طباعة هذه الصفحة

الطاوس عمروش (1913 / 1976)

قدّيسـة الأدب والأوبــيرا

جيجيڤة براهيمي أستاذة الفلسفة بجامعة تيزي وزو

« لا إله إلا الله؛ محمد رسول الله... إنّ الالتزام بأداء صلاة الصّبح يتطلّب الصّبر...  يا سيدي علي، يا سيدي علي؛ يا صاحب عيون الصقر، الله، الله...» ينبعث صوت أنثوي على آلة الفونوغراف، أغاني مسجّلة عام 1967 بعنوان أشعار بربرية قبائلية Chants Berberes De Kabylie. يتصاعد الصّوت في بناء لحني يحاكي صرخة بدائية قويّة الصّدى، بعيدة المدى، صوت كأنّ حباله تمتد من جبال جرجرة إلى غاية الأهقار ليجفل فرحًا في تلابيب كهوف سيفار التي يبدو أنّه يروم مُجانسة رمزيتها، ومتاخمة رهبتها. إنّه صوت ماري لويز الطاووس عمروش؛ الذي صاحبه ثناء أسماء عالمية مثل أندري بروتون.... تتباين طبقاته؛ وتتعاظم خامته في توجّس جمالي ظلّ علامة مسجّلة، وبصمة افريقية جلية، صوت يتحدّى تنظير الفيلسوف شوبنهاور للموسيقى التي قال عنها في كتابه العالم كإرادة وتمثّل: «إنّ الموسيقى تعبير عن الإرادة العليا، لذا لا يجب أن تكون مرفوقة بالكلمات». عبارة عن حالة فنية متمرّدة على التّعريف الشوبنهاوري، فكانت الكلمات دون المعازف. لقد فعلت ذلك تيمنًا بشدو نساء جرجرة اللواتي أصبحت صوّرهن غالبًا رديفات للوجع والحيرة، للنّظرات الصّامتة العميقة حينًا وللصّرخة الثورية حينًا، لهذا كانت الطاووس حين تتحدّث عن شخصياتها الأدبية التي كانت تتدرّع بها فنّيًا، فكأنما كانت تضع لبنة لونية ليأتي فيما بعد الفنّان محمد اسياخم ليغطس ريشته فيها. كانت تفعل ذلك قصد الاستجابة لإلحاح الذّاكرة ووشائج الوطن الأصل، لقد اخترنا هذا التّعبير الأخير بدل عبارة « الوطن الأمّ « ذلك لأنّ الجزائر كانت أكبر بكثير من أن تُختصر لدى الطاووس في تيمة «الأم»، لقد كانت الجزائر لحظة فنّية لصوت مقامه ليس حجاز أو نهاوند أو كرد، بل مقام يجوز وصفه بمقام «جزائر»، يعتدّ حكمنا هذا بما قاله عنها مالك حداد عبارته المؤسّسة جماليًا عبر ترجمة الأستاذ عبد الباقي هزرشي في إحدى مقالته: « عبر صوت الطاووس عمروش تقدّم الجزائر أوراق اعتمادها إلى مملكة الله والانسان»  
لقد تضمّنت أسطوانتها: أشعار بربرية قبائلية، مجموعة من الابتهالات الدّينية الصّوفية مثل المدائح الدينية لحجّاج قرية «أغريب» ... كانت تلك المبادرة مرافعة فنّية عن جانب مهمّ من الإرث التليد لمنطقة القبائل. ما كانت هذه الابتهالات لتسترعي انتباهنا على نحو باهر لولا تلك الصّورة التي كرّسها الأغلبية من الدّارسين عن الطاووس، فجعلوها قرينة فقط بالديانة المسيحية وثقافتها التي اغترفت منها، وذلك لكونها قد نشأت عليها بحكم اعتناق والدها لها حين دُفع للتتلمذ على أيدي الآباء البيض منذ صغره. نشأت الطّاووس في أسرة دفعتها» الصّدفة التاريخية لاعتناق المسيحية، واتّخاد اللّغة الفرنسية كاللّغة الأمّ، ورغم ذلك قد بقيّت الأسرة متشبّثة بالوطن الأصل « الجزائر»، وهذا ما يتبيّن من الفقرة التي ضمّنها مولود معمري في مقدّمته لكتابه جون الموهوب عمروش «أشعار بربرية قبائلية».
ارتأينا أن نسمي»مقام جزائر» صنف الاشويق الذي تؤدّيه، وهذا لكونه بات قرينًا بالطاووس القامة الجزائرية؛ التي بدت ولزمن طويل لم يكن يطيب لها المقام، إلاّ في الجزائر التي جعلها الحنين إليها تلحق الهزيمة بالعديد من العواصم العالمية التي من بينها باريس، العاصمة التي وصفها فالتر بن يامين Walter Benjamin في إحدى مقالاته الواردة في كتابه Œuvres بعاصمة القرن التاسع عشر. في حين كانت الجزائر بالنّسبة للطاووس عاصمة لكل الأزمنة، هذا هو الشّعور الذي رافقها، وهي التي وُلدت في تونس وسافرت إلى فرنسا. تبيّن من كلّ هذا التّرحال بأنّ هذه الأديبة وإن لم تولد في الجزائر، لكن هذه الأخيرة كانت تتولّد بداخلها في كلّ لحظة.
إنّ من يقرأ نصوص للطاووس قراءة مصدرية مباشرة، ومن ينصت إليها وهي تؤدّي الأشويق، سيعرف بأنّ الشّعور بالحنين إلى الوطن الأصل، قد كان بمثابة الذّخيرة الحيوية التي مدّت نصوص الأدبية بالحيوية. يتجلّى لنا هذا في ردّها عن السّؤال الذي وُجه لها حول ما تعنيه لها روايتها «ياقوتة سوداء Jacinthe noire» ، فكانت اجابتها بحسب الشهادة التي نقلها لنا الأستاذ محمد العلوي العبدلاوي عام 1972 في مجلة l’Afrique littéraire et artistique على النحو التالي:»إنه كتاب الثورة والوحدة، تعبير عن مرحلة استفاقة الوعي خلال مراحل العمر الأولى. لقد شعرت بأن باريس كانت ترفضني، أنا أيضا لم أكن حينها مستعدة ولا مهيأة للعيش في باريس... «.
 مدهشة وآسرة هي الطاووس وعائلة عمروش في ولعها بالجزائر، إلى درجة من المفروض أن يتم الاشتقاق من هذه العائلة تيمة خاصة لتوصيف كلّ تجربة جزائرية مغتربة تظل مولعة بالجزائر. تلك هي الحالة التي تقوم بالتوثير للمرأة الرّمز، لكاتبة راقية في فكرها، في أناقتها التي وشّت صورتها واقعيًّا وتجريديًّا لجعلها رديفة لجزائرية تصرّ على الظّهور عادة بزي تقليدي قبائلي، وبذلك كانت سفيرة مفوّضة فوق العادة للتّراث الجزائري. لقد كان الإصرار على الكينونة ممنهجًا لدى الطاووس، وقد أضفت له مذاقًا حرّيفًا عبر روايتهاRue des Tambourins التي صدرت غداة ستينيات القرن الماضي، وتمّ إعادة نشرها من طرف دار نشر JoëlleLosfeld عام 1996 وقد أتت في 336 صفحة، معبأة بذخيرة متنها الوجع. ترفد أحداثها الواقعية نحو الذّوات التي تحرّكها دافعة إيّاها نحو أقدار لا تتّفق أحيانًا مع ما تتوسّمه تلك الشّخصيات ومنها البطلة ماري كوراي– كوكا-Marie-Corail .
 إلاّ أنّ الطاووس أبقتها قويّة في مواجهة الصّدمات، وثابتة أمام الحيرة التي تحيطها، وهذا ما يتبيّن في الصّفحة 105: «لقد عايشت الاحساس بالإقصاء من البقعة السّحرية، لهذا تدفعني الرّغبة للاحتماء خلف شراشيف فستان والدتي،  لقد أحسّست بأنّي متميّزة عن غيري من البشر، سواء واصلت العيش في بيئة مسلمة أو فرنسية. أنا أشعر بالضّياع كلّما استحضرت الماضي، أحسّ بألم قاتل، ذلك لأنّه من غير الممكن بالنّسبة لي الاندماج مع غيري. لقد كنت أعيش دومًا على الهامش».
نشأت البطلة ماري كوراي في رواية شارع الدفوف بين عائلة اعتنقت الدّيانة المسيحية الكاثوليكية، بينما بقيّت الجدّة التي تحظى بالاحترام والحكمة وقوة الشخصية؛ مسلمة ولم يحاول أيّ أحد اقناعها باعتناق المسيحية، بل ظلّت تردّد الأشويق الصّوفي مبجّلة من خلاله الاسلام، كانت تعزّز علاقاتها مع جيرانها العرب في تونس. تمكّنت الجدة من تعليم البطلة وإخوتها اللّغة العربية، وفي ذات الوقت كانت حريصة على تعليمهم الّلغة البربرية، حيث أدّت دورًا رياديًّا في اطلاع أحفادها على التّراث الثّقافي الشّفوي البربري.  
يتمظهر تأثير الجدّة «جِيدَا « في رواية شارع الدّفوف، كمشروع احيائية التّراث الشّفوي الجزائري لدى الطاووس عمروش، فلم تقتصر على تدوين جزء منه فحسب، بل قدّمته لحنيًا كذلك، وهذا ما جعل استوديو Chants de l’Atlas ينشر شهادات أطواد الثقافة العالمية على غلاف أسطوانة سجلتها عام 1970 بعنوان:
millénaires des berbères d’algérie: Traditions تقاليد تلائد لبربر الجزائر. كانت تلك الشّهادات لـ: مالك حداد، محمد ديب، ايمي سيزار
Aimé Césaire حيث قال عنها هذا الأخير: «حين نباشر بحثنا عن شواهد تخصّ الحقبة الماضية؛ فإنّنا نتصوّر بأنّ ذلك العثور سينبجس من خلال الحجر: المنحوتات، البناءات، لكن ماذا عن الصّوت البشري؟ عن الصّرخة؟ عن اللّحن؟  هذا هو الثّلاثي الذي تقدّمه لنا الطاووس، ألحان شعبية، ألحان مقدّسة، الترانيم. بصراحة أشعر أنّني لا أعلم الكثير، لكنّني أعلم بأنّ صوت الطّاووس الأريجي العابق بخامته يوصل عبر هذا الثلاثي القلوب الحيّة بالأزمنة الغابرة»
كان للتراث الفني الشفوي القبائلي المحتفي بالثقافة الإسلامية ودينها حظوة لذى الطاووس،  فقامت تأديتها على نحو ابتهالات صوفية حوّلتها إلى سمفونية ارتقت السّلم الموسيقي مستعينة بحبالها الصّوتية ذات الطابع الأوبيرالي؛ على نحو زاوجت فيه بين الأشويق وصدى قباب المساجد حين الآذان، و حلقات الذّكر في الزّوايا القرآنية. تلك هي الطاووس التي قالت عنها ابنتها لورونسLaurence Bourdil في حصّة Magazine Rencontre التي يديرها صالح منصوري «بثّت عبر أثير إذاعة RFI: لقد كانت والدتي مولعة بتأديّة الألحان الطّقوسية. كانت تفعل ذلك باستمرار وهي تقوم بالأشغال المنزلية ...» كانت تلك طريقة مثلى بالنّسبة إليها كي تفتك تأشيرة العودة الرّمزية إلى الجزائر، كي تفرّ بذاكرتها من باريس التي قالت عنها أنّها ظلّت لمدّة طويلة تشعر بأنّ تلك العاصمة الاوروبية واجهتها بالرّفض، لهذا تمّ توثيق أثيري لوجعها عبر مساهمة قيّمة تمّ استنطقها فيها من خلالها الأستاذ محمد العلوي العبدلاوي عام 1972 عبر حوار تمّ نشره في مجلة l’Afrique littéraire et artistique.
ليس من باب المبالغة القول بأنّ الباحثة الأكاديمية دونيس براهيمي، قد كانت محقّة في جعل الطاووس بمثابة امرأة تعبّر عن حالة العظمة الإنسانية والفنّية والثقافيّة من عدّة جوانب، وهذا ما بيّنته عبر مؤلفاتها التي توسّلت من خلالها الحفر في إرث هذه الأديبة والفنانة التي قالت عنها من خلال كتابها عظمة الطاووس عمروش Grandeur de Taos Amrouche الصّادر عن دار الشهاب». كانت لدى الطاووس عمروش قناعة راسخة جعلتها تؤمن بأنّنالايمكنناالتّعبير أدبيًا إلاّ انطلاقًا من تجاربهاالخاصّة، لكن هذا لايعني أنّ التّعبير سوف يقتصر على مملكتناالجوانية، بل تعني الطاووس بقولها ذاك بأنّ عدم البوح عبارة عن حالة فرار» .
يحيلنا هذا مباشرة للحديث عن الرّؤية التي حدّدت من خلالها الطاووس تعريفها لصنف من أصناف السّرد الأدبي «الرواية» التي كانت تقوم بتطعيمها بالجانب الذّاتي والموضوعي، حيث ورد في الصفحة 16  الخاصّة بالحوار الذي نشرته المجلة l’Afrique littéraire et artistique عام 1972 رأيها الذي أوضحت من خلاله موقفها الذي قطعت به الطّريق أمام بعض التأويلات التي جعلت أعمالها الأدبية بمثابة بناء فني لسيرتها الذّاتية وفقط، ففي السّؤال الموجّه لها والذي كان مفاده:
هل يوجد من بين أعمالك ما تتجلّى من خلالها سيرتك الذّاتية أكثر من ابداع آخر؟
كانت إجابة الطاووس على النّحو التالي: « إنّ السّيرة الذّاتية حاضرة دومًا في كتاباتي، لكن لابدّ من لفت الانتباه إلى كون الكتاب الذي يكون مصدره العاطفة دون غيرها، هو كتاب لا يعنيني مطلقًا، فأنا أختلق الأحداث داخل السّيرة الذّاتية، لأنّ مهمّتي لا تتحدّد من خلال سرد الجانب الجواني بحذافيره، إذ ثمّة العديد من الأحداث التي أتطرق إليها، سواء تلك التي عشتها، أو تلك التي تكون مثابة احيائية متجدّدة تتجلّى من خلال حديثي عن الغربة والمنفى. تحضر دومًا تيمة المنفى في كتاباتي. إنّها الموضوع الجوهري الذي يتأسّس عليه فعل الحكي عبر المشافهة في الأدب الشّعبي لدينا...أنا أتميّز باهتمامين هما: بالجانب الذّاتي وفي نفس الوقت أتطلّع دومًا إلى توظيف الرّصيد الثّقافي التّقليدي» .
لقد قامت الطاووس عمروش بتفكيك الشيفرات الملازمة لأغلب اللّحظات الإبداعية عندها - جعلها هذا على الأقل عندنا - من بين الأسماء التي تكون القراءة عنها ممتعة، لكن الكتابة عنها شاقة، لأنّه لا يمكن فعل ذلك دون أن تكون الكلمات مصاحبة بالتّأمل، سواء كان ذلك في الأدب أو في فنّ الأوبيرا.
 لقد استعانت في غربتها باستحضار قوّي دائم لتراث منطقة جرجرة الذي كانت تعتبره بمثابة التّجلي الحرّ للجميل، وقد شمل استحضارها المدائح الدينية التي أدّتها على نحو جعلها أبدعت في صنف الأشويق الذي دمجته بفن الأوبيرا، فكانت تؤدّي التراثيات على نحو قد يخال للسّامع في بداية الأمر أنّها مقتبسة من إرث أساطين التصوّف الإسلامي كالمثن ويلجلال الدين الرومي، أو طواسين الحلاج، أو مخاطبات النفري... إنّ هذا الجانب المهمّ من إرث الطاووس الذي يظهرها كمثقفة إنسانية متسامحة دينيًا، هو جانب بات يزعج البعض ممن لا يدركون بأنّ الرّموز الكبرى تبقى عصية على النّوازع التّدميرية وغير طيّعة إلاّ لمّا يتأسّس جماليًّا على الإنسانية. وهنا حقّقت الطاووس أدبيًا وفنّيا فلسفة هيجيل التي أكّدت بأنّ التأمّل في الجمال عبارة عن سلوك حرّ.
كان المنفى من بين التيمات المهمّة التي حرّكت لواعجها، وغذّت الصّراعات الدّاخلية بين الماضي والحاضر والمستقبل، إذ يتجلّى ذلك بقوّة في روايتها شارع الدّفوف، حيث تصبغ الطاووس شخصية ماري كوراي في الصّفحة 84 بالعديد من المشاعر، وتقودها نحو بعض الأحداث انطلاقًا من منطقة جرجرة إلى غاية تونس... بشكل يجعل القارئ المطلّع على سيرة الكاتبة يقول بأنّ البطلة ليست سوى الطاووس بحدّ ذاتها، بتمزّقها الدّاخلي الذي عاشته بسبب السّؤال الفلسفي الوجودي الذي كانت تحرّكه رغبتها المتوتّرة ليس لأجل معرفة من تكون، بل لتبقى مقاومة المسخ. « لقد كان طريق المنفى هو السّبيل الوحيد الذي فُتح أمام عائلة أيكوران تماما كما فتحت أمامهم تنزي Tenzis، كانت العائلة مبهورة بحياتها الجديدة، وفي النّفس الوقت كانت تتعذّب بسبب الاحساس الذي رافقها، ذلك الاحساس الذي جعلها تدرك بأنها قد تم اقتلاع جذورها من منبتها. تعرف بأنّها ستصبح مثل الطّيور البيضاء المهاجرة لا يمكن أن تعبر أثناء هجراتها دون أن يلحظها البشر «
لم يقتصر نضال الطاووس عمروش الثقافي على الأداء الأوبيرالي والكتابة الأدبية، بل تعداه إلى مشاريع كانت تروم من خلالها تحقيق عودتها من المنافي، فساهمت في تأسيس الأكاديمية البربرية، التي كانت مشروعا ثقافيًا بالنّسبة لها عوّلت عليه كثيرًا، لكن ما أدلت به ابنتها لورانس عبر حوار مهم وثّقته الفنانة التشكيلية Marie Virolle وقد أتى على شكل شهادات حملت العنوان التّالي: Ma mère est un être surgi des siècles» والدتي كائنا نبجس من القرون الغابرة «، وقد تمّ نشر الحوارعلى الموقع الالكتروني لمجلة
Algérie Littérature Action حيث ورد فيه ما يحيل الذّهن الى حقيقة مفادها أنّ الطاووس قد تأثرت كثيرًا بأخيها جون الموهوب عمروش، المثقف، الشاعر والإعلامي وعراب اتفاقيات افيان لاستقلال الجزائر. كانت على قدر عال من المسؤولية والوعي لما يتوجّب عليها تأديّته كأديبة وفنانة ملتزمة بالمنظور الثقافي الذي يجافي الاستغلال السياسي وهذا ما دفعها إلى مغادرة الأكاديمية البربرية، وقد صرّحت ابنتها قائلة في هذا الشّأن:
 «لو أنّ والدتي تعود إلى الحياة مجددًا، ولو أنّها تشاهد إلى أيّ درجة يتمّ التّضييق حاليًا على مطلب الإرث الامازيغي،  وكيف تمّ الزجّ بهذا المطلب في حلبة الصّراع، لو شاهدت والدتي كلّ هذا ستذرف دموعها بحرقة. إنّ والدتي قد غادرت الأكاديمية البربرية التي كانت قد أسّستها، حيث اتّخذت قرار المغادرة بمجرّد أن تجلى لها بأنّ تلك الأكاديمية قد اتخذت مسارًا سياسيًا».
(عن مجلة «فواصل»)