بأي الحروف أكتب هذه المرة، وبأي لغة أختار الحديث، وقد بات ما في الجوف محيطًا ثائر أمواجه أعتى من قمة إفريس وقاعُه أعمق من خندق مرينا، بات حوت يونس مسبحًا بجوفنا، بتنا نستغيث المغيث في صمتنا ليغدو لصمت صدى صاخب.
لم نعد نغرق داخل أحزاننا ولا نهيم بأوطاننا، أوطاننا أحضان قلوب غدت الملجأ والأمان، أوطان لا حدود لها، فقد هجر كلانا هذه الأوطان وباتت أرواحنا متشردة في شوارع تنام بأزقتها وتحتضن برودة جدرانها.
فقد بات اللاشعور يحتضننا بقوة، يتمسك بأحلامناوأمانينا، بماضينا وحاضرنا ويغزو مستقبلنا، إنّ اللاّشعور هو مزيج بين الحياة والموت، إذ أنّك تغرق ببطئ داخل طين لازب، أو كأنك تقف بحفرة ضيقة تحاصرك من كل ناح، ترى هل سيَمنحني اللاّشعور الإعفاء من الشعور بسكرات الموت !
هممم ... ! الموت أو الحياة، قوائمٌ أبحث فيها عن اسمي فلا هو فيهما، ..
أضحيت مجرّد أشلاء متناثرة هنا وهناك، تذروني الرياح وتطفو روحي على ألواح ذات دسر.في هاته الأيّام الأخيرة من حياتي، تجاوزت اللاّشعور، والشعور أظنّه أقربَ أو هو شعورُ الأموات.الموتى وحدهم من يشعرون به، وهم فقط القادرين على وصفه لكنّهم لا يستطيعون التواصل معنا لوصف ذلك الشعور، وإنّي أشعر شعور الموتى وغير قادر البتة على وصفه ..
حتى إنّي كلّما كتبت وصيتي أجد نفسي قبل أن أنهي السطر الأخير منها أُمزّقها، فتنزف أوراق وصيتي حبرًا ليصف حبرها ما يشعر به الأموات، وتسمعُ من بعيد أضلاع وصيتي تتحطم، وأنتَ تُبصر ابتسامتها بات الضحك هو صراخها، وتسقط نقاط الحروف دموعا لتُدفن حروفها دون نقاط.
على سبيل الحياة إبتسم، فنحن البشر نبتسم دوما لمن نحبهم حين يرو سُحنتنا، فما بالك أنّ الله يراك الٱن فابتسم إنّ الله يراك .