طباعة هذه الصفحة

أمام العزوف الفني المحتوم

المشهد الثقافي يقاوم وكورونا تزداد ضراوة

نور الدين لعراجي

يعيش المشهد الثقافي في الجزائر حالتي الصوم الابداعي من جهة والحزن الموسمي من جهة أخرى، بعد تأجيل النشاطات الثقافية وفقدان الكثير من الوجوه الثقافية والفنية، منذ اعلان حالتي الطوارئ الصحية، ففي كل لحظة تفجع الاسرة الثقافية برحيل صناعها من أدباء، مسرحيين، مخرجين، ممثلين، فنانين والقائمة مفتوحة على مصراعيها، إلا ان يرحل هذا الوباء دون رجعة.

تعيش الفضاءات الثقافية المختلفة سواء مراكز ثقافية، قاعات السينما، المكتبات العمومية، قاعات المحاضرات، سباتا الى أجل غير مسمى بعد تفشي وباء كورونا، وإسداء تعليمات لمسؤولي هذه المرافق قصد الالتزام بالبروتوكول الصحي، الأمر الذي أدى الى غلق أبواب هذه الاخيرة، وتعذرها التواصل فيها مع الجمهور.  

وزارة الثقافة تفقد أحد صناعها ناجي سليمان

جددت وزيرة الثقافة والفنون، وفاء شعلال، في لقاء مع اطاراتها بمناسبة عيد الاضحى توجيهاتها بخصوص الوضع الصّحي العام، «و دعت الجميع إلى أخذ الاحتياطات الضّرورية وتشديد الإجراءات في هذه المرحلة الحرجة التي تضاعفت فيها حالات الإصابة بكوفيد 19 وقد أبدت انشغالها بخصوص الحالة الصحيّة لبعض موظفي وإطارات الوزارة، وطالبت بإبلاغها بأي تطور» خاصة بعد ان فقدت الوصاية أحد أبرز إطاراتها وصناعها الفقيد المثقف ناجي سليمان، الذي قضى أكثر من أربعة عقود صديقا للمثقفين وأحد مفاتيح الأمل في هضبة العناصر.

صديق الثقافة أحمد ملياني يرحل عنوة

عرفت الايام الاخيرة المتزامنة وعيد الاضحى رحيل عدة وجوه ثقافية وإعلامية أخرى غدر بها فيروس كوفيد وضمها الى قائمة الراحلين وهي في أوج عطائها الابداعي والفني، فقبل يومين غادرنا المثقف وصديق الثقافة بامتياز الكاتب أحمد ملياني ابن مدينة قسنطينة بسبب الوباء، وهو الذي نجى من محاولات اغتيال تعرض لها في سنوات العشرية الحمراء، حيث علق الروائي الجزائري واسيني الاعرج على فقدانه قائلا: «المثقف والمناضل الكبير الأستاذ أحمد ملياني يغادرنا. قبل فترة وجيزة كنت أشجعه لتجاوز محنة كوفيد19، لم أتصور أن رجلا مثله تعرض لمحاولات اغتيال عديدة من حراس النوايا، أيام الشدة الكبرى سيسلم الروح لعدو شرس ينتشر بجنون ويزداد ضراوة كل يوم أكثر».

الخشبة تفقد البائع المتجوّل دريس شقروني

كما فقدت خشبة المسرح، منذ يومين، أحد ألمع نجومها البائع المتجول دريس شقروني، خريج المعهد الوطني للفنون المسرحية ببرج الكيفان دفعة 1972، حيث تدرج في المسرح من ممثل الى مخرج الى أن أصبح عمود الذاكرة المسرحية الجزائرية، وفي هذا يقول عنه المسرحي علاوة جروة وهبي بأن الفقيد «انضم الى فريق المسرح الوطني الجزائري ليكون من ممثليه الذين كان لهم حضور في أغلب إنتاجات المسرح الوطني وقد تفوق شقروني في مسرحية البائع المتجول للكاتب «ارثر ميلر» حتى كان ينادي بالبائع المتجول وقد شغل منصب المدير الفني بالمسرح الوطني قبل التقاعد».
شارك الفقيد شقروني في العديد من المسرحيات لعل أهمها «زعيط معيط ونقاز الحيط»، «عفريت وهفوه»، « شعالين النار»، « بونوار وجماعتو»، « يا ستار وارفع الستار»، «، « قالوا العرب قالوا»، « موت بائع متجول»، « الشهداء يعودون هذا الأسبوع»، « البوابون»، « الغولة والمقبرة» بالإضافة الى مشاركته في أكثر من ستة عشر مسلسلا تلفزيونيا من بينها « قصة حب «، «ما بعد البترول «، « الاختطاف»، « العقاب المجروع»، «اللاعب»، «نور الفجر قبل أن يرأس لجنة تحكيم المهرجان الوطني للمسرح المحترف في دورته الحادية عشر، سنة 2016.

المدافع عن التراث عبد المجيد مزياني يترجّل إلى قدره

لم تتوقف ملامح الحزن عند مشارف الأسرة الفنية والثقافية حتى فجعت الأسرة الإعلامية مرة أخرى في واحد من روادها، عبد الحكيم مزياني، المثقف المميز وصاحب الحصص الثقافية بالتلفزيون الجزائري، حيث كان يدافع عن التراث الوطني والعاصمي منه، خاصة في مجالي الموسيقى والسينما، وتحتفظ الساحة الثقافية له بعديد المواقف الثابتة في هذا المجال بداية من الموصلية الى السولفاج، وقد ترك فقدانه فراغا في المشهد الاعلامي الثقافي، كما فقدت أسرة الاعلام، أول أمس، الصحفية فتيحة بن الشيخ التي تشتغل بالزميلة الجمهورية.