يرجع اكتشاف كهوف «تاسيلي»، التي تعد من أهم الاكتشافات الأثرية في العصر الحديث، إلى الرحالة الفرنسي «برينان»، ففي عام 1938، قام هذا الرحالة برحلة قطع خلالها الحدود الجزائرية الليبية، ولفتت انتباهه مجموعة من الكهوف، أثارت فضوله لاكتشافها، فوجد بداخلها نقوشاً ورسوماً غريبة وعجيبة، لمخلوقات بشرية تطير في السماء، مرتدية ما يشبه أجهزة الطيران، ونقوشاً لسفن ورواد فضاء، ولرجال ونساء يرتدون ثياباً حديثة كالتي .
نرتديها في الزمن الحاضر، ورسوماً لرجال يرتدون معدات رياضة الغطس، وآخرين يجرون أجساماً أسطوانية غامضة، ومراسم وطقوساً دينية وبعض الآلهة القديمة، والعديد من صور الحيوانات المألوفة والغريبة، كالأبقار والخيول والفيلة والزرافات تعيش وسط مروج ضخمة، وأنهار وحدائق، ما يدل على أن منطقة الصحراء كانت مليئة بالحياة في الماضي البعيد.
استقطب ذلك الاكتشاف علماء الآثار من جميع أنحاء العالم، والذين توافدوا إلى الجزائر لدراسة وتحليل تلك النقوش العجيبة، من بينهم هنري لوت، العالم الفرنسي المختص بتاريخ الشعوب، حيث زار عام 1956، وبرفقته عدد كبير من علماء الآثار والجيولوجيا، كهوف «تاسيلي»، والتقطوا العديد من الصور بالمعدات الحديثة، كالتصوير والتحليل والمسح الذري، وقد أسفرت تلك الدراسات عن نتائج أذهلت هؤلاء العلماء، حيث أجمعوا على أن عُمر تلك النقوش هو نحو 30 ألف عام .
وأصبح الاكتشاف لغزاً كبيراً، بحاجة إلى مزيد من البحث والتعمق، للوقوف على ماهيته، حيث فسر هؤلاء العلماء ما وجدوه بتفسيرات مختلفة وغريبة أثارت الجدل، من بينها نظرية «الفضائيين القدامى»، التي تزعم قيام كائنات ذكية من خارج كوكب الأرض بزيارة الأرض في العصور القديمة، وفي فترات ما قبل التاريخ، وقامت بالتواصل مع البشر القدامى.
صنفتها منظمة «اليونسكو» عام 1982 ضمن قائمة التراث العالمي، كإرث حضاري أصبح على قوائم المزارات والمعارض السياحية العالمية. ويشكل الموقع أكبر متحف للرسوم الصخرية البدائية في كل الكرة الأرضية وقد تمّ إحصاء أكثر من 30,000 رسم تصف الطقوس الدينية والحياة اليومية للإنسان الذي عاش في هذه المناطق مما ينبهنا ويجعلنا نتخيل كيف كانت هذه المناطق القاحلة العقيمة تعجّ بالخضرة والحياة.