المعهد التقني للأشجار المثمرة يشجع على تجفيف العنب
سجل قطاع الفلاحة بولاية معسكر، تراجعا في مردودية الانتاج بمختلف الشعب الفلاحية ، بالرغم من الدعم المطلق الذي خصصته الدولة لهذا القطاع الاقتصادي الاستراتيجي ، و ذلك بفعل تدخل الطبيعة في قلب أطراف معادلة الانتاج ، فالتقلبات المناخية و ارتفاع درجات الحرارة ، الجفاف و نقص مصادر المياه حال دون تحقيق الأهداف الأساسية من برامج دعم قطاع الفلاحة ،
كغيرها من الشعب الفلاحية المتأثرة بالجفاف و شح المياه ، سجلت زراعة الكروم بولاية معسكر تراجعا رهيبا ، أرجعه مدير المعهد التقني للأشجار المثمرة للولاية غزال دري ، إلى خصائص زراعة الكروم متمثلة في الفترة العمرية لأشجار الكروم و تراجع مردودها بتقدم عمرها ، إضافة إلى الظروف المناخية القاسية و غياب برامج و عمليات تجديد الغراسات ، موضحا لـ»الشعب ويكاند» ، أن المساحة الاجمالية لزراعة الكروم بولاية معسكر في تناقص مستمر ، في وقت لازمت شهرة انتاج الكروم ولاية معسكر لوقت طويل يمتد إلى حقب تاريخية متقدمة.
وتشير المصادر التاريخية ان زراعة الكروم بولاية معسكر، تجاوزت سمعتها حدود الوطن، اذ كانت تصدر كميات معتبرة من منتوج العنب و صناعاته التحويلية على غرار أنواع النبيذ لدول حوض البحر المتوسط و امريكا اللاتينية ، حيث ساهمت جودة منتوجات الكروم و الخبرة الصناعية المحلية في اكتساب شهرة مميزة لمنتوجات معسكر من النبيذ بانواعه الذي يزاحم أنواع المشروبات على الموائد العالمية لأشهر الملوك و الزعماء.
وحسب غزال دري، فان زراعة الكروم بهذه الولاية، توجهت كلها إلى انتاج عنب المائدة من النوع الأحمر الكبير (البارغورا) ، حيث لا يوجد اقبال كبير من الفلاحين لزراعة ثلاث أنواع من الكروم ( السلطانين .السونتيتيال.سوبليما) التي توجه غالبا للتجفيف و تتمتع بقيمة اقتصادية و غذائية عالية ، موضحا ان زراعة نوع السلطانين مهددة بالزوال رغم الارشادات الفلاحية المشجعة التي يقدمها المعهد لقلة من الفلاحين المنتجين للكروم، مضيفا ان المعهد أقام دراسات على الأنواع الثلاثة اثبتت مردوديتها من انتاج الزبيب (العنب المجفف) الذي تستورد كميات كبيرة منه رغم الإمكانيات المتاحة محليا لانتاجه و تثمينه،علما ان المعهد التقني للأشجار المثمرة قد نجح في تجارب تحويل كميات معتبرة من عنب السلطانين و تجفيفها على مستوى المعهد الذي يتوفر على مساحة من 3 هكتار من أشجار كروم السلطانين ، يتم الاعتناء بها و تثمين منتجاتها حفاظا على هذا النوع المهددة زراعته بالزوال .
وتراجعت المساحات الزراعية للكروم على مستوى المناطق الجبلية بفعل الظروف المناخية القاسية و شح مياه الامطار ، بيد أنها زراعات تعتمد على المغياثية ،خلفتها زراعة الكروم التي تتطلب السقي من مصادر المياه في مساحات تتراوح بين الصغيرة و المتوسطة ، توجه غالبا للاستهلاك المحلي من عنب المائدة البارغولا.
و بلغت المساحات المخصصة لانتاج الكروم بمعسكر حسب احصائيات مديرية الفلاحة ، 4754 هكتار ، يتوقع ان تنتج 166206 قنطار من 16 صنف من الكروم ، تم جني 26325 قنطار منها هذا الموسم على مستوى 1251 هكتار من المساحة المنتجة ، في حين تحول الكمية الأكبر من محصول الإنتاج إلى الاستهلاك (عنب المائدة ) و كمية من 15244 للعصر و التحويل لانتاج حوالي 7645 هكتولتر.
و في قراءة للارقام و الاحصائيات، بشأن حملات جني الكروم منذ منتصف الثمانينات ، فقد بلغت المساحات المخصصة لزراعة الكروم 18199 هكتار ،منها 12799 هكتار مخصصة للكروم الموجهة للتحويل (نبيذ) بمردودية انتاج بلغت 66640 قنطار موسم 1986 ، و تراجعت هذه الارقام بحدة في منتصف سنوات التسعينات إلى 5 آلاف هكتار بمتوسط مردود بلغ 26958 قنطار،و 63596 قنطار عنب المائدة ، و خلال هذه الفترات كان لمجال تجفيف العنب مكانته في شعبة زراعة الكروم بنسب قليلة ، قبل أن يقتصر تجفيف العنب في الآونة الأخيرة على الزراعة المعيشية و العائلية فقط .
وأرجعت الأوساط الفلاحية القريبة من مجال زراعة و انتاج الكروم ، تراجع النشاط إلى تخلي الاجيال التي توارثت النشاط الفلاحي عن نشاط التحويل للأحكام الشرعية التي تحرمه ، في وقت يقتصر مجال العصر و التحويل حاليا على 3 وحدات لمتعاملين خواص و وحدة انتاج عمومية ، تلاقي جميعها صعوبات في جمع محاصيل الكروم ، بداية من تناقصه و تراجع مساحاته إلى اليد العاملة المشتغلة على القطاف بتقنيات تقليدية فضلا عن قدم و اهتراء معدات وحدات الإنتاج .
و تعمل المصالح الفلاحية على تشجيع الزراعة الجبلية من خلال دعم الفلاحين بتوزيع 120 ألف شجرة مثمرة (الزيتون و الفواكه ) باستثناء الكروم رغم ملاءمتها لمناخ و تربة المنطقة ، لاسيما على مستوى سلسلة جبال بني شقران بالبرج و عين فارس ، التي اكتسبت شهرة واسعة و طويلة الأمد في مجال زراعة الكروم .