بالرّغم من الانتقادات التي سجّلتها بعض الجهات على القرارات التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد مخافة انتكاسة ديمقراطية قد ترهن مكاسب الثورة التونسية ، إلاّ أن الرئيس التونسي ما فتئ يطمئن العالم أجمع بأن إجراءاته ترمي في المقام الأول إلى تجاوز الانسداد السياسي و مواجهة الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ أشهر ،و إعادة عملية الانتقال الديمقراطي إلى سكّتها الصحيحة.
خطوات الرئيس التونسي، وبالرغم من تباين ردود الفعل بشأنها، تبدو محاولة لا بدّ منها لوقف انهيار الدولة بأيدي سياسيين وبعض رجال الأعمال في السلطة، دون الرّغبة في إحداث فوضى أو الانحراف نحو الديكتاتورية، وهو ما تعهد به سعيّد لتبديد المخاوف واعدا بقرارات مهمّة لإعادة ترتيب الوضع السياسي، وللاستجابة للدعوات الدولية التي تطالب برسم خطة للعودة السريعة للمسار الديمقراطي والإسراع بتشكيل حكومة جديدة.
رئيس حكومة جديد هذا الاسبوع
وفي السياق ،أكدت مصادر سياسية ونقابية أن الكشف عن رئيس الحكومة التونسية الجديد وفريقه قد يكون غدا الثلاثاء أو الأربعاء المقبل، فيما أعلنت القيادة الوطنية الموسعة ل»اتحاد نقابات العمال» أنها ستناقش «مشروع خريطة طريق» لعرضه باسم المجتمع المدني على الرئيس قيس سعيّد، تشمل بالأساس تقديم تنازلات سياسية من قبل قيادة حركة النهضة، ومن أبرزها - حسب ما يتردّد -انسحاب راشد الغنوشي من رئاسة البرلمان، وخروج الشخصيات القيادية في الأحزاب من الحكومة والمسؤوليات الوطنية.
و كان نحو 130 من كوادر حزب النهضة، ومن أعضاء «المجلس الوطني لشباب الحركة»، دعوا إلى تغيير في قيادة الحزب المركزية لحل الأزمة السياسية في البلاد، وإحداث «خلية أزمة» تتابع المتغيرات، وتستبعد القياديين المسؤولين عن الأخطاء السياسية التي تسببت - حسبهم - في الأزمة الحالية، وفي تعثر المسار الديمقراطي في البلاد.
كما افتتحت قيادة النهضة، خلال اجتماع طارئ «لمجلس الشورى المركزي» الذي يعد أعلى سلطة في الحزب، مؤتمرين لاتخاذ قرارات واضحة من قرارات سعيد .
«النهضة» في عين الاعصار
ويصب العديد من التونسيين غضبهم على حركة «النهضة» التي شاركت في جميع الائتلافات الحكومية منذ 2011 وتحظى بأكبر تمثيل في البرلمان، لكن بعد عشر سنوات من مشاركتها في الحكم، تواجه عداءً متزايدًا من قبل التونسيين كما تقول الكثير من الجهات.
وتعتبر نسبة كبيرة من التونسيين هذا الحزب الإسلامي المحافظ، المسؤول الرئيسي عن ويلات البلاد في مواجهة أزمة ثلاثية «سياسية واجتماعية وصحية».
لكن رغم اتقادهم للنهضة، تسكن أفئدة التونسيين مخاوف من رؤية مهد الربيع العربي يتراجع عن الديمقراطية ويتجه نحو الاستبداد وحتى العنف،
ويراهنون على أن تقوم هذه الحركة بتقديم التنازلات المطلوبة ، فالبلاد بحاجة إلى استقرار سياسي للالتفات إلى معالجة الأزمتين الاقتصادية والصحية.