طباعة هذه الصفحة

«جوجوبا»مقاومة للجفاف والملوحة

تعميم غراستها لمكافحة التصحر ببسكرة

بسكرة :عمر بن سعيد

تهدد ظاهرة زحف وتشكل كثبان الرمان خطر مزمن تفرزه الطبيعة تجاه المناطق الزراعية والمراعي ،حيث تتحول مساحات واسعة كل عام إلى أراض صفراء ويزداد تفاقم الحالة  بها نتيجة العوامل المناخية القاسية وعيث الأيدي بالغطاء النباتي .

ظاهرة تؤكد ضرورة مواجهتها للحد من التأثيرات الكارثية لظاهرة التصحر ،من الجوانب الاجتماعية و الإقتصادية لاسيما تأثيرها على الإنتاج الفلاحي ومناطق الرعي ،وذلك من خلال البحث عن حلول ناجحة تحول دون مواصلة زحف الرمال القاتلة للبيئة والإنسان .                     
مكافحة ظاهرة التصحر والحد من زحف الرمال مهمة صعبة ومعقدة تتطلب إجراءات جديدة باعتبار أن كل حالة تتميز بخصائص معينة وتتطلب معالجة وفق تلك الخصائص ،ويشير المهندس محمد يمامي في دراسة قام بها المعهد التقني لتنمية الزارعة الصحراوية بعين بن نوي بسكرة ،أن إستراتجية مكافحة التصحر تتضمن إنشاء مساحات خضراء من النباتات المقاومة للملوحة والجفاف .                                                             
ويبدو أن البرامج التي أقرت في العقود الماضية بدء من مشروع السد الأخضر وغرس مضادات للرياح التي تحمل ذرات الرمال نحو المناطق الشمالية لم تؤت أكلها ،وعكف المعهد على إجراء تجارب في غراسة أشجار صادة للرياح ،أثبتت فعاليتها وتجري الآن محاولة تعميمها،وتوعية المزارعين بأهمية ومردودية غراستها  من ناحيتي البيئة والاستغلال الاقتصادي لثمرة هذا النوع من الأشجار .                                          
ويشير المهندس محمد يمامي في دراسة له إلى «إن التشجير أداة فعالة ،في مكافحة التصحر،فالأشجار تعيق الرياح التي تحمل الرمال وتنقلها من مكان إلى أخر ،وتعمل كصادات في تثبيت الكثبان الرملية وزيادة خصوبة التربة وتساهم في ترطيبها بشكل أفضل.
 وقد استعملت عدة أنواع من صادات للرمال من بينها «الاكاسيا ساليجينا»والطرفة والرغل ،وهي نباتات مقاومة للجفاف والملوحة لكن بقي استعمالها محدودا لعدم جدواها الاقتصادية والاجتماعية وعد اهتمام الفلاحين بزراعتها والعناية بها .
ومن منطلق برغماتي فان الضرورة تتطلب إنشاء مساحات خضراء على نطاق واسع تتشكل من نباتات دائمة الاخضرار وسريعة النمو وقادرة على تحمل تقلبات الحرارة نهار وليلا إضافة إلى استعمالاتها الأخرى التي تعود بالنفع على السكان المحليين ،الأمر الذي يشكل حافزا للإقبال على غراستها والعناية بها من قبل الفلاحين.

تجارب ناجحة

في سياق البحث عن نبات مناسب لعملية مكافحة التصحر والصد الرمال المتصاعدة من المناطق الجافة باتجاه المساحات الخضراء ،قام المعهد التقني لتنمية الزراعة الصحراوية بعين بن نوي سنة 2016بجلب نبات يدعى جوجوبا وتمت تجربة زراعته وأقلمته على مستوى محطات المعهد ببسكرة وورقلة و ادرار،ويري المهندس محمد يمامي أن المعهد يقترح استعمال هذه الشجرة وتعميمها باعتبارها نبات واعد في مكافحة التصحر والحد من تنقل الرمال وتثبيت الكثبان الرملية .
والبداية كانت بجلب شجيرات من هذا النبات من مشتلة امدوكال التابعة لمحافظة الغابات لولاية باتنة ،هذه الشجيرات القليلة غرست بالمشتلة منذ سنوات عديدة،فوق كثبان الرمال ومازالت تقاوم رغم الظروف غير المناسبة وقلة العناية بها .
ويعود موطن هذه الشجرة إلى صحارى» السونارا»بين المكسيك وأمريكا ،وهي نبات حمراوي بري دائم الاخضرار ،وحسب المهندس محمد يمامي فان الشجرة معمرة وقد تصل إلى 150سنة وأكثر وهي كبيرة الحجم دائرية الشكل، قد يصل ارتفاعها إلى 04 امتار وبقطر2.5متر وتغوص جذورها عميقا إلى غاية عشرة أمتار ،وتتميز أوراق الجوجوبا بخصائص تسمح لها بمقاومة  نقص وفقدان المياه والتقليل من تعرضها لأشعة الشمس.

الجوجوبا ..استعمالات أخرى

استخدام شجرة جوجوتا كصاده لزحف الرمال والحد من التصحر ممكن أن تكون حلا ناجحا ودائما نظرا لما تتميز به من قدرة على مواجهة الظروف الأكثر قساوة ،وكذا احتياجاتها القليلة للمياه حيث تتحمل انقطاع السقي لمدة سنة كاملة للشجرة المعمرة ،وهي تحتاج الرعاية والسقي في سنواتها الأولى فقط.
ويمكن لثمار هذه الشجرة التي تشبه حبات الزيتون في مراحلها الأولى أن تكون مصدر مستدام لصناعات تحويلية ،خاصة وأن بذورها تحتوي ما يفوق الـ40بالمئة من وزنها زيتا وأن المردود الاقتصادي والتجاري مضمون للمزارع وبالتالي ضمان الاعتناء بها ومرافقة نموها.
زيادة على فعالية هذه النبتة في محاصرة تقدم الرمال وتشكل الكثبان ،فإنها تدخل في عدة صناعات ،منها شمعها السائل الخالي من الدهون يعتبر بديلا للزيوت المعدنية ويستخدم في الوقود الحيوي وهناك طلب عالمي عليه .
كما يدخل في استعمالات متنوعة كصناعة التجميل والأدوية والمبيدات الطبيعية وتشميع الفاكهة المعدة للتصدير وأن مخلفات عصر بذورها الغنية بالبروتينات تستخدم في إنتاج الأعلاف الحيوانية، وخامات الصناعات المتعلقة بالمطاط والبلاستيك والصابون وغيرها من الاستعمالات .
وتخلص الدراسة التي قدمها المعهد إلى أنه بفعل خصائص هذه النبتة التي لا يمكن حصرها بسهولة يمكن اعتبارها من أهم النباتات التي تستخدم بشكل فعال في مكافحة التصحر والمساهمة في حماية البيئة من خلال استهلاكها لمياه الصرف الصحي التي تسمح بتوجيه المياه الجيدة لسقي منتوجات إستراتجية .