بين شعاب ومنحدرات إقليم سلسلة جبال الأطاكور الشامخة، تتوسطها رقعة مزينة بكل ألوان ومقومات الطبيعة الخلابة، قطعة تشع بالطمأنينة والسكينة وتنبض بالحياة، تفاجأ وتبهر زوار الجهة الشمالية الشرقية من عاصمة الأهقار.
منبع مائي طبيعي عذب يجري بين صخور أحد أشهر قمم السلاسل الجبلية بالوطن، خضرة ومنظر لا يمكن أن يتخيله او حتى يخطر على بال بشر بتواجده بذلك المكان المحفوف بالمغامرة والمخاطر، منطقة رطبة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، تختزل في وسطها التنوع البيولوجي بكل معانيه، مكان يعرفه القليل من الناس وزاره القليل من السواح، إنها المحمية الطبيعية «إسقراسن» التي تنتظر التصنيف على شاكلة شقيقتها «أفلال» بمنطقة الهقار.
مقصد بحاجة لتثمين
على بعد قرابة 300 كلم من عاصمة الأهقار، تتواجد «إسقراسن» المشتقة اسمها من كلمة «أغريس» بالإيموهاغ، والتي تعني منطقة شديدة البرودة حسب ما صرح به المدير الفرعي للحظيرة الثقافية الأهقار علالي إدريس لـ»الشعب».
الزائر لمحمية «إسقراسن» ينبهر بتلك المرتفعات والجبال والصخور العملاقة والطريق الوعرة الجبلية، حتى يخيل له أن لا وجود لحياة أو طبيعة بين تلك الحجارة الصماء، فالوجهة لها على طريقين أحلاهما مر، كيف لا وهي تقع على مرتفع يفوق 1780 متر عن سطح البحر، وبالقرب من أعلى القمم الجبلية بالجزائر طاهات أطاكور، طريق تستهوي عشاق المغامرة والمخاطرة.
مرورك بقرية هيرافوك بإتجاهها يجعل هضبة «سيبري» وعشبها «أرماس رماس» يستقبلانك في طريقك لها، ليرحب بك أحد المنعرجات الخطيرة والمرتفعة، المسمى «بجيوي « نسبة الى أحد المواطنين الذي كانت سيارته «طويوطا» ضحية المنعرج لتبقى شاهدة إلى حد الأن على خطورة طريق الوصول لها، إلى أن ترحب بك وتحتضنك مناظر الحياة ونبضها، إنها «أقيف ملن» أو التلة البيضاء، التي تعد بوابة المحمية «إسقراسن» بمائها وخريره وأعشابها ونخيلها، وغير بعيد عنها «إيمغرا» التي تضم العديد من القلتات المائية الكبيرة و التي تبقى مجهولة للعديد حتى من زار «إسقراسن» بالرغم من كونها من الأماكن المشكلة للمحمية.
ثروة نباتية وحيوانية
تتميز «إسقراسن» والأماكن المحاذية لها بالرطوبة على طول مدار السنة، مما جعلها تدعم التنوع البيولوجي، بتواجد المياه العذبة التي تتكاثر بها الأسماك، مما أهلها لتكون قبلة للعديد من الطيور المهاجرة على غرار «البجع»، وكذا قبلة حتى للبدو الرحل من أجل سقي ماشيتهم، أو الأكل من العشب الطبيعي الذي يغطي المكان، والنخيل وأشجار التين العملاقة المتواجدة بكثرة في محيط المحمية.
هذه الطبيعة الخلابة التي مزجت بين الخضرة والجبال والصخور، جعلت من المكان موطن للحيوانات البرية التي أصبحت مهددة بالانقراض خاصة «الأروى» أو «التيس الجبلي» وحتى الغزال بنسبة أقل.
لتبقى «إسقراسن» تنتظر التصنيف ضمن المناطق الرطبة مثلما صنفت «أفلال» ضمن اتفاقية «رامسار»، نظرا لما تتوفر عليه من جمال طبيعي أبدع المولى عز وجل في خلقه، يبهر كل من يزور أو حتى يشاهد صور المحمية الطبيعية.