دافع الوزير الأول وزير المالية أيمن بن عبد الرحمن، أول أمس، عن مخطط عمل حكومته ورد على المشككين في تحقيق أهدافه بسبب عدم تحديد آليات وموارد وآجال تنفيذه، بالقول إنه «ليس سرابا يظنه الظمآن ماء، وإنما خطة محكمة ستطبق في الميدان وفق معايير متابعة شاملة لا تدع مجالا للارتجال والتسويف»، وتمسك بـ»التسوية الودية» لاسترجاع الأموال المنهوبة، بالرغم من رفض بعض النواب هذا الإجراء، مؤكدا أنها طريقة أثبتت نجاعتها دوليا، تخص الأشخاص المعنويين (الشركات) وليس الأشخاص الطبيعيين ولا تمس بالعقوبات المسلطة عليهم، كما تحدث عن تحركات لإعادة تنشيط المصانع العمومية «المغلقة» منذ تسعينيات القرن الماضي.
فصل أيمن بن عبد الرحمن، في رده على انشغالات نواب المجلس الشعبي الوطني، بعد 4 أيام من مناقشة مخطط عمل الحكومة، خاصة في التساؤلات التي شكلت اهتماما مشتركا لدى جميع النواب، منها غياب آجال محددة لتنفيذ مخطط عمل الحكومة وكذا غياب المؤشرات والأهداف الكمية وآليات التنفيذ ومصادر التمويل.
وقد أبرز الوزير الأول، أن هذا المخطط يحتوي على المحاور الكبرى لبرنامج عمل الحكومة وتم تقديم فيه أهم السياسات العمومية التي ستترجم إلى سياسات قطاعية تحدد فيها جميع البرامج المسجلة إلى آفاق 2024، موضحا أن كل القطاعات الوزارية ستعكف على ترجمة المخطط إلى إجراءات عملياتية، حيث وجهت تعليمات الوزراء عند إعداد هذا المخطط لوضع أوراق طريق قطاعية تتضمن بالأساس المواعيد المسطرة كآجال لتنفيذ المشاريع، مع تحديد الأهداف الكمية بدقة.
وأكد في رده على الانشغال المتعلق بترتيب أولويات برنامج عمل الحكومة، أن «كل ما هو مسطر في البرنامج يعتبر أولوية، وجب التقيد بتنفيذ الآليات الموضوعة من أجل التكفل بها. فمحاربة الفساد، الرشوة والرداءة أولوية، محاربة التهرب الضريبي، فك العزلة وفتح الطرق وإطلاق المشاريع الاستثمارية أولوية، إصلاح المنظومة البنكية والمصرفية أولوية، استرجاع العقار الصناعي الفلاحي والسياحي المنهوب أو غير المستعمل أولوية، إعادة إنعاش النسيج الصناعي الوطني أولوية،واستعادة ثقة المواطن أولوية الأولويات».
وأعلن عن وضع آلية على مستوى مصالحه لمتابعة تنفيذ كل الالتزامات الواردة في المخطط، على أن يتم إعداد تقارير دورية تنشر في وقتها تكريسا لمبدإ الشفافية» قبل أن يضيف، ردا على كل المشككين، أن هذا البرنامج «ليس سرابا يظنه الظمآن ماءً وإنما خطة محكمة ستطبق في الميدان وفق معايير متابعة شاملة لا تدع مجالا للارتجال ولا للتسويف».
أما بخصوص الاستمرارية في برنامج الحكومة السابقة وعدم تحديد نقطة التحول، ذكر أن الأمر يتعلق بتطبيق برنامج رئيس الجمهورية الذي يتضمن التزاماته 54. كما أن حصيلة الحكومة السابقة لسنة 2020 والسداسي الأول لسنه 2021 فهي في موقع الوزارة الأولى والحصيلة القطاعية منشورة في موقع الوزارات ويمكن الاطلاع عليها بكل شفافية.
واسترسل قائلا: بالرغم من عديد النقائص والسلبيات نتيجة تراكم سنوات عديدة أخذها برنامج الرئيس بعين الاعتبار ضمن برنامج تنموي نهائي شامل، إلا أنه من الإجحاف أن نعطي صورة سوداوية قاتمة تضر بسمعة بلادنا وننكر المكاسب التي تم تحقيقها والتي أشادت بها حتى تقارير دولية في مجال التنمية البشرية التي تعتبر الجزائر في مقدمة الدول الأفريقية بل في المرتبة الثالثة، حيث بلغ مؤشر التنمية البشرية 0.487 وهو مؤشر جد عال على المستوى الدولي وهي مصنفة في الرتبة 84 على مقياس 187 دولة وتترجم هذا التحسن وفق عدة مؤشرات الاجتماعية التي لا يجب الاستهانة بها مقارنة مع الدول التي مازالت تعاني تأخرا في هذا المجال. وذكر على سبيل المثال لا الحصر، معدلات الربط بالكهرباء التي قاربت 99 بالمائة والغاز تجاوز 65 بالمائة وشبكات المياه 98 بالمائة معدل التمدرس فاق 89 بالمائة، بالإضافة إلى ملايين السكنات الاجتماعية الموزعة والمبرمجة للإنجاز.
مصادر بديلة لتمويل المخطط
وبخصوص مسألة تمويل المخطط، أشار بن عبد الرحمن إلى أن مخطط عمل الحكومة الذي يهدف إلى إنعاش الاقتصاد وتنويعه، يستند إلى تنفيذ آليات جديدة لتمويل الاقتصاد من شأنها أن تقلل الاعتماد على عائدات المحروقات، موضحا أن ميزانية الدولة مبنية على 30 بالمائة من عائدات المحروقات و70 بالمائة من الجباية العادية، وتمثل عائدات المحروقات ما يقارب 96 إلى 97 بالمائة من عائداتنا بالعملة الصعبة لذلك وجب التنويه والتفريق بين المعيارين.
ومن بين الانماط الجديدة التي ستستعمل في تمويل الاقتصاد «اللجوء إلى السوق المالية عبر تنشيط البورصة وترقية دور البنوك في مرافقة ودعم الاستثمار والمؤسسات، فضلا عن فتح رأسمال البنوك العمومية وفتح بنوك خاصة جديدة وترقية التمويل الإسلامي، إلى جانب اللجوء إلى الشراكة بين القطاعين العام والخاص من أجل تمويل مشاريع قاعدية اقتصادية مهيكلة ومستحدثة للمناصب الشغل».
وذكر أنه لغاية اليوم يمثل التمويل المصرفي الواقع السائد في مجال تمويل الاقتصاد الوطني، حيث بلغ إجمالي القروض الممنوحة للاقتصاد من قبل البنوك إلى غاية 30 جوان 2021 ما قيمته 10 آلاف و387 مليار دينار، منها 5 آلاف و65 مليار دينار، أي بنسبة 49 بالمائة، منحت للقطاع الخاص وتشكل القروض الاستثمارية 71 بالمائة من الالتزامات العامة للبنوك بإجمالي 7410 مليار دينار جزائري.
كما يتم تطوير أدوات أخرى مثل الإيجار المالي والرأسمال الاستثماري ورؤوس الأموال. وقد أطلقت العديد من المبادرات لتحسين وتنويع حصول المؤسسات على التنويع، سيما الرأسمال الاستثماري والإيجاري وسوق الأوراق المالية ويبلغ عدد المؤسسات النشطة في الإيجار المالي حاليا 16 شركة ويبلغ إجمالي المبلغ المستثمر 162 مليار دينار جزائري نهاية ديسمبر 2020.
وأضاف، أن التمويل الإسلامي يشكل الأداة المهمة لتعبئة المدخرات وتمويل الاقتصاد، كما يسهل الإدماج المالي وذلك بامتصاص السيولة المكتنزة أو المتداولة في السوق الموازية، وهذه آليات من شأنها تقديم أدوات مكيفة للمستثمرين، لاسيما من خلال إصدار سندات التمويل التشاركية من نوع صكوك وتكييف المدخرات والقروض. وأحصى في هذا الصدد فتح 310 شباك للصيرفة الإسلامية، وأكثر من 15 الف حساب بإيداع ما مجموعه 10 آلاف مليار دينار جزائري.
وفيما يتعلق بتمويل المشاريع الكبرى المهيكلة، أوضح الوزير الأول أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص من شأنها أن يكون لها عائد على الاستثمار على المدى المتوسط، وهي تشكل أداة بديلة لأساليب التمويل التقليدية ستلجأ إليها السلطات العمومية من خلالها إلى مقدمي الخدمات من القطاع الخاص من أجل تمويل وإدارة واستغلال المرافق العمومية، وسيتم مناقشة القانون المتعلق بالشراكة بين العام والخاص في الأيام المقبلة.
فيما يخص الانشغال المتعلق بإصلاح المالية العمومية، قال بن عبد الرحمن إن الحكومة «وضعت أهدافا أساسية لتعزيز عصرنة القطاع المالي من خلال إرساء سبل رصينة في مجال تسيير شفاف للمالية العمومية والعمل على مواصلة إصلاح الجباية والميزانية والمحاسبة والأملاك الوطنية والجمارك وكذا القطاع المصرفي من خلال ترقية دوره في مجال التجارة الإلكترونية، كما تقرر مواصلة إصلاح المنظمة المالية من خلال تجسيد مجموعة من الاستراتيجيات تتعلق بالإصلاح الميزانياتي، ويدخل القانون حيز التنفيذ ابتداء من 2023، في حين ستقوم الحكومة قبل نهاية العام برقمنة الصفقات العمومية بتحسين الشفافية وأداء الإنفاق العام، وهذا التوجه مكرس في المشروع التمهيدي المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالصفقات العمومية وفقا لأحكام المادة 139 الفقرة 10 من دستور 2020، وسيتم عرض مشروع هذا القانون على البرلمان في أقرب الآجال.
وفي هذا السياق، أعطى الوزير الأول أرقاما وصفها بـ»المهولة» عن حجم عن الأموال المخصصة لإعادة تقييم المشاريع العمومية نتيجة عدم الإنضاج وعدم التحكم في الآجال، حيث بلغ الغلاف المالي من 2005 إلى 2020 ما مقداره 8900 مليار دينار، مؤكدا عدم السماح من الآن وصاعدا بتسجيل المشاريع العمومية ما لم تكن خاضعة لدراسة جدوى عملية وعميقة».
ومن أجل تشجيع الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال وتسهيل وتبسيط الإجراءات على المستثمرين وحاملي المشاريع، تعكف الحكومة على مراجعة قانون الاستثمار لجعله يتماشى مع سياسة الدولة الرامية لتنويع الاقتصاد خارج قطاع المحروقات، سيقدم للمناقشة في الأيام القادمة.
وقال بن عبد الرحمن، إن «هذه المراجعة ستأخذ بعين الاعتبار مختلف الانشغالات التي عبر عنها المتعاملون الاقتصاديون لرفع المعوقات والعراقيل التي حالت دون تحقيق المشاريع الاستثمارية، مع الحرص على أن يعد هذا القانون وفق نظرة استشرافية تهدف إلى الأخذ بالحسبان التحولات التي يعرفها الاقتصاد الوطني وحركات الاستثمار الأجنبية حتى نضمن استقرار المنظومة القانونية المتعلقة بالفعل الاستثماري، خاصة من خلال إنشاء الشباك الوحيد للاستثمار. كما ستأخذ عملية الإصلاح بعين الاعتبار توصيات الخبراء والمختصين ومقترحات النواب لوضع مناخ أعمال أكثر ملاءمة ومستقطبا للاستثمار».
وكشف عن القيام بدراسة عميقة لجميع الملفات الاستثمارية المتراكمة قصد رفع العراقيل عنها، مع إعطاء الأولوية للاستثمارات الحقيقية التي من شأنها تحقيق الثروة واستحداث فرص العمل.
2790 مليار دينار حجم التطهير المالي
وعرج الوزير الأول في رده على وضعية المؤسسات العمومية التي بقيت في وضعية صعبة، بالرغم من حجم الغلاف المالي الموجه للتطهير المالي لها منذ 1991 إلى غاية جوان 2021، والذي بلغ حوالي 2790 مليار دينار، معلنا إعادة النظر في حوكمة هذه المؤسسات وتسييرها وإخضاعها لدفتر عقود بأحكام صارمة لتشكل رافدا هاما للإقلاع الاقتصادي بما فيها من وسائل الإنتاج. وشدد على ضرورة إضفاء نظام حوكمة جدي، فلا يجب، كما قال، «أن يكون الإطار لمؤسسة إنتاجية يتشكل من 1000 عامل إداري مقابل 600 عامل في جهاز الإنتاج».
وبخصوص إشكالية توفير الأوعية العقارية لتجسيد المشاريع الاستثمارية، أوضح أن عملية جرد وإحصاء الأوعية العقارية غير المستغلة أو تلك التي منحت للمستثمرين لم يقوموا بتجسيد المشاريع المبرمجة، خلصت إلى إحصاء مساحات ممنوحة دون استغلال، منها مساحة تقدر بـ3876 هكتار على مستوى المناطق الصناعية ومناطق النشاطات، منها 1422 هكتار ممنوحة في إطار نظام التنازل والباقي ضمن نظام الامتياز، ومن أجل استرجاعها قال إن مصالحه تعمل حاليا على إضافة آلية قانونية تتيح استرجاع هذه الأراضي. كما تعكف الحكومة على دراسة الإطار التشريعي والقانوني لتسهيل حصول المستثمرين على العقار، وتسوية وضعية المصانع المنجزة دون رخص والسماح لها بالاستغلال خلال السنة الحالية، إضافة إلى ذلك تعمل الحكومة على استرجاع إمكانات المؤسسات الاقتصادية من خلال جرد المؤسسات الموجودة في حالة غلق أو ركود مثل شركة الغزوات، مركب الورق بسعيدة، مصنع الخميرة بوشقوف، مصنع الرخام باتنة، مصنع ماء الأبيض بتبسة، الشركة الأفريقية للزجاج بالطاهير، مصنع الخزف الصحي بالمدية ومصنع «ليماك» للجلود بسيق، وهي مؤسسات، مثلما ذكر، «كانت زهرة النسيج الصناعي الوطني، وحولت بعد تخلي الدولة عن الاحتكار إلى أناس لم يستغلوا الفرصة المتاحة لهم فتوجهوا للاستيراد وفقدنا المصانع وآلاف مناصب الشغل وأغلقنا مئات المؤسسات»، مؤكدا أنه «حان الوقت لاسترجاع هذه المؤسسات وجعلها مؤسسات منتجة تساهم في خلق الثروة ومناصب الشغل».
بوابة إلكترونية حكومية
قال بن عبد الرحمن، إن «الحكومة لديها قناعة راسخة بأن التكنولوجيا الرقمية تشكل رافعة أساسية لإصلاح الدولة لتحديث إدارتها، حيث توفر إمكانات هائلة لزيادة كفاءة وإنتاجية الإدارة وزيادة الخدمة العمومية وتعزيز الشفافية وأخلقة الحياة العامة وعليه فقد أدرجت الرقمنة كمحور أساسي في مخطط عمل الحكومة وأنشئت لها وزارة خاصة».
وأكد أن الحكومة ملزمة بإنجاح تحولها الرقمي باعتباره محرك النمو واستحداث مناصب العمل، معتبرا أن نجاح النمو الاقتصادي الجديد المبني على التنويع والانتقال إلى اقتصاد المعرفة مرهون بمدى نجاح التحول الرقمي. وعلى هذا الأساس، أوضح أن مصالحه تلتزم بإنشاء بوابة إلكترونية حكومية تتيح الولوج إلى مجمل الخدمات التي تقدمها الإدارات العمومية مع تفعيل التصديق الإلكتروني والهوية الرقمية وكذا تجميع المنصات بين الإدارات لتقاسم البيانات، من خلال إنشاء آلية التشغيل بين الهياكل التي تسمح باستخدام المشترك للبيانات وتبسيط الإجراءات الإدارية، مشيرا إلى 367 نشاط خاضع لطلب الاعتماد أو رخصة منها 370 ذو طابع اقتصادي قامت الإدارات المعنية برقمنة جزء كبير منها والإجراءات تتم عبر الخط، فضلا عن ذلك تم وضع العديد من المنصات على مستوى الدوائر الوزارية بغرض التوجيه والرد على التظلمات.
ورشات إصلاح البلدية والولاية والصحة
كما أعلن الوزير الأول، عن تنصيب ورشات إصلاح قانوني البلدية والولاية بداية من شهر أكتوبر المقبل، ضمن مقاربة تشاركية تفتح المجال لمساهمة كل الفاعلين في مراجعة هذين القانونين حتى يستجيبا لما تقتضيه التنمية المحلية وما يجب أن تؤديه هذه الأخيرة كفاعل أساسي في تحريك عجلة التنمية وتوفير العيش الكريم للمواطن.
قال، «سيكون للنواب دور فاعل وأساسي في هذا المسعى ضمن مقاربة شاملة، ستضم كل خبراء فاعلين مهنيين واقتصاديين والشركاء الاجتماعيين والمجتمع المدني دون إقصاء وشفافية في إطار تعزيز الديمقراطية التشاركية».
وتلتزم الحكومة بأن تؤسس هذه الورشات لجعل الإطار القانوني الجديد رافعة لسياسة حقيقية للتخطيط الإقليمي والتنمية الاقتصادية المحلية للمساهمة في تحسين فاعلية السياسات العمومية ويعزز المساءلة ويقلل من الاختلالات في التنمية الاقليمية. كما سيتم قبل نهاية السنة، مراجعة المخطط الوطني لتهيئة الإقليم الذي يعد أهم أدوات التخطيط والاستشراف التي بقيت رهينة الإدراج مما سيسمح بمراجعة الاستراتيجية الوطنية لتهيئة الإقليم وسيتم فتح ورشات أخرى تخص إصلاح الوظيفة العمومية ضمن مقاربة شاملة تعتمد الحوار للتكفل بجميع الانشغالات وإيجاد الحلول لها. وتغليب المصلحة العامة للدولة وفقا لتوجيهات رئيس الجمهورية بضرورة الشروع الفوري في الحوار وتدعيم أطر التشاور مع كافة الشركاء من منظمات نقابية وممثلي الجمعيات، مع تكريس مشاركتهم المباشرة في التكفل بمختلف الانشغالات ومساهمتهم الفعلية في حلها.
قطاع الصحة، هو الآخر سيحظى بإصلاح شامل وعميق ومراجعة الخريطة الصحية وتصويبها واعتماد معايير جديدة تأخذ في الحسبان حاجيات كل منطقة، بناء على تشخيص دقيق ومعطيات حقيقية. وسيشارك في هذا المسعى، كل الفاعلين في القطاع والخبراء لإعداد خريطة صحيحة متوازنة تفضي إلى منظومة صحية تستجيب لتطلعات المواطنين بتغطية صحية وفق المعايير الدولية.
وذكر الوزير الأول، أن الحكومة تعتزم تنظيم الجلسات الوطنية حول المنظومة الصحية التي ستكون «محطة كبرى وفاصلة» لتشخيص دقيق لأوضاع الصحة في الجزائر والخروج بحلول عملية يتم الشروع في تطبيقها ميدانيا مباشرة.
مكافحة الفساد دون هوادة
وحرص الوزير الأول، عنده رده على الانشغال المتعلق باسترجاع الأموال المنهوبة بما فيها المهربة الى الخارج، على تصحيح المعلومات المغلوطة بشأن «التسوية الودية»، حيث أكد أن هذه الآلية تمس الأشخاص المعنويين - أي الشركات، وليس الأشخاص الطبيعيين، ولن تمس الأحكام القضائية الصادرة ضدهم.
وقال، إن «آلية التسوية الودية لاسترجاع الأموال المنهوبة للخارج أثبتت نجاعتها في العديد من الدول وتعتبر فعالة في مجال مكافحة الفساد وهي لا تتعلق بالأشخاص الطبيعيين المتورطين ولا تمس بالعقوبات المسلطة عليهم، بل تخص الأشخاص المعنويين أي الشركات الأجنبية المتورطة هي الأخرى عن طريق الرشوة والمستفيدة من الأموال المهربة في إطار صفقات ومشاريع محل ممارسات فساد».
وجدد بن عبد الرحمن، التأكيد عن تمسك الدولة بمكافحة الفساد «دون هوادة» واسترجاع أموال الشعب بتجنيد كل مؤسساتها، بما في ذلك ثقلها الدبلوماسي في ظل الاحترام الصارم للقانون واستقلالية القضاء، وقال: «لن تتنازل الدولة عن دينار نهب أو سرق أو اختلس ولن تتنازل عن شبر من العقار نهب أو حول عن وجهته».
غلاء الأسعار وتدهور القدرة الشرائية
وأرجع الوزير الأول غلاء أسعار بعض المنتجات ذات الاستهلاك الواسع، في الفترة الأخيرة إلى ارتفاعها على مستوى الأسواق الدولية كالبقوليات بسبب الأزمة الصحية التي أدت إلى زيادة تكاليف الإنتاج والنقل الدولي، وهو وضع وصفه بـ»الظرفي». ولكن زادت حدته بعض ممارسات الجشع وغير القانونية وغير الأخلاقية لبعض من باعوا ضمائرهم من أجل غايات مشبوهة.
وبغرض المحافظة على القدرة الشرائية للمواطن، أعلن عن اتخاذ جملة من الإجراءات الاستعجالية قصد ضمان التموين المنتظم للسوق بهذه المواد وكذا استخدام جميع آليات الضبط من أجل كبح ارتفاع الأسعار، كما سيتم تكثيف عمل آليات الرقابة وتشديد الإجراءات الردعية ضد المخالفين ومحاربة الممارسات الاحتكارية والمضاربة.
وأشار إلى ظهور بوادر انفراج من خلال عودة الحركة الاقتصادية بعد الركود الذي عرفته جراء الأزمة الصحية، خاصة عودة النمو الاقتصادي إلى مساره الإيجابي بتسجيل 2,8 بالمائة في الثلاثي الأول ويطمح إلى بلوغ نسبة 4,8 بالمائة قبل نهاية السنة، مما سينعش الاقتصاد ونشاط المؤسسات والحركة التجارية مع تدفق السلع وبالتالي استقرار الأسعار.
الدعم الاجتماعي بالتحويلات المالية
أما بخصوص إصلاح دعم المواد واسعة الاستهلاك، قال إن «الحكومة شرعت في إصلاح نظام الدعم بنموذج يضمن أكثر عدالة اجتماعية من خلال الانتقال إلى نظام التحويلات النقدية لصالح الأسر المحتاجة مباشرة والتي ستستفيد من دخل إضافي كتعويض عن تعديل الأسعار المرتبطة بالتخلي عن الدعم».
أما بخصوص إعادة النظر في شبكة الأجور وتثمينها، نوه أن العملية تخضع لجملة من الإجراءات والمعايير وتدخل فيها العديد من الاعتبارات، خاصة ما تعلق بالإنتاجية الوطنية ومعدلات التضخم والوضع الاقتصادي العام للبلاد. ولهذا الحكومة ستعالج هذا الانشغال وفق مقاربة شاملة وتشاركية ضمن عملية إصلاح واسعة للوظيفة العمومية، حيث ستعمل على إنجاز تقييم دقيق لسياسات الأجور بناء على تحقيقات ودراسات تخص جميع قطاعات النشاط بما فيها القطاع الاقتصادي.
من جهة أخرى، أعلن الوزير الأول عن توظيف الجهاز الدبلوماسي للاستفادة من مناطق التبادل الحر التي تنتمي إليها الجزائر وتوظيف الشراكة من أجل رفع القدرات التنافسية للمتعاملين ومرافقتهم من أجل الولوج للأسواق الخارجية وجذب المستثمرين الأجانب، والاستفادة من مشاريع التكامل مع أفريقيا.