إصابة 30 شخصا من الصحة يوميا والطلب على الأوكسجين تضاعف 5 مرات
وسط إعلان حالة استنفار قصوى بالمستشفيات، تعيش الجزائر وضعا صحيا خطيرا بشهادة الأطباء والمختصين في المجال، وضع خلّف وراءه حزنا ممزوجا بخوف ورعب من فيروس كورونا المتحور «دلتا» السريع الانتشار الذي بات يحصد الأرواح، ويُحدث مجازر بشرية يوميا داخل مستشفياتنا ومصالح حفظ الجثث شاهدة على الكارثة.
تعيش العائلات الجزائرية حالة رعب كبير جراء الانتشار الواسع لـ «متحوّر دلتا»، حيث سكنت المخاوف النفوس بسب أخبار الموت المنتشرة بكثرة وبشكل مخيف جدا، حالة لم تشهدها الجزائر خلال الموجتين الأولى والثانية للوباء الذي يضرب البلاد منذ فيفري 2020، والذي يُخشى أن يؤدي إلى تفاقم وتأزّم الوضع أكثر قادم الأيام المقبلة، مع توقع بلوغ الذروة، خاصة بعد حديث وزير الصحة عبد الرحمان بن بوزيد عن استحداث إجراءات استباقية لتفادي مشكل النقص في مادة الأوكسيجين، ومحذّرا من وضع وبائي مقلق، ما أثار مخاوف أكثر.
الوضع الوبائي يتّجه للأسوأ، جملة أضحت الصوت الجديد الذي يدقّه المختصون حاليا، حيث حذّر البروفيسور رشيد بلحاج من مستشفى مصطفى باشا من تفاقم الأوضاع داخل المستشفيات، مقدما أرقاما مخيفة عن حجم الوفيات والإصابات، وحذّر من مغبة تكرار السيناريو التونسي في ظلّ الطلب الكبير على الأوكسجين، وقال وهو يتحدث مباشرة من مصلحة الطب الشرعي بأكبر مستشفى جامعي في الجزائر، في فيديو نشره عبر منصات التواصل الإجتماعي أن «الأمور خطيرة وخطيرة جدا، من فضلكم ساعدونا من خلال توخي الحذر وتجنب الحفلات والمآتم والتقيّد بإجراءات الوقاية، حيث أن الأمر يتسبب في مشاكل كبيرة في استفحال انتشار الوباء»، مبرزا أن سيارات الإسعاف لم تتوقف عن نقل الموتى، حيث يُسجل ما لا يقل عن 12 أو 14 وفاة يوميا.
صرخة من قلب المعركة
وأضاف «من فضلكم الوضعية الحالية متميزة بأن المرضى كلهم يحتاجون إلى أوكسجين، فالموجة الثالثة تتميز بضرورة توفير هذه المادة، نظرا للعدد الهائل للمرضى والحالات الخطيرة التي تستدعي ذلك، حيث أن كل شخص يحتاج الى 20 لترا من مادة الأوكسجين في الدقيقة»، كاشفا عن وجود 265 شخص تحت رحمة عبوات الأوكسجين، منهم 45 مريضا بين الحياة والموت، حيث أن الطلب على الأوكسجين قد تضاعف خمس مرات، وأصبحنا ننتظر قدوم شاحنة أوكسجين مثل هلال العيد، تعبنا...تعبنا 16 شهرا ضد معركة كوفيد..تعبنا من فضلكم...أفسحوا الطريق لشاحنة الأوكسجين على الطرقات قبل وقوع الكارثة، فحاليا لابد من وصول الشاحنة كل 12 ساعة، بعدما كانت خلال أيام ماضية كل يومين، ساعدونا من فضلكم».
وفي السياق، حذر البروفيسور من استمرار الوضعية الحالية وتأثيرها على قطاع الصحة، كاشفا عن اصابة ما يقارب 30 شخصا من قطاع الصحة بالفيروس الغادر يوميا، ومن حقهم الخروج في عطلة»، متسائلا «ما العمل لو واصلنا على هذه الوتيرة».
كما أطلق بلحاج تحذيرات من استمرار الوضعية الحالية من لامبالاة الأشخاص، التي قد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه، وقال «ساعدونا لتسيير الأزمة الخطيرة، التي نعيشها لأول مرة، أول مرة نعيش هذا الخطر، ساعدونا لتجاوز الخطر والخروج من المحنة، فالمستشفيات الجامعية تسجل يوميا عشرات الوفيات».
فرض قيود..آخر الحلول
بالمقابل، دعا مواطنون عبر منصات التواصل الإجتماعي، السلطات العمومية لتشديد الاجراءات الصحية أكثر، مثل غلق المتنزهات وأماكن التجمعات وتطبيق القانون الصارم على منظمي الحفلات لتفادي مضاعفات أخرى، قد تدخل البلاد في متاهات انهيار المنظومة الصحية، أمر كيون مكلفا.
ودعا الاتحاد الوطني للكفاءات والإطارات، إلى «اتخاذ إجراءات استعجالية للحد من هذه الموجة الثالثة التي تجاوزت كل الأرقام السابقة، والتي تعتبر مؤشر إنحراف قوي للوضع الصحي العام»، مطالبا في بيان اصدره أول أمس «السلطات العمومية إلى العودة للعمل بنظام الحجر الصحي الـمُكَّيَف، مع الابقاء على حملة التلقيح واسعة النطاق التي باشرتها وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات».
ويرى أصحاب البيان أن «فرض الصرامة في تطبيق الإجراءات الرقابية والردعية للمخالفين لبروتوكول الوقاية من تفشي وباء كوفيد، الـمتمثل في إرتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي ضروري».
واعتبرت الوثيقة ذاتها أن «أي خلل في تقدير الموقف حالياً، دون الرجوع الفوري لإجراءات أكثر صرامة، سيؤدي إلى مآلات لا نتمناها، ولا يُحمد عُقباها، في ظل تفشي الـمتحور «دلتا» والفيروس الأصلي كوفيد-19 على حد سواء».
إلغاء الملتقيات والتّجمّعات
على ضوء هذه المعطيات، ألغت السلطات المعنية جميع الملتقيات والتجمعات الاقتصادية إلى حين، حيث كشف هيئة اقتصادية تسمى «انوفوبليس كومباني»»عن إلغاء الملتقى العالمي للتصنيع العلمي والتكنولوجي.
وكشفت عن تلقيها مراسلة رسمية من قصر المؤتمرات عبد اللطيف رحال بالعاصمة، بخصوص تنظيم الملتقى العالمي للتصنيع العلمي والتكنولوجي، والتي مفادها إلغاء جميع الملتقيات والتجمعات الاقتصادية وتأجيل بعضها ابتداء من شهر أوت 2021، ومطالبتها بتقديم التاريخ الجديد للملتقى العالمي حتى شهر نوفمبر 2021.
وكانت اللجنة الوطنية لتحضير المؤتمر التأسيسي للمنتدى العالمي للتصنيع «ج ف س إ» قد أعلنت من قبل عزمها عقد الملتقى العالمي للتصنيع أواخر جويلية 2021، حيث تم إلغاؤه نظرا لمضاعفات الوضع الصحي في الجزائر جراء جائحة كورونا.