي يعرف استقرارا واضحا مع اقتراب موعد تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة نهاية ديسمبر المقبل، حتى تطفو إلى السطح خلافات بين الأطراف الرئيسية تتمحور حول أولويات تجاوز المرحلة الحالية بالتفاهم على قاعدة دستورية وقانون انتخابات تم إقراره قبل أيام ويحتدم الجدال حول بنوده التنظيمية.
بالرغم من تصاعد الخلافات بين بعض الأطراف الرئيسية الليبية، غير أنّها تبقى تحت خط الخطر فيما يتعلق بالحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في أكتوبر الماضي، ما يوحي باستقرار المرحلة التي تسبق تنظيم استحقاقات تاريخية إذا تمّ الاتفاق على آليات تنظيمها قبل الموعد المحدد.
وفي هذا الصدد، يرى متابعون أنّ المجتمع الدولي مطالب بتوفير كل الظروف اللازمة لإنهاء أزمة الصراع على القاعدة الدستورية وقانون الانتخابات، واستبعاد التدخل الخارجي في شؤون ليبيا الداخلية، وكذا السماح للشعب الليبي بالتعبير عن إرادته في الولوج لمستقبل جديد ينهي القطيعة تماما مع ممارسات مستبدة طبعت المشهد طيلة عقد من الزمن.
لكن استمرار الدعم الخارجي لأطراف على حساب أخرى قد يؤجل موعد الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر المقبل إلى أجل غير مسمّى، ما دامت الأطراف لم تتّفق على رؤية شاملة لتنظيمها وتصاعد حدة التجاذبات حول آلية انتخاب الرئيس التي يتقاطع مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في صلاحياتها فيما يتعلق بقانون الانتخابات محل الخلاف المتواصل منذ إقراره في التاسع من الشهر الجاري.
وفي هذا الصدد، أعرب المجلس الأعلى للدولة في ليبيا عن أمله في تأجيل الانتخابات الرئاسية بسبب ما سمّاها مخاوف حقيقية من دخول البلاد في حالة عدم الاستقرار، وذلك بعد إقرار المجلس مشروعي قانون للانتخابات الرئاسية والتشريعية المقرر إجراؤها أواخر العام الجاري، ومشروع للقاعدة الدستورية.
واقترح خالد المشري رئيس المجلس إجراء الانتخابات الرئاسية بعد الاستفتاء على الدستور، وأكّد أنّه ليس ضد انتخاب الرئيس من طرف الشعب، لكن هناك مخاوف من حدوث تغوّل ما، إذ أنّ مستوى التوافق في المجلس الأعلى للدولة بشأن القاعدة الدستورية والقوانين الانتخابية وصل إلى شبه إجماع، رافضا الاتهامات الموجّهة للمجلس بالعرقلة.
وأمام خلافه مع مجلس النواب يتمسّك المجلس الأعلى للدولة بالاختصاصات المنصوص عليها في الاتفاق السياسي، ويعتبر المجلس الأعلى للدولة أن مجلس النواب كان يصدر قوانين مخالفة للاتفاق السياسي، في حين يؤكّد على التمسك بإجراء الانتخابات في موعدها، لافتا إلى أنّ الشعب الليبي يعلّق آمالا كبيرة على هذه الانتخابات، وأنّ إجراءها في الموعد المحدّد ممكن وملائم.
وكان المجلس قد اعتمد مشروعي قانون انتخاب الرئيس وانتخاب مجلس الأمة المكوّن من غرفتين للنواب والشيوخ. واشترط مشروعا القانون على المرشح للرئاسة أو عضوية مجلس الأمة أن لا يكونَ من أفراد المؤسّسة العسكرية، أو أن يكون قد مضى عامين على الأقل على انتهاء خدمته. كما اعتمد المجلس الأعلى مشروع القاعدة الدستورية التي ستُجرى على أساسها الانتخابات الرّئاسية والتّشريعية المقرّرة يوم 24 ديسمبر 2021.