أزمـة حـــادة تمـسّ البويــرة، المديـــة، المسيلـــة وتـيـزي وزو
اجتمـــاع بالعاصمـــة يضمّ مسـؤولي الولايـات المعنيـــة حــول التوزيــع
سد كدية أسردون الواقع جنوب غرب ولاية البويرة، الذي يمتد على مسافة 9.5 كلم بطاقة استعابية تقدر بـ640 ألف متر مكعب، وهو ثاني أضخم سد في الجزائر يزوّد 4 ولايات في الوسط بمجموع 82 بلدية وهي البويرة، المدية، المسيلة وتيزيوزو، منها 26 بلدية تقع بإقليم ولاية البويرة، يشهد انخفاضا وتراجعا رهيبا يعد الأول من نوعه منذ عدة سنوات طويلة، فلم يعرف السد هذه الحالة من التراجع منذ إنجازه سنة 2008، حيث وصل منسوب المياه به إلى 4 بالمائة أي ما يعادل 20 مليون متر مكعب منذ بداية الفترة الصيفية لهذه السنة، ما جعل هذه الوضعية المقلقة تحدث حالة من الإرتباك لدى المسؤولين على قطاع المياه في الولايات الأربعة المذكورة، بل حالة عدم الارتياح مسّت المستهلك المواطن، وباتت تهدّد سكان الولايات الأربعة بأزمة عطش الصيف الحالي.
وترجع الأسباب الرئيسة لهذا الانخفاض إلى الجفاف وتراجع كمية الأمطار المتساقطة السنوات الأخيرة، وهي التي يعول عليها في رفع منسوب المياه، كما هو عليه بالنسبة لسد تلسديت الذي يوجد في أريحية مطمئنة للاعتماده على ما تجود به أعالي تيكجدة من مياه الثلوج الذائبة وكذا المياه الجوفية.
ولمجابهة الوضعية تسارع السلطات المعنية إلى مسابقة الزمن لإيجاد حلول استعجالية لاحتواء الأزمة الخانقة من خلال اعتماد تدابير استثنائية، غير أن هذه الإجراءات لم تشف غليل المواطن المستهلك الذي هو بحاجة ماسة لهذه المادة الحيوية.
احتجاجات متكرّرة في عدة بلديات
عرفت، معظم البلديات التي تتزود بالماء الشروب انطلاقا من سد كدية أسردون وهي 26 بلدية، انقطاعات متكرّرة وحادة وصلت أحيانا إلى 10 أيام متتالية، خاصة في بلديات سور الغزلان، عين بسام والأخضرية وغيرها، وهي من أكبر بلديات ولاية البويرة، ما جعل السكان يعبرون عن تذمرهم جراء عدم حصولهم على قطرات الماء الشروب في الأونة الأخيرة، وتأزمت الوضعية أكثر مع حلول عيد الأضحى المبارك، أين وجد سكان بعض الأحياء في مدينة الأخضرية يواجهون مصيرهم بأنفسهم، بسبب عدم تزويدهم بالماء الشروب، جعلهم يخرجون إلى الشارع لمطالبة المسؤولين بتوفير المياه، حيث قاموا بتنظيم حركة احتجاجية أمام مقر البلدية وأغلقوا الطريق الرئيسي للمدينة، مهددين بغلق الطريق السيار شرق ـ غرب، إن لم تجد الجهات المعنية حلولا عاجلة لأزمة التزود بالمياه الصالحة للشرب، في صورة أعادت إلى الأذهان أزمة صيف 2019 التي عصفت بمسؤولين، أين أقدم المحتجون على غلق الطريق السيار.
مطالب بتوزيع عادل للمياه
منذ بداية الفترة الصيفية عرفت معظم البلديات بغرب وجنوب ولاية البويرة، أزمة حادة في التزود بالماء الشروب، لم يعهدها سكان تلك البلديات منذ سنوات طويلة، جعلتهم يعبرون عن استيائهم وتذمرهم من جراء تلك الوضعية المقلقة وغير المريحة، وأصبحت هذه المادة الحيوية لا تصلهم بصفة منتظمة كما اعتاد عليه السكان، وباتوا يحصلون عليها مرة في الأسبوع وأحيانا 10 أيام خاصة مع بداية الأزمة في أحياء عدة في الأخضرية، سور الغزلان، عين بسام، عمر، جباحية، وغيرها، والأمر يختلف من بلدية لأخرى، مما جعلهم يطالبون بالعدالة في التوزيع، وللتخفيف من حدة الأزمة عكفت الجزائرية للمياه بولاية البويرة، إلى اتخاذ اجراءات استعجالية للحدّ من أثار أزمة شحّ المياه، عن طريق الاستعانة بالأبار الإرتوازية والمناقب المائية التي كان يعتمد عليها قبل انجاز السد، وتعالت الأصوات حتى في بلديات الولايات المجاورة التي تتزود بالماء الشروب انطلاقا من سد كدية أسردون.
خلية أزمة تضمّ عدة قطاعات
بعد تسجيل انخفاض منسوب ثاني أكبر سد في الجزائر كدية أسردون في حدود 4 % أي ما يعادل 20 مليون متر مكعب، سارعت السلطات الولائية إلى تشكيل خلية أزمة يترأسها الأمين العام للولاية تضمّ عدة قطاعات ذات صلة بملف المياه، وهي مديرية الموارد المائية، الجزائرية للمياه،سونلغاز، الطاقة والمناجم والأشغال العمومية، مهمتها متابعة الوضعية اليومية لأزمة المياه ومحاولة إيجاد الحلول لها لتوفير الماء الشروب لفائدة 460 ألف نسمة، وعلى ضوء ذلك قام والي ولاية البويرة «لكحل عياط عبد السلام» باتخاذ عدة إجراءات استثنائية واستعجالية في خطوة منه لمواجهة أزمة المياه واحتوائها والتقليل منها، أهمها استغلال كل الأبار الإرتوازية والمنابع المائية الجاهزة، تجنيد 30 شاحنة صهريج للتدخل، إعادة تشغيل 10 مناقب مائية عبر مختلف البلديات، إعادة تهيئة منبع عين البيضاء ببلدية بئر غبالو، إعادة تهيئة تجهيزات الإلكتروميكانيكية والهيدروميكانينية لـ 11 بئر إرتوازي و10 مناقب مائية موجهة لمياه الشرب، 8 بلديات كانت تتزود منها قبل انجاز سد كدية أسردون، وهذه العملية في مرحلة التشخيص تتكفل بها مؤسسة عمومية تابعة للجزائرية للمياه.
وكذا انجاز 10 مناقب مائية وبئرين ارتوازيين على مستوى 7 بلديات بغرب الولاية، اقتناء 40 صهريجا متحرّكا بسعة 3 ألاف لتر مع 10 جرارات فلاحية ضمن برامح التنمية البلدية، تتكفل بنقل وتزويد المياه في مناطق الظل، تدعيم حظيرة الولاية بـ 30 مضخة مائية ووضعها في الاحتياط لاستعمالها عند الحاجة.
سد لكحل لتغطية البلديات الجنوبية
أوضح مدير الموارد المائية لولاية البويرة «عبد الكريم إسماعيل» في تصريح له لـ»الشعب» بأن مصالحه قامت بالاستعانة بسد لكحل للحد من أزمة الماء الشروب التي يواجهها سكان المنطقة الجنوبية، لاسيما في بلدية عين بسام وسور الغزلان، منذ بداية الصيف أين عرفتا أزمة حادة، حيث عملت مصالح الموارد المائية على انتاج ما يقارب 3700 متر مكعب يوميا موجهة لسكان البلديات المذكورة سالفا، كما تسعى إلى رفع القدرات الإنتاجية بذات السد إلى 5 ألاف متر مكعب، وبالموازاة تمّ تسجيل عملية لدى الوزارة الوصية لرفع القدرة الإنتاجية إلى 17 ألف متر مكعب يوميا، وسيتم الانتهاء منها في غضون 4 أربعة أشهر المقبلة لتزويد سكان الهاشمية، عين بسام وسور الغزلان.
ولاحتواء أثار الأزمة، تم الاتفاق على عقد اجتماع بحرهذا الأسبوع، يضم مدراء المياه للولايات الأربع البويرة، المدية، المسيلة وتيزيوزو على مستوى مديرية الجزائرية للمياه بالعاصمة، لتدارس التطورات الأخيرة والعمل على تحسين عملية التوزيع، مضيفا أن سد كدية أسردون يضخ يوميا 32 ألف متر مكعب لـ 26 بلدية بإقليم ولاية البويرة، ويوزع ما يقارب 130 ألف متر مكعب لـ 82 بلدية في الولايات الأٍربع، وذلك احدث نوعا من عدم العدالة في التوزيع في تلك البلديات، وفي هذا الصدد قال بأنه سيتم تقديم مقترح عملي، يتمثل في تخصيص 60 ألف متر مكعب في اليوم لكل ولايتين، ويصبح نظام توزيع المياه الشروب ½ في كل ولاية، ويهدف هذا الإجراء إلى تقليص من الوقت وكذلك الاستفادة من أكبر كمية من حجم المياه الصالحة للشرب.