نتائج أزالت الغطـاء وكشفت «البريكولاج »
إيجـاد حلـول للخروج مـن النفق حتمية
توالت إخفاقات الرياضة الجزائرية خلال الألعاب الأولمبية التي تجري وقائعها بالعاصمة اليابانية طوكيو من 23 جويلية إلى 8 أوت 2021، حيث خرج عناصر النخبة الوطنية في مختلف الإختصاصات تباعا من الأدوار الأولى بسبب عدم قدرتهم على مسايرة المستوى العالي، بالرغم من وجود بعض الأسماء التي تملك الخبرة في هذا الحدث الكبير الذي يُقام كل أربعة سنوات، إلاّ أن ذلك غير كاف لأن العمل والتحضير الجيد هو المعيار الأساسي من أجل الصعود لمنصة التتويج.
تعتبر هذه الطبعة الأسوأ بالنسبة للمشاركة الجزائرية من مجموع 14 مشاركة في تاريخ الألعاب الأولمبية بعدما أخفت لحد الآن كل الرياضيين الذين دخلوا المنافسة في تجاوز الأدوار الأولى، حيث تتواجد في ذيل الترتيب العام من مجموع 206 دولة تتواجد بطوكيو، وتتجه البعثة الجزائرية للخروج من دون ميدالية بالرغم من تنقلها بتعداد يتكون من 44 رياضي يتوزعون على 14 إختصاص غادر أغلبهم أجواء التنافس، والأمر يتعلق بـ 8 عناصر في الملاكمة، 4 في المبارزة، 3 في السباحة، الكانوي كياك والتجذيف بـ 3 عناصر، 2 في الشراع، بيداني في رفع الأثقال منعته كورونا من المشاركة، 2 في الجيدو، 8 في المصارعة المشتركة، أغلب عناصر ألعاب القوى باستثناء ياسر تريكي الذي تمكن من بلوغ نهائي الوثب العالي بكل جدارة وهو مُنتظر اليوم في النهائي.
أين حماد في هذا الظرف ...؟
غياب غير مبرر لرئيس اللجنة الأولمبية عبد الرحمان حماد في هذا الظرف أسال الكثير من الحبر في الوسط الرياضي والإعلامي، لأنه من المفروض أن يكون في طليعة الوفد الجزائري ويرافق الرياضيين بما أنه بطل أولمبي سابق والمسؤول المباشر على الهيئة الأولمبية، من جهتها المكلفة بقيادة الوفد الجزائري في هذا الموعد حسيبة بولمرقة كانت بمثابة الحاضر الغائب بالرغم من الحجم الكبير للمسؤولية التي أسندت إليها لأنها كانت بعيد عن مسرح الأحداث، بدليل الأخطاء الكثيرة التي حصلت منذ بداية وصول الرياضيين الذي كان عن طريق دفعات ومن دول متفرقة على غرار ما حصل مع فتحي نورين الذي رفض مصارعة منافس من الكيان الصهيوني لأن ممثلنا لا يملك الخبرة في التعامل مع مثل هذه الوضعيات، وكذا ما قام به المدير الفني لإتحادية المصارعة دريس حواس الذي كاد يتسبب في إقصاء كل من سحنون ومليح في السباحة وبسببه أيضا أقصيت هدى شعيبي من جدول التدريبات، كل هذه الأمور جعلت طبعة طوكيو 2021 أسوأ مشاركة في تاريخ الجزائر المستقلة.
أسوأ مشاركة
للإشارة فإن الجزائر شاركت 14 مرة في الألعاب الأولمبية بداية من طوكيو 1964 برياضي واحد والأمر يتعلق بـ لزهاري يماني في إختصاص الجمباز، فيما حازت على 17 ميدالية من إنجاز 3 إختصاصات رياضية والأمر يتعلق بألعاب القوى التي حصدت 9 ميداليات منها 4 ذهبيات، 3 فضيات وبرونزيتين، ذهبية في الملاكمة و4 برونزيات، فضية وبرونزية في الجيدو، فيما خرجت من دون ميداليات في خمس طبعات سنوات 1964، 1968، 1972، 2004، والأمور تتجه نحو الخروج خالية اليدين من هذه الطبعة الإستثنائية التي تجري بطوكيو وفقا لبروتوكول صحي صارم بسبب الجائحة الصحية التي يعيشها العالم نظرا لتفشي فيروس كورونا، وبالرغم من تأجيل الموعد بسنة كاملة إلاّ أن النخبة الوطنية لم تستفد من ذلك في التحضيرات لعدة أسباب أبرزها الصراعات التي كانت تعيشها أغلب الإتحاديات الجزائرية، المشاكل التي أدت إلى إنشقاقات في الوسط الرياضي، غلق المجالين الجوي والبري للقضاء على فيروس كورونا والإكتفاء بالتحضير بالجزائر وبطريقة متذبذبة سواءا بسبب وجود إصابات وسط الرياضيين، أو لعدم وجود منافسين للقيام بتربصات ذات مستوى عالي.
غياب مراكز التحضير
من جهة أخرى فإن الجائحة الصحية كشفت عديد الأمور السلبية في الساحة الرياضية الجزائرية في مقدمتها غياب مرافق مجهزة بطرق حديثة تضمن القيام بالمعسكرات في ظروف جيدة، والأكثر من ذلك نفتقد لمراكز الإسترجاع التي تعتبر جد مهمة في الوقت الحالي لأن هذا الجانب له دور كبير في تطوير مهارات الرياضيين والحفاظ على سلامته بعيدا عن شبح الإصابات والإرهاق عندما يتعلق الأمر بتربصات طويلة المدى، ومن هنا تطرح عديد التساؤلات أين كان المسؤولين على قطاع الرياضة سواء كتابة الدولة المكلفة بالنخبة سابقا، أو اللجنة الأولمبية التي لم تحرك ساكنا منذ بداية الجائحة، والاكثر من ذلك لم تُعقد ندوة صحفية قبل التنقل إلى طوكيو وساد صمت غريب في محيط هذه الهيئة التي من المفروض أن ترافق الرياضيين في كل الفترات، منذ إعطاء إشارة العودة لجو التدريبات في أوت 2020 للرفع من معنوياتهم ومساعدتهم على تدارك التأخر، كما سجلنا غياب في الجانب الإعلامي إلى درجة أن الأسرة الإعلامية لم تجد مع من تتصل في هذا الظرف لمعرفة تفاصيل الوفد الجزائري قبل وبعد تنقله إلى مكان الحدث، إضافة إلى أنه لم يكن هناك تأطير للرياضيين قبل التنقل بدليل أنهم وجدوا صعوبات كبيرة منذ وصولهم إلى طوكيو بسبب غياب من يرافقهم وتخفيف الضغط عنهم في هذا المحفل الكبير لأن أغلبهم صغار في السن ولم يسبق لهم المشاركة.
نتائج أزاحت الغطاء عن سياسة الترقيع المنتهجة من طرف أغلب المسيرين في الجزائر بسبب غياب إستراتيجية عمل واضحة لأن ميدالية أولمبية تتطلب عمل كبير على مدار أربعة سنوات على الأقل، إضافة إلى أننا أصبحنا نركز على الجانب الأفريقي في وقت نجد أشقاءنا من تونس ومصر يتنافسون على الصعيد العالمي والأولمبي والدليل واضح في منتخب الفراعنة لكرة اليد الذي تألق عالميا وأولمبيا بعناصر شابة، ولهذا يجب أن يكون تقييم شامل وقراءة واضحة فيما آلت إليه الرياضة الجزائرية، والكف عن هواية التهرب من المسؤولية وتبادل التُهم فيمن كان السبب، والإجتماع على طاولة لتحديد الأهداف المستقبلية إنطلاقا من تصحيح الأخطاء والأسباب التي جعلت الرياضة الجزائرية تعيش هذه الأزمة، والإسراع في لإنقاذ الوضع خاصة أننا على بُعد 10 أشهر فقط على الحدث الكبير الذي ينتظره الجميع والأمر يتعلق بالألعاب المتوسطية التي ستكون بوهران 2022، والتي تعد محطة جد مهمة من اجل تصحيح الأمور وإعادة هيبة الرياضة الجزائرية، وفي نفس الوقت ستكون موعد للتحضير للألعاب الأولمبية المقرر بباريس 2024.
بوغادو: توفير الإمكانيات لتدارك الوضع
صرخة من رؤساء الإتحاديات المتضررة من أحداث طوكيو الذين إستنكروا ما أسموه بالبيروقراطية على غرار رئيس الإتحادية الجزائرية للسباحة محمد حكيم بوغادو الذي قال للشعب ويكاند في هذا الصدد «اليوم لا ألوم السباحين على النتائج المحققة في طوكيو لأنهم قدموا ما عليهم حسب الإمكانيات التي عملوا وفقها، لأنهم عانوا كثيرا من غياب الإمكانيات بدليل أنهم لم يتلقوا مستحقاتهم المالية من أجل التدريبات في وقتها وهذا ما أثر عليهم، ولهذا أقول أنه إذا أردنا ميدالية أولمبية يجب أن نوفر الإمكانيات اللازمة حتى نتمكن من تحديد برمجة واضحة للعمل، كما أنني أتأسف على ما حدث في طوكيو لأن الرياضيين لم يجدوا مرافقة ولم يكن هناك تأطير لدرجة اننا لما إتصلنا باللجنة الاولمبية لم نجد الرد باستثناء الأمين العام برباري الذي كان في تواصل معنا، ومن العيب أن لا تكون لدينا أماكن إضافية لأن مليح تأهلت في الأيام الأخيرة وإضطرت إلى التنقل من دون مدربها، وإذا أردنا أن نكون جاهزين لأولمبياد باريس يجب أن نشرع في العمل من الآن، وقبلها هناك الألعاب الأولمبية بوهران ولحد الآن لم نتلقى المنح الخاصة بالتحضيرات بالرغم من تخصيص 400 مليار من الدولة الجزائرية لهذا الحدث».
بولحية: «عشوائية كبيرة أفقدتنا فضية»
من جهته رئيس إتحادية رفع الأثقال إسماعيل بولحية عبر في تصريح خاص للشعب ويكاند عن إستيائه للعشوائية التي تنقل خلالها الوفد الجزائري إلى طوكيو في قوله «يجب أن يعرف الجميع أننا إتفقنا قبل إنطلاق الألعاب على أن تجمع الوفد المشارك في طوكيو بتركيا للذهاب سويا، وعلى هذا الأساس قمنا ببرمجة تربص بيداني تركيا لنتفاجأ في الأخير أن اللجنة الاولمبية غير قادرة على الحجز هناك، ما أدى إلى إلتحاق الرياضيين تباعا كل إختصاص من البلد التي كان يتواجد بها وهذا ما كان له إنعكاس سلبي، إضافة إلى عدم مرافقة الرياضيين لأنه كان من المفروض أن يدخل المعنيين بالمشاركة في معسكر هنا بالجزائر لمدة 15 يوما وبعدها يذهبون سويا، كل هذه الأمور جعلت وليد بيداني يتنقل من دون مدربه لأنه كان مصاب بفيروس كورونا، ما جعل الرياضي يدخل في حجر عندما وصل إلى مكان الحدث والأكثر من ذلك بولمرقة لم تكن على دراية بذلك، ما جعلنا نستعمل إتصالتنا حتى يتمكن بيداني من القيام بفحوصات الكشف عن الفيروس بصفة متتالية لكنه لم يتمكن من المشاركة لأنه لم يتعافى وبهذا فقدنا ميدالية فضية لأن المنازلة كانت مقررة يوم 4 أوت، وموعد الفحص القريب كان يوم 5 أوت».