تبقى ميزانية رمضان لغزا يواجه غالبية الأسر الجزائرية، التي تعد العدة لضبط ميزانية 30 يوما من نفقات مائدة رمضان، إضافة إلى المصاريف العادية من فواتير هاتف وغاز وكهرباء ومياه ومواصلات ودواء وملابس، وغيرها من المتطلبات التي تختلف من أسرة إلى أخرى، وفقا للمستوى الاجتماعي والبيئي وعدد الأفراد. وقدّرت الفدرالية الوطنية لحماية المستهلك مصاريف الغذاء بأكثر من 60 ٪، مقابل 14٪ لدى الأسر الأوروبية، حسب آخر الدراسات. نفس الأرقام تشير إلى أن المواد الغذائية والأدوية تسجل أعلى مستوى بالنسبة لجميع فئات السكان بالجزائر، مقارنة بمجالات أخرى.
وحذر رئيس الفدرالية الوطنية لحماية المستهلك زكي حريز من تجاوز معدل الاستهلاك الشهري للأسر 90 ٪ مقابل إدخار نسبة لا تقل عن 10٪ من الدخل، توجه كاحتياط للمناسبات والمرض والوفاة وغيرها، وتابع يقول “الميزانية ترتبط بمتوسط دخل المواطن في المجتمع الجزائري بشكل خاص والمجتمعات العربية بشكل عام، فنجد مثلا في دول المشرق على غرار مصر غالبية سكانها يعتمدون على مداخيل متعددة بعد دوام العمل، بعيدا عن الراتب الثابت، وهو ما يفسر “زوال عديد المهن والخدمات بالجزائر، ويبقى ترشيد الاستهلاك ضروري لكل الأسر”.
مطالب بإلغاء 17 ٪ من الرسم على القيمة المضافة
وبالمناسبة، أثارت الفدرالية الجزائرية للمستهلكين من جديد مطلبها القاضي بإلغاء العمل بالرسم على القيمة المضافة TVA المقدر بـ17٪، بهدف المساهمة في تخفيض الأسعار ودعم القدرة الشرائية للمواطنين، وأكد رئيسها أنه راسل وزارة المالية عدة مرات، فيما يتعلق بتفاصيل هذه النقطة، التي جاءت بعد دراسات ميدانية، أثبتت تراجعا كبيرا للقدرة الشرائية لدى أغلب العائلات الجزائرية، بسبب ارتفاع مختلف أسعار المواد الغذائية، خاصة إذا علمنا أن أكثر من نصف ميزانية الأسر توجه للطعام، مضيفا أن الحكومة لجأت إلى هذا النوع من الضرائب في التسعينات، أين عرفت الجزائر أزمة حقيقة في الخزينة العمومية، التي كانت بحاجة إلى مساهمة المواطنين عن طريق استحداث ضرائب جديدة لدعم الدخل العام، فرضتها على المؤسسات التجارية، بهدف دفعهم إلى المساهمة في الاقتصاد الوطني، ولكن هذه المؤسسات تعمل على نزع هذه الضريبة من راتب المستهلكين عن طريق الزيادة في الأسعار، وعلى حد تعبير المتحدث، فإن المواطن ‘’يتحمل هو الآخر مسؤولية ارتفاع أسعار المواد الإستهلاكية، خاصة خلال الشهر الكريم وذلك بسبب التهافت على المواد الاستهلاكية واقتناء كميات كبيرة مما يؤدي إلى الندرة وبالتالي الغلاء’’.
‘’اللهفة’’.. ظاهرة أخرى مقلقة بوهران
ويحمل عدد من خبراء الاقتصاد جانبا من مسؤولية ارتفاع الأسعار، شريحة كبيرة من المستهلكين، نظرا لضعف الثقافة الاستهلاكية وعوامل التقليد والمحاكاة وغيرها، لكن الأهم هو أسباب نشوء هذا السلوك العشوائي، وهذا يقودنا إلى التطور الذي طرأ على سلوك المستهلك الجزائري وكذلك أنماط إنفاقه من الإشتراكية إلى انفتاح السوق وانعكاساته على سلوك المستهلك، وملاحظة أن المستهلك يشتري حتى لو ارتفع سعر السلعة بدون مبرر ولا يبحث عن بدائل يقول زكي، بأن قيام المستهلك بشراء السلعة عند ارتفاع سعرها دون أن يبحث عن بدائل لها، يعتبر مخالفا لمنطق النظرية الاقتصادية الذي يعتمد على السلوك الرشيد للمستهلك وتحقيق أقصى منفعة في حدود دخله والأسعار السائدة للسلع.
واعتبر احمد كروم نائب، رئيس فدرالية التجار للخضر والفواكه بسوق الجملة الواقع ببلدية الكرمة في وهران، أن ظاهرة الإقبال المتزايد على الخضر والنهم الشرائي غير المنطقي تؤدي إلى رفع أسعارها، وطالب بضرورة عدم الانصياع إلى الشائعات، وهنا، أوضح عقبي بغداد، رئيس جمعية خاصة بجودة الخضر والفواكه وأسعارها بالسوق، أن ما تشهده الأسواق المحلية في الوقت الحالي من زيادة في الطلب ‘’غير منطقي’’ ومبالغ فيه، وأضاف أن مثل تلك المبالغات، تتسبب في حدوث حالة من الهلع وإرباك السوق، وتعظيم السلوك الشرائي، وبالتالي ارتفاع قيمة السلعة، وتضرر المستهلكين من ذوي الدخل المحدود، ولفت نفس المصادر إلى أن بعض تجار المواد الغذائية عمدوا هم الآخرين إلى شراء كميات كبيرة بهدف الاستفادة منها في وقت ارتفاع الأسعار، مؤكدا أن هذه العوامل تضغط على الأسعار باتجاه الارتفاع، من جانبه، أوضح “ت.ح” تاجر خضر، أن الفترة الأخيرة شهدت طلبا متزايدا على مواد أساسية بهدف الاستفادة من الانخفاضات التي لحقت بالسلعة، وتحسبا لأي ارتفاع مقبل.
رغـم انخفاضهـا بسوق الجملة .. الأسعار مرتفعة بأسواق التجزئة
بدوره أكد ذهيبة بن عودة، رئيس فدرالية التجار للخضر والفواكه بنفس السوق أن الأسعار في السوق مستقرة، نافيا أن تكون هناك ندرة في الخضر والفواكه، مبينا أن كل التوقعات تشير إلى ثبات الأسعار واستقرارها خلال الفترة المقبلة، وعلى سبيل المثال، فقد حدد سوق الجملة بالكرمة سعر البصل يوم 25 جوان المنصرم بـ 8 إلى 15 دج والبطاطس بـ 30 إلى 38 دج والجزر بـ 30 إلى 35 دج والكوسة بـ 30 دج والطماطم بـ 25 إلى 40 دج فيما تراوح سعر الشمندر من 20 إلى 30 دج والفصوليا الخضراء من 60 إلى 75 دج والفلفل بنوعيه الحلو والحار بـ70 دج، وبالنسبة إلى الكمية التي دخلت السوق خلال نفس اليوم، فقد فاقت حسب نفس المصدر 157.2 طن من مختلف أنواع الخضر والفواكه، منها 101.23 طن من الخضر المحلية و103.27 طن مستوردة، إضافة إلى 157.27 طن من الفواكه المحلية و53.39 طن من الفواكه المستوردة، مع العلم أن سعر البطيخ الأحمر نزلت مؤشرات أسعاره إلى 25 دج بسوق الجملة، يومين عن ليلة الشك، فيما بلغ سعر البطيخ الأصفر 60 دج وسعر الموز من 110 إلى 120 دج للكيلوغرام الواحد، وقال المتحدث إن السوق مفتوح ومجاني للعائلات على مدار أيام الأسبوع وكل يوم خميس للجمعيات الخيرية، كما طمأن المستهلك قائلا، أن الأسعار منذ يوم الاثنين ستنخفض إلى النصف، وأن السلطات الولائية وعدت بفتح 11 سوقا خلال رمضان، من أصل 19 سوقا، تدخل ضمن المخططات التنموية للبلدية، الأمر الذي استحسنه التجار واعتبروه إضافة إيجابية لصالحهم وصالح المستهلك، كما نوّه المصدر بتدخلات أعوان مديرية التجارة، مؤكدا بأنها تقوم بدورها رغم قلة الإمكانيات، وطالب بتكثيف المراقبة في مجال المواد المدعمة، وكان وزير التجارة في رده على أسئلة الصحفيين خلال منتدى الإذاعة، قد أكد قائلا “ أن أسعار المواد حرة ولا يسع الدولة التدخل، ما عدا بعض الأسعار المعتمدة من طرف الدولة الجزائرية ومن طرف الخزينة”، مؤكدا أن نحو 90 ٪
من التجارة تابعة للقطاع الخاص، وتتحدّد أسعارها عن طريق العرض والطلب ولضمان استقرار الأسعار طالب الوزير “بتفادي ظاهرة التخزين”.