طباعة هذه الصفحة

صالح بلعيد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية لـ “الشعب”:

عندما تخلصت روانـدا من هيمنــة الفرنكوفونية أصبحــت ماليزيا إفريقيــا

حوار: سعيد بن عياد

 نحن لا نُورّث لأولادنا وأحفادنا الاعتزاز باللغة الأم

 ستنقرض لغات بمرض يدعى “كوليرا اللغات” في 2030


يتحدث الدكتور صالح بلعيد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية في هذا الحوار المطوّل عن واقع وآفاق لغة الضاد، من موقعها لغة وطنية ورسمية، مفصّلا المعالم التي ترتكز عليها المقاربة، أبرزها الرقمنة التي أصبحت مألوفة في عمل الهيئة، تعكسها إنجازات لم تكبح وتيرتها جائحة كورونا. كما يتوقف عند الترجمة كأداة للدفع بالعربية إلى فضاء العولمة بدون الذوبان فيها، مبيّنا الموقف من ظاهرة “الردة” في تعميم استعمال العربية في الحياة العامة، مقدما رؤيته للمستقبل، عنوانه اللغة العربية قاسم مشترك وهوية. وفيما يلي الحوار كاملا:


- الشعب: يقدم المجلس الأعلى للغة العربية توصيات لترسيخ مكانة لغة الضاد في المجتمع، ما هي المقاربة السليمة لتحقيق ذلك؟
د. صالح بلعيد: كل الأمم تهتم بلغاتها يكون ذلك على مستوى أربعة قطاعات أساس تليها قطاعات أخرى تتبع القاطرة. تتمثل القطاعات الأربعة في، القطاع الأول، التربية والتعليم بكل مراحله بحيث يجب أن تنال اللغة الأم الوطنية الرسمية موقعا مائزا في التربية والتعليم. هناك بعض الأمم تعطي لسنوات القاعدة مكانة خاصة باللغة الأم ليتمكن المتعلم من امتلاك لغته امتلاكا جيد. الثاني هو الإعلام، ويحصل على مستواه الانتشار ولهذا فإن فقهاء اللغة قالوا اللغة وضع(في المدرسة) واستعمال (في الإعلام) وإذا تعارض الوضع مع الاستعمال فالأخير أولى ما يبرز قيمة الإعلام ودوره في ترسيخ اللغة الأم. الموالي الإدارة، باعتبارها هي محاكاة لواقع اللغة لذلك اللغة تستعمل في المدرسة والإعلام وفي المصالح المرسلة وهي الإدارة من بلدية وولاية.  والقطاع الرابع هو الجوانب المالية والاقتصادية بمعنى المحالّ التجارية الكبرى، الصناعة في الجوانب ذات العلاقة ليس بالتخصص وإنما في العموم مثل قيادة السيارة، بحيث لا يعني معرفة ما يشتمله المحرك إنما معرفة عموميات قاعدة السيارة. هي أربعة مجالات من الضروري بمكان أن تتواجد فيها اللغة الأم بالاستعمال العفوي. يبقى هل يعني أن ننغلق على لغتنا، دون لغات أجنبية؟ بالطبع لا، لابد أن ننفتح على أربعة مجالات، الأول، الدبلوماسية فلا توجد لغة ما تنغلق على نفسها وعندنا كم دولة معتمدة وكم قناة ما يستوجب أن ننفتح على تعددية لغوية في الدبلوماسية، الثاني، المخابر الكبرى العالمية ذات العلاقة باستيراد التكنولوجيا وفقا لقاعدة الأخذ والعطاء وثالثا الصناعات الدقيقة المتطورة جدا (نانو تكنولوجي) ورابعا الترجمة (عمدة كل شيء) لأنها هي التي تجعلني انفتح على اللغات الأخرى ولدينا تجارب عند العرب، كنا من الأوائل ذلك أن العرب عندما بدأوا يؤسسون للّغة العربية أسسوا بيت الحكمة، الذي قام خلال 81 سنة بترجمة معظم التطبيقات العلمية الموجودة في الفارسية، البيزنطية، الرومانية واللاتينية. ثم أصبحت العربية مصدرا يعطي للغات الأخرى. إذن هناك أساسيات مواطنية لا بد أن تكون فيها اللغة الأم ظاهرة وهناك ما ليس من “الضرورات” ينبغي أن ننفتح حولها ضمن هذه المجالات الأربعة.
- انطلاقا من هذه الخلفية، ما أهم ما تم إنجازه على مستوى المجلس هذا العام في مواجهة تداعيات وباء كورونا؟
 على الرغم من هذا الوباء نسأل الله أن يرفعه، لكن أحيانا ينطبق عليه قول العرب “ربّ ضارة نافعة”، علمتنا الجائحة العمل على مدار الساعة 24(/24) بدل ما كنا نشتغل 8 ساعات ربما أو أقل، كما علمتنا السعي للتحكم في التقنات التي تتوفر في أجهزة
الرقمنة التي تعتبر عندنا آلات كاتبة لنستفيد من مناطقها(برمجيات) وعلمتنا أن ننغمس ونتماهى في نظام “إكسال” فالذي اخترعه أعظم علما وذكاء وفكرا من الذي صنع الطائرة ولنتصور ماذا يحلّ نظام “إكسال” من مشاكل لكل اللغات، ومع الجائحة لم نعرف قعودا أبدا ولم نعرف القول أننا في عطلة وقبل أيام فقط شاركت في لقاء انعقد بباريس حول عبقرية اللغة العربية بفضل تقنية للتحاضر، حيث تم اختيار مجموعة متخصصين من القارات الخمس ومن الجزائر اختير المجلس الأعلى للغة العربية للحديث عن عبقرية اللغة العربية وما كان هذا ليحصل لو لا هذه الجائحة.
بالنسبة إلينا الجائحة تاريخ فالمجلات (ثلاث، دورية وفصلية ونصف سنوية) تصدر في أوانها بشكل عادي ولم نتأثر أبدا، والملتقيات التي كانت وجاهة جعلنا بعضها افتراضا لكن الأشياء التي كنا ننجزها عن طريق اللجان تجتمع مرة في الشهر أو كل أسبوعين وكان العمل يستغرق منا وقتا، غير أنّ الوباء علمنا كيف نربح الوقت في منجزين كبيرين في شكل “المعجم الطوبونومي” و«معجم ألفاظ الحياة العامة في الجزائر” و«الموسوعة الجزائرية” وكذلك “لغة المحادثة الطبية”. كيف ربحنا الوقت أولا هذا العمل يستغرق باجتماع اللجان في شهرين أو ثلاثة أشهر مع تكاليف السفر والتنقل ثم لقاء حضوري ليوم أو لنصف يوم وتذهب اللجنة لتنتظر ثلاثة أشهر أخرى، لكن مع الجائحة أصبحنا نتواصل عن بعد وسطرنا خارطة طريق لاحترام مواعيد تسليم العمل المطلوب وتسير الأمور عن طريق استكتابات كل المتخصصين بمعنى النزول إلى الميدان. مثلا المعجم الطوبونومي الجزائري (يظهر لنا نسخة أولى) يتناول أسماء الأماكنية بحيث في كل ولاية لدينا أساتذة وكفاءات وإداريون نتواصل معهم ونطلب منهم جمع أسماء الأماكن الموجودة في كل منطقة وناحية، مدينة وقرية، ورصد كل المعالم من حيث مصدر اسمها وكيف تطور اسم المكان من العهد الروماني لتحديد الاسم رومانيا أو بربريا أو عربيا أو تركيا أو فارسيا أو اسبانيا أو حديثا، فيعطي لك تاريخ اسم المكان وكيف عرف التطور. يندرج هذا في نطاق “علم الأنوماستيكي” ولأول مرة في دولة الاستقلال يظهر عمل بهذا الحجم باللغة العربية إضافة إلى أنه يرتكز على مصادر وبإشراف لجنة علمية، علما أن هناك أعمال بالفرنسية لكنها تخلو من ذكر المصادر ومن الدقة وينجزها فرد، بينما ما قمنا به تكفلت به لجان. هذا العمل لو تم بطريقة تقليدية واجتماعات لجان لاستغرق عامين على الأقل لكنه أنجز بدقة متناهية في أربعة أشهر، (كسبنا عامل الوقت). كذلك لمعجم لغة المحادثة الطبية، لأعطي لكم الدليل بين عمل اللجان قبل “كوفيد” وعملها في زمنه، ففي صورته الأولى استغرق من 2006 إلى 2009 أيّ تقريبا أربع سنوات بلجنة من 6 باحثين أطباء مع اجتماع ماراطوني مرة كل شهر ليخرج العمل بـ 256 صفحة بحجم 400 كلمة بمداليلها ولما وقع عليه الطلب وهو عمل جيد رأينا أن نحدّثه فقام فردان (واحد متخصص وآخر تقني) بدل ستة، حافظا على المتن الأول وإضافة أشياء جديدة ليخرج هذا العمل في نسخة “كوفيد” بـ 500 ورقة تتضمن 8000 مدخل مع إضافات وتفسيرات وصور بالألوان. فهذا من “فوائد” هذا المرض إن جاز التعبير فقد جعلنا نغير المنهجية. ونفس الشيء لـ “معجم ألفاظ الحياة العامة” فهو ثمرة اجتماع عن بعد لـ 11 باحثا التقوا مرة أولى في خارطة طريق والتقوا في الحصة الأخيرة للتصحيح وصدر في 745 صفحة بالحجم الكبير وتناول 53 ألف مدخل وهي ثروة تشمل عديد المداخل، بدءا من ألفاظ التحايا إلى التدخين بما فيها مصطلحات الكوفيد وأول مرة يظهر فيه مصطلحات الصيرفة الإسلامية وهو أول عمل يتناول هذا الجانب من مالية وبزنسة ومصطلحات العسكرة ومصطلحات الشرطة بتعاريف وجيزة وهو عمل نال كل الإعجاب. ونحن الآن في مواصلة الجزء الثاني ثم الثالث لنغطي كل المجالات لأن العمل الأول غطى 93 مجالا فقط وألفاظ الحياة العامة كثيرة والفائدة أنه لا يرقي اللغة الدارجة أو يدعو إلى التلهيج إنما يدعو إلى لغة وسطى ما يسميه الصحافيون “اللغة البيضاء” وهي لغة ليست متقعرة وليست سوقية. اللغة الوسطى تستعمل في الإعلام وهي مهذبة رافعة ويسميها طه حسين بالسهل الممتنع. إنه عمل ينجز لأول مرة في الجزائر، لكن الأردنيين كتبوا ألفاظ الحياة العامة في الأردن وما يخالفه الجزائري أن عدد مداخل المعجم الأردني 18 ألف مدخل وعندنا 53 ألف مدخل أي بزيادة 3 أضعاف. إذن هو عمل كبير جدا إضافة إلى أن مساحة الأردن الشقيق بمساحة ولاية في الجزائر ولتغطي ألفاظ الحياة العامة على امتداد جغرافيا بحجم قارة والحمد لله ليس سهلا. هو مكسب يسمح لكل منطقة وقرية بأن يجد سكانها الألفاظ المشتركة. لدينا الموسوعة الجزائرية التي احتفينا في 18 ديسمبر الماضي بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية بإصدار عمل في جزئين مجلدين حول الأعلام لأن الموسوعة الجزائرية تشمل 15 مجالا، بدأناها بالأعلام ونختمها بالإعلام. الآن قمّشنا (جمعنا) المادة في منصة رقمية ذكية جد متطورة تشمل على 11124 علمًا وغطينا في المجلدين 1001عَلما. يأتي هذا الإنجاز تيمّنا بألف ليلة وليلة، العمل الضخم الفارسي العربي، علما أنّ العربية هي اللغة الأم في الحضارة الشرقية. الآن شرعنا في المجلد الثالث في الأعلام لكن بعون الله في أول نوفمبر سيصدر المجلد الثاني خاص باللغات واللهجات وقد استكتبنا مجموعة من أساتيذ وبحثة ومتخصصين شرعوا في جمع كل ما له علاقة باللغات واللهجات من الدولة النوميدية إلى سنة 2021. تلاحظون أربعة أعمال كبيرة جدا أنجزت في زمن “كوفيد” وجسديا المجلس لم يصب بأذى ما عدا حالات بسيطة تعافوا وعادوا للنشاط. تعلمنا شيئا هاما من الجائحة هو تفنن في وضع المنصات فكل أعمال المجلس مرقمنة في منصات جد ذكية، قاعدتنا لا نخترع العجلة لكن نجعلها تسرع أكثر، لذلك لجأنا إلى بعض اللغات الأوروبية واللغة الانجليزية التي كان لها السبق في وضع المنصات. ونحاول أن نأخذ في مشروع  كبير يسير بخطى تُؤدة هو المخطوطات الجزائرية، هو عمل مشترك بين المجلس والمجلس الإسلامي ووزارة البريد والمواصلات، نقول أنه يسير بخطى تؤدة ربما لأن “دمه” توزع بين هذه الهيئات ثم المعطى الأساس وهو البنية القاعدية تضعها وزارة البريد والمؤسسات السلكية واللاسلكية التي عطلتنا إن صح التعبير وأخرتنا في وضع الأجهزة الجبارة أو ما يمسى بالخوادم الكبيرة (سيرفور) علما أن هناك “خدوم” لم يقدم لنا بالرغم أننا قدمنا مواصفاته ويوجد في السوق الجزائرية على مستوى “هواوي” لكن البريد والمواصلات لحد الآن لم تعمل على استقدام هذا الجهاز الذي يُحوسب 4 تريليون كلمة في الدقيقة.
هذا العمل في الطريق، أخذنا نظام “أوميكا” الأنغلوسكسوني الذي صُمّم للمخطوطات الانجليزية وطورنا البرمجية بناء على خصوصيات اللغة العربية لأن هناك هوامش في المخطوط وأنواع متعددة للخطوط. وما يسمى بالشروح أخضعناها لتتناسب وخصائص المخطوط العربي. عمل آخر تشكل فيه الجزائر قوة هو المعجم التاريخي للغة العربية (أظهر لنا نسخة) يتشكل من 8 مجلدات أولى في حرفي الألف والباء فقط. الشاهد في أن هذا العمل ينجزه 300 باحث عربي من 10 مؤسسات منها المجلس الأعلى للغة العربية لبلادنا. ونعمل حاليا لنحتفي في 18 ديسمبر المقبل بالمجلد الـ 20 ونجمع الآن مادة حرف الراء، علما أن المعجم التاريخي يشمل 16800 جذر ولغاية اللحظة لدينا 3803 منجز. حسب ورقة الطريق سننهي العمل آخر 2026 ونحل بذلك كل المشاكل العالقة باللغة العربية. بالنسبة للمنصة فهي نتاج عمل من فريق من مقدونيا، قدمنا لهم أفكارا في الاشتقاق وخصائص اللغة العربية (المثنى الجموع) وهم هندسوا المنصة لغويا على أساس منطق اللغات وأدخلنا بعض الخصوصيات التي لم ينتبهوا لها. وتتشكل المجموعة الجزائرية من 65 باحثا في تغذية منصة المعجم التاريخي التي وضعها مقدونيون مع 3 جزائريين (الأمين العام لمجمع الشارقة، رئيس المجلس الأعلى للغة العربية ومأمون وجيه من مجمع اللغة العربية باتحاد المجامع بالقاهرة) وتغذى الأرضية عن بعد والفريق الجزائري أكبر مجموعة وبصمتها قوية. إضافة إلى المراجعات بفضل اجتهاد الجزائريين الذين أسندت لهم المهمة لدقتهم قبل شهر كنا نصحح حرف الجيم لقيمة البحثة والأساتيذ الجزائريين. لذلك اللغة العربية إذا لم تأتنا عن طريق التقنات المعاصرة لا فائدة منها. وهذا الذي نقوم عليه في المجلس وأدعوكم لحضور اللقاءات الدورية العادية فهي تجري كلها عن طريق الشبكة الرقمية. منذ 2016 لما وجدت استعمال الورق أظهر إحصاء العام الماضي اقتصاد استعمال الورق بـ 46 في المائة ولنتصور حجم المكاسب والعمل جار لإصدار معجم بمناسبة اليوم العربي للغة الضاد وموسوعة الأمثال الجزائرية.
لا يمكن أن أمدح مؤسسة أشتغل فيها فالنجاح صناعة جماعية من بينهم شباب يتقنون التكنولوجيا نأخذ منهم علما، وشخصيا لحد الآن أشتغل على مستوى الجامعة بالإشراف على طلبة دكتوراه وماستر ولدي مخبر الممارسات اللغوية بجامعة تيزي وزو وكوّنت مجموعة من الطلبة أصبحت آخذ عنهم لأنهم يتماهون في هذه التقنية المعاصرة ويبدعون. وكم أتلذذ وأنا أجد في هذا المعجم التاريخي طالب جزائري فذّ ومدرس بجامعة المسيلة يفتخر بهم كل العالم العربي وهذا مكسب للجزائر ولي شخصيا كوني أسهمت في نمو شجرة فارعة.

- كيف يمكن الولوج إلى العولمة دون الذوبان فيها من خلال الترجمة وما تقييمك لهذه الوظيفة في الجزائر؟
 الترجمة هي بريد اللغات بحيث تعطي لك فكرة أخرى عن منظومة فكرية معينة لشعب من الشعوب لمنظومة اجتماعية في حياة شعب لفكر لغة. اللغات النامية كلها قامت على الترجمة لكن كيف تكون الترجمة؟ أولا، أن تكون في إطار الاستفادة من اللغة الأجنبية لا التماهي معها، ثانيا، نأخذ ما يعطي قيمة مضافة لتطوير لغتي لا أن أجعلها تحوّر نفسها من أجل التماهي مع اللغة المترجم منها، ثالثا، يجب أن تكون ندا للند مع لغتك بحيث يحصل فيها الأخذ والعطاء لا الأخذ فقط، مثلا، قبرص وهي عبارة عن ولاية من ولايات الجزائر جغرافيا، تترجم كل شيء، هل وجدنا اللغة القبرصية لغة متقدمة، أبدا، لكن تُدرس كل العلوم بلغتها من الترجمة فقط، كذلك ألمانيا، يترجم فيه كل شيء لكن هل هي لغة عولمة؟ أبدا، لغات العالم ست، لا نجد الألمانية ولا الرومانية (لغة قبرص)، لماذا، لأن اللغة لما تكون أُممية يجب أن تأخذ وتعطي. لغة العالم واحدة لغة “لانغا فرانكا” هي الانجليزية، لغة التواصل العالمي، لكن الانجليزية الآن أفقر لغة، تترجم من اللغات الأخرى. لماذا لم تكن اللغة القبرصية أو الألمانية هي “لانغا فرانكا” لأن اللغة هي التي يعود إليها الناس لاستعمالها. العربية كانت كذلك “لانغا فرانكا” عندما بدأت الترجمة منها، حينذاك تعولمت فكانت في طريق الملح وجزءا في طريق الحرير. لذلك الترجمة تكون ذات فائدة عندما يعود الناس إلى لغتك بحيث تكون لغة العولمة ليس أن تترجم، فلا يجب أن تكون برميلا تستورد فقط ولا تعطي. في دول متقدمة لا يكون نيل جائزة إلا للذي يعود إليه الناس يزورونه في موقعه يوميا، يطلبون كتبه كمراجع، فالذي يُطلب اسمه في الشبكة العنكبوتية ترتفع أسهمه. اللغة مثل العملة، كلما يقع عليها الطلب كلما تتضخم وكلما تراجع الطلب تضمر، لهذا الترجمة يجب أن تكون أخذ وعطاء. المجلس الأعلى للغة العربية يتوفر على قسم خاص بالترجمة لأن مهام المجلس وفقا للدستور تشمل ثلاثة أقسام واحد للعمل على ازدهار اللغة العربية (مصلحة تهتم فقط بالازدهار) وقسم ثان لتعميم استعمالها في العلوم والتكنولوجيا وقسم للترجمة. أنجزنا عملا في هذا الصدد خاصة تجاه الحياة اليومية للمواطن مثل ترجمة شبه الطبي وعملنا مع المدرسة حول الألعاب اللغوية والمحيط العام لكن لا نقول أننا عن رضا بما نقوم به لأن لدينا مترجمين وهناك طلب على خدمات الترجمة يغدقون عليهم أموالا، لذلك لا يستقرون، فعندما نكوّن مترجمة أو مترجما يغادر بمجرد العثور على عمل في شركة خاصة ومع ذلك الأمور بخير. لا أقول الترجمة عندنا بخير أو بعكسه لكن أقول في العالم العربي لا يوجد مشروع، لا نعرف احتياجات الحكومات في الترجمة، يا حبذا لو هناك قائمة اسمية بكتب نحتاج إليها لتترجم وأن يغدق عليها ماديا، فالمأمون (ابن هارون الرشيد) في العصر العباسي كان يدفع وزن الكتاب المترجم ذهبا، لأهمية الترجمة ويجب إسداء جوائز ونحن في جائزة اللغة العربية نرصد مجالا للترجمة، لكن الجائزة بسيطة. لدينا المعهد العربي للترجمة الذي تديره الأستاذة إنعام بيوض لكنه يشتغل لجامعة الدول العربية ومع ذلك هناك مجموعة جزائريين يتكونون. الترجمة عندنا لا نوليها الأهمية التي تستحق وإذا أردنا أن ننفتح على التعددية اللغوية: - لا بد أن ننفتح على استعمال اللغات بالألف والتاء (جمع المؤنث السالم) – نحن لم نخرج من برنوس لغة واحدة، وهذا غلط، - العلم يوجد في ثماني لغات مما يتطلب وضع نظام من المرحلة المتوسطة للتمهيد لتلك اللغات مثل الألمانية والاسبانية. كما يقال إذا أردت أن تصبح فيلسوفا لا بد أن تعرف الألمانية، وإذا أردت أن تكون بحارا لابد أن تعرف الاسبانية، إذا أردت أن تكون حقوقيا عليك بالفرنسية، إذا أردت أن تكون تقنيا عليك بالانجليزية، وإذا أردت أن تكون في “النانو” أن تعرف اليابانية، أو تجيد الصناعة الثقيلة عليك بإتقان الروسية أو أن تكون لاهوتيا أن تتقن العربية أو أن تنفتح على الحضارة الشرقية عليك بالعبرية والتركية والفارسية. مشكلتنا ربما تماهينا مع مصطلح “غنيمة حرب” وبقينا فيه مترجما من الفرنسية، لماذا لا نذهب إلى النبع مباشرة وليس إلى المرجع، وعليه نبدأ الترجمة من التعليم عبر المراحل المتوسط ثم بإدراج 8 لغات في الثانوي تمهيدا للجامعة حيث تنمو أكثر في المخابر كاختصاص الحقوق تدرس بالعربية ولغة الأقطاب (مصطلحات) باللغة الأم لتفكيك مفاهيمها. ويبقى المستقبل كفيل بمدى الاستثمار في المدرسة ومنه الأمور تتغير.
- هناك تمدُّد لغات أجنبية، خاصة الفرنسية، إلى حقل حققت فيه العربية مكاسب، ما رأي المجلس في ظاهرة يمكن وصفها بالردة اللغوية على مستوى بعض الإدارات والمرافق، كيف تنظرون للأمر؟
 اللغة العربية، اليوم، ليست بنفس الحال، سابقا، فالتعليم نال مداه، المراسلات التي ننجزها نحن وتلك الواردة عدا بعض الأمور البسيطة جدا حتى من وزارة المالية تتم باللغة العربية. لكن اللغات الأجنبية نحن بحاجة إليها عندما لا تكون لغات الهوية التي تجعل اللغة الأم تضمر. الخطاب السياسي والإعلام بالعربية. مشكلتنا في الردة تكمن في الإعلام فهناك هُجنة لغوية معروفة. من الصحافيين من باب التسامح اللغوي من يقول أريد التحدث بلغة يفهمني بها الشارع وبالتالي أنزل بلغتي إلى مستوى الشارع وهذا خطأ، بل على الصحافي أن يجعل المجتمع يرتفع إليه. كما أن بعضهم يعتمدون مقولة “خطأ شائع أفضل من صواب مهجور” وهذا لا يخدم اللغة الفيحاء ولا يرقي اللغة وإنما الخطأ ينبغي أن يحارب، لأنه لا يؤدي بنا إلى بناء لغة جديدة ولا إلى ترقية اللغة الأم ولا يرقي تلك التي فيها هجين لغوي. نحن بحاجة إلى أناس يفهمون لغة بخصائصها ويستعملونها دون تداخل لغوي. أن تحدثني بالعربية المطلقة أو بالفرنسية أو بالانجليزية ممتاز، أما أن يكون خليط لغوي فهو غير مستحبّ في أي لغة في العالم. الوضع اللغوي حاليا لا يخرج عن الوضع الاجتماعي، فعندما نفتح الأجهزة المعلوماتية، مثلا، نرى كثير من الهجنة اللغوية، كذلك الشارع يستعمل الهجنة اللغوية إلى درجة لا نُميز كجزائريين بلغة معينة عكس المصري أو التونسي. كل هذا يعتمد على أمرين، الاستثمار في التربية وفي الإعلام ولا يجب أن نُسَوّد المسألة أوالعمل بنظام التيئيس كالقول أن العربية عدم وليس لها موقع أو ضعيفة، أبدا، هذا يقوله أناس ليسوا متخصصين وليسوا من البحثة. اللغة العربية بخير، بدليل، مقارنة بين قبل 2012 حينما كانت عدمًا في شتى المجالات وكيف أصبحت من بعد، فقد تغيّرت ويكفي رصد موقع اليونيسكو حيث العربية نافذتها الخامسة، 60 دولة تستعملها لغة رسمية، 22 دولة تستعملها لغة رسمية أم، 12 تستعملها لغة أجنبية رسمية أولى، 26 تستعملها لغة رسمية أجنبية ثانية، فموقعها جيّد، الكثافة البشرية للناطقين بها يوميا 1 مليار و800 مليون نسمة، تغطي القارات الخمس. يكفي أن نعلم أن عدد الجامعات التي تستعمل اللغة العربية، في الصين 66 جامعة، ماليزيا، اندونيسيا، فرنسا نفسها. عدد العرب الذين يستعملون الشبكة من صفر في 2012 إلى 142 مليون الآن. أمام هذه “الأرمادا” التي يقول عنها “جون لوي كالفي”، اللغة العربية لغة الفيل، لأنها أضخم لغة تحمل في المتن اللغوي، 12 مليون كلمة و325 ألف و902 كلمة. وهذه العبقرية الفذّة لا توجد في أيّ لغة أخرى، أمام لغات أخرى توصف بالذبابة، لا وزن لها ومع ذلك تفتخر، مثل قبرص، لغتها لا تخرج من بلدها وتفتخر بها وتدرس بها كل التقنات المتطورة، العبرية لا تستعمل خارج “اسرائيل”، رومانيا، هنغاريا حيث 3 مليون نسمة يعتزّون بلغتهم. نحن الآن غيّرنا الاعتزاز بالمواطنة اللغوية، لا نُورّث لأولادنا وأحفادنا الاعتزاز باللغة الأم التي تجمعنا وهي قاسم مشترك بينا. لماذا اختار الله هذه اللغة، لعبقريتها وما تحويه من حيث الأصوات، جرسُها، نحوُها، صرفُها، اشتقاقاتها، دقة متناهية تستطيع أن تُعبر عن أي وضع دون حاجة إلى لغة وسيطة أو ترجمة لا تكون وافية وفي العربية تستطيع أن تُعبّر عن موقف واحد بخمسين صورة بفضل المترادفات والمشترك اللفظي. الآن يوجد وضع لغة الاستدمار الفرنسي، يشكّكون في ديننا وفي لغتنا، فالفرنكفونية لم تخرج من أعماقنا، فهي مشكلة كبيرة جدا وبخاصة في الدول المغاربية، حيث يهزموننا في لغتنا وفي ذواتنا، بدليل أن رواندا كانت فرنكفونية أفقر لغة، حصدت فيها الحرب الأهلية حوالي 2 مليون، ولما انتصرت بالجناح الأنغلوفوني وخرجت من العباءة الفرنكفونية أصبحت رواندا ماليزيا إفريقيا، فهي، اليوم، متقدمة بعد أن خرجت من بيت عنكبوت الفرنسية، إن أوهن البيوت لبيت العنكبوت، وبالتالي أوهن اللغات الفرنسية، لأنه استعمار ثقافي والانجليزي اقتصادي. نحن بحاجة إلى تفتح لغوي نفعي، حيثما المنفعة تم شرع الله، مثلا استخلص تذكرة من مطار هواري بومدين لا تأتيني إلا بلغة العولمة، الانجليزية، لا يمكن أن أسوح في أي بلد دون هذه اللغة، الفرنسية بقيت في السينغال، وبعض الدول الإفريقية المتخلفة، فلماذا نبقى ندفع من أجل لغة لا تؤكلني خبزا، لكن لا يعني الاستغناء عنها، ففي مواقع نحتاجها لاعتبارات تاريخية، فقد ورّث لنا الاستعمار جيلا ولنا جالية كبيرة في فرنسا، لكن إن كانت المنفعة في الانجليزية، لماذا أجعل الفرنسية وسيطا، فاعتماد المنافع والمصالح المرسلة التي نحن بحاجة إليها لتواجد لغتنا في العالم، ويلعب الإعلام دورا في هذا. العربية ليست لغة مؤسسات بل هي لغة مشتركة ويجب أن نتنادى جميعنا من أجل الهوية واللغة المشتركة فلولاها لما فهمت علي  والدليل أن كبار الثمانية يعتمدون لغة واحدة هي الانجليزية بما فيها فرنسا. ألمانيا فيها 39 لغة  ولما جاء الأخوان غريم وحّدا الألمان على اللغة الألمانية وهي لغة “فيختة”، الروس لديهم 16 لغة لكن الروسية لغة بوشكين وهو أمير الشعراء الروس، وضع اللغة المشتركة الروسية، اليهود 102 لهجة وجنسية لكن جاء عالم وحدهم لغويا هو يهودا بني ال عازر أنتج معجما وحّد كل اليهود من أصقاع العالم، الألمان وضعوا على وجهي المارك صورة الإخوة غريم إكراما لهما. نحن علاوة على نقص الاعتزاز، أسهم الإعلام في المعضلة، فالفرنكفونية لا تزال تلعب أوراقها في الجزائر والمنطقة المغاربية إلى جانب تداعيات ما يتصل بالإرهاب بتقديم صورة نمطية عن كل من يتكلم العربية له صلة به وهذا من الأخطاء.
- من خلال هذا المشهد بتناقضاته، كيف تتصورن مكانة اللغة العربية في الأمدين القصير والمتوسط؟
 ستكون خريطة طرق لغوية جديدة أفق 2026، وأخرى في 2030، وثالثة لـ 2050. ما موقع العربية في كل هذا، في 2026 ستنتقل اللغة العربية في ترتيبها أمما من الرتبة الخامسة إلى الثانية نظرا للإقبال عليها، يُطلب ودّها في الترجمة، الاقتصاد ثم في 2026 ستنتهي المشاريع التي في قيد الانجاز وتُحل كثير من القضايا العالقة منها المعجم التاريخي بالعربية. كل الدول العربية بدأت تهتم بالمواطنة اللغوية، جامعة الدول العربية تستنفر أركانها لموقع العربية المهترئ لتجديده. هناك اجتماعات في 2008 لم تؤت ثمارها وحتى في 2016 ونأمل في لقاء الجامعة هذه السنة بالجزائر أن تكون نظرة أخرى. توجد مشاريع تنتهي في 2026 وبالتالي نحل مشكل التعليم وإقامة تخطيط لغوي في كل الدول العربية ومنه تنتقل اللغة إلى ربما الرتبة الثانية أو الثالثة أو الرابعة. الخريطة الثانية 2030 سوف يكون لصالح اللغة العربية من حيث نيلها مواقع خارج مواطنها وخاصة في آسيا، حيث لديها تواجد في البنغال، الهند، اندونيسيا وفي ماليزيا،(كتل بشرية هائلة) حيث سيكون الخط العربي قويا وكذا في تركيا حيث تُرصد مناداة فالعربية تنال مواقع جيدة وهناك دعوة لكتابة التركية بالحرف العربي وبالتالي مع نهاية هذه العشرية يحدث عولمة الخط العربي بما فيه في إفريقيا، لأنه كان معولما وسيعود إلى موقعه، بفضل ما يعرف بوعي لغوي جديد. أفق 2030، ستختمر أفكار وتحصل معركة مواقع فتنقرض لغات بمرض يدعى “كوليرا اللغات” يبدأ في الظهور نفس السنة، ومعناه أن لغات تفتقر للمناعة الذاتية ستختفي، علما أنه توجد حوالي 7 آلاف لغة في العالم ويوميا تموت لغة أو أكثر ومع سنة 2050 ستبقى في حدود 10 لغات، لأن العالم يتوحد بهذه التقنات ويتعولم وتتحقق القرية الكونية، أمر يتطلب تقليص اللغات (الاتحاد الأوروبي يستعمل 24 لغة وفي 2026 سيستعمل 4 لغات فقط ربما تكون الفرنسية، الألمانية، الاسبانية والانجليزية) كما تختفي اللغة التي ليس لها روح المنافسة وغير مستعملة خارج مواطنها وليس لها البعد المكاني والزماني وتفتقر للحمولة الفكرية. حسب الدراسات تبقى حوالي 10 لغات من بينها 4 أممية، مواصفاتها أنها طبيعية، علمية، ذات كتلة بشرية وذات مرونة في الخط ولها إنتاج الفكر والمعرفة وهذه المواصفات تشمل الانجليزية، العربية، الاسبانية، الروسية والصينية (لديها 4 آلاف كلمة) والباقي لغات محلية. الصراع الآن بين الصينية والروسية، هذه الأخيرة ليس لها الكتلة البشرية خلاف الصينية، لكن المرونة لا توجد في الصينية وبالتالي ترشح اللغات التالية، الانجليزية، العربية، الاسبانية، الروسية لعلمها. اللغات الأخرى هي الرسمية وعددها 31 فقط، بمعنى لغة أممية معروفة وليست في بلد ما لها متن وخط ورمز وحمولة فكرية، الفرنسية تكون العاشرة، نظرا للمدى التاريخي الذي نالته والبعد المكاني (56 دولة فرنكوفونية). اللغة المنافسة الآن ربما اللغة اللوزوفونية (الناطقة بالبرتغالية وهي قوية جدا) تعد أقوى من الفرنسية وهي فرع من اللاتينية وقوتها في أنها أسهل في قواعدها وبسيطة أكثر من الفرنسية، ومنه هي مرشحة لتكون من اللغات التي تبقى وقد تأخذ البعد العالمي، حيث تُستعمل حاليا في 3 دول في إفريقيا بحكم الاستعمار البرتغالي، بينما تضيق السبل بلغات أخرى كالألمانية. لهذا علماء اللغات يقولون إذا كانت لغتي الرسمية ستنقرض مع “كوليرا اللغات” ما العمل، عليّ أن أطور المتن اللغوي إلى مستوى اللغات الباقية وهو ما تقوم به ألمانيا بترجمة متنها اللغوي إلى العربية. لكن التوجهات المعاصرة تذهب منحى الانجليزية، فهي تأخذ يوميا أبعادا زمنية ومكانية واستعمالية، يكثر عليها الطلب وأصبحت لغة العولمة وتبحث عن الاستثمار في الجوانب الثقافية، بمصطلح “القوة الناعمة” باعتماد الإغراء والتسامح اللغوي، لتصبح مُعولمًا تابعا لها، لذلك هي مرشحة لتبقى دائما في الرتبة الثانية، لكن هناك من الانجليز من يعيب عليها التسامح اللغوي والتساهل، كون هناك كلمات لا يفهمها البريطاني والأمريكي، والأساس عندهم الفهم أكثر من النحو. يبقى هل يمكن أن تتحقق هذه الخرائط كلية، يصعب الحكم، لكنها تتحقق بنسبة 90 إلى 95 بالمائة. ما موقع اللغة العربية في كل هذا، نقول إنها بخير، ومن خلال مشاريع المجلس الأعلى للغة العربية تسجل مكاسب في المحادثة اليومية والمصطلحات، آخرها مع وزارة الصناعة، أكد وزيرها أنه مع العربية وسيُعقد قريبا لقاء معه لرسم خريطة طريق حول موقع العربية في الصناعة، فكما قال بومدين إذا لم أجد العربية في الحجار لا فائدة منها. وستكون كذلك إنشاء الله من خلال مشاريع كبرى بعنوان اللغات الوظيفية وهي كل اللغات التي توظّف في التجارة، النقل، إشارات الطريق، البريد والداخلية. لنشير إلى ما تجسّد على بالحالة المدنية لوزارة الداخلية والجماعات المحلية بنمطية خوارزمية جد ذكية بحيث تكتب تاريخ الميلاد بالأرقام فيكتب بحروف صحيحة بمعدل 0 خطأ، لدينا برمجية تتكلم فيُكتب بالعربية، هناك عثرات صوتية بدأنا في ضبطها. لدينا مشاريع كبيرة ننجزها على مستوى المنصات الذكية التي تفهم العربية جيّدا وهذا يتطلب مهندسين ولغويين لكون مشكل العربية في كتابتها (بين الصائت والصامت) ونحاول عن طريق الذكاء الصناعي معالجة كل لبس. الجائحة علمتنا أن نستثمر في هذا المجال لتكييف التقنات مع النطق الصحيح. إننا نستثمر في الرقمنة وسنصل، فالطريق تصنعه الأقدام، أما إذا سقطنا في الوهن والفشل واعتقاد العربية متخلفة فكارثة، المهم أن نبدأ، ولما نواجه صعوبة نحاول حلها، أما أن نضع ممهلات للتعطيل فهذا غير ممكن، هل هذه اللغات ولدت علمية، لا، القائمون عليها طوروها بالعمل. نحتاج إلى إرادة سياسية وهي موجودة، إلى مؤسسات وأناس علميين مسيرين. مشكلتنا، مثل المجامع اللغوية في العالم العربي (15 مجمعا) لو نبحث ما تقدمه أقول أن كثيرا منها تحتاج للغلق، إنها لا تقدم شيئا، لا تعالج الأمور اللغوية المعاصرة، والمسيرون عفا عنهم الزمن، لا يسايرون الوضع والدليل عندنا المجمع الجزائري، هل سمعنا أنه قدم شيئا كمؤسسة محسوبة على اللغة العربية، إنه دون أثر، كأن الأمر لم يسند إلى أهله. نحتاج إلى تعاضد جهودنا خدمة للمواطنة اللغوية، المجلس تشهد عليه أعماله، لا نقول ليس لدينا أخطاء وصعوبات، فالذي يعمل يخطئ، إنما من لا يخطئ هو من لا يعمل. أنا مقتنع بأن أعمال المجلس قياسا بالزملاء في جامعة الدول العربية، وما يهمنا الركام المعرفي لتأسيس مرحلة النوعية، لذلك الوضع اللغوي للعربية تغير كما يظهر في الإعلام (أنجزنا 5 مدونات للإعلام) آمل أن التغيير إيجابي رغم عثرات، هي طبيعية وقوتنا في انفتاحنا على المحيط محليا ووطنيا خدمة للغة العربية فالمجلس متفتح على كل الشركاء والتيارات الفكرية للوصول إلى قواسم مشتركة.