تعتبر «دار البارود» إحدى المعالم التاريخية التي لا تزال منتصبة وسط مدينة الشلف، وشاهدة على جرائم حرب ضد شعب معزول، فمزجت بين تاريخ أجيال لما قبل حقبة الاستعمار الفرنسي وما بعدها، وأصبحت محطة مخلدة لذاكرة شعوب مرت على مدينة الشلف أو الأصنام سابقا.
تبقى هذه الدار التي تحولت اليوم إلى متحف الأصنام، وعلى غرار بعض الأماكن الأثرية والتاريخية في الجزائر تعاني من مشكل غياب الثقافة المتحفية والأثرية لدى المجتمع الشلفي.
هذا الصرح التاريخي تمّ بناؤه سنة 1847 بأمر من الجنرال الفرنسي كافينياك بغية تخزين الأسلحة والبارود للحملات العسكرية الفرنسية التي كانت تعمل على فرض سيطرتها يسهل الشلف آنذاك التي تتميز بهندسة تؤهلها لتكون مخزنا للأسلحة والذخيرة، وأصبحت الدار اليوم متحفا يحوي قطعا أثرية لما قبل التاريخ ومنتوجات تقليدية لا تعبّر فقط عن تاريخ مدينة الأصنام ولكن الجزائر بكل ربوعها.
وعند زيارتك لدار البارود ترتسم لك وسط باحاتها الدائرية وأقواسها البيضاء محطات حضارية للعصور من ما قبل التاريخ إلى التاريخ الحديث بفضل القطع التي تمّ جمعها، وهي معروضة بأروقة هذا المعلم.
ويعتبر جناح الفترة القديمة إحدى أهم الأجنحة بهذه الدار، حيث تمثل الفترة الرومانية عبر أهم العناصر التي استعملت في العمارة الرومانية على غرار القرميد وبعض الأجزاء والقواعد، بالإضافة إلى المصابيح الزيتية والأواني الفخرية على شكل أوعية كبيرة.
كما ترجع اللوحات الفسيفسائية الموجودة بحديقة متحف الأصنام (دار البارود) إلى أقدم كنيسة مسيحية على مستوى شمال إفريقيا سانت ريباراتوس 325 م حينما سمح قسطنطين الأول بالتدين بالمسيحية.
وبالانتقال إلى الفترة المعاصرة من التاريخ تجد تمثال نصفي صنع من البرونز لـ «بول روبرت» وهو أول رئيس بلدية منتخب لبلدية الشلف (أورليون فيل)، كما كانت تعرف في عهد الاستعمار الفرنسي، إضافة إلى مجموعة من آلات البيانو التي يعود تاريخ أقدمها إلى 1849م والتي لا تزال صالحة لتطرب بمطارقها المكان، إلى جانب بعض الأواني القصديرية والحديدية وبعض قطع السلاح التي استعملت خلال المقاومات الشعبية للاحتلال الفرنسي.
ولا تجمع دار البارود بين مختلف العصور التاريخية التي تمثل مدينة الشلف فقط بل تتوفر أيضا على جناح للصناعة التقليدية يضم منتجات يدوية منتشرة بجنوب الجزائر مثل الأواني الطينية والخشبية والجلدية، بالإضافة إلى مجموعة من السيوف والمحافظ الجلدية التي تستعمل في الاستعراضات الفلكلورية، وكذا بعض الآلات التي تستخدم في غزل الصوف.