لا تزال أكلة «المريسة» الطبيعية أقدم الوجبات الصيفية بوادي سوف، محافظة على وجودها في أغلب ثلاجات وموائد العائلات، حيث يتزايد الإقبال عليها كلما اشتدت درجات الحرارة.
المريسة عبارة عن خليط من الخضر النيئة أبرزها الطماطم، والفلفل الحار، والقليل من الثوم، من دون أي إضافات صناعية أو توابل أخرى، يتمّ إعدادها بتفتيت الخضر وهرسها وخلطها يدويا، ثم وضعها في الثلاجة لتبرد قليلا، وهناك من يتناولها مباشرة بعد التحضير.
كما أن هناك من يفضّل تقطيع الطماطم، والفلفل الحار، والثوم، ثم يهرسون المكونات في «مِهْرَاسْ» لوحي قديم تفوح منه رائحة التوابل وبه عوالق منها، مع إضافة القليل من الملح وزيت الزيتون، حيث توضع على المائدة كوجبة أساسية مع التمر في إحدى فترات النهار.
«زهرة» ربّة بيت، قالت في حديثها الى «الشعب»، إنها مواظبة يوميا على تحضير هذه الأكلة الصيفية التي يسميها كذلك سكان المنطقة «رضخة»، واصفة إياها بالخفيفة وقليلة التكاليف كون فترة رواجها وتناولها تتميز بوفرة مكوناتها بأسعار منخفضة خاصة الطماطم التي تشهد فترة حصادها هذه المرحلة.
رواج هذه الوجبة الطبيعية في الصيف بوادي سوف، حسب المتحدثة، سببه مكوناتها الخفيفة على الجهاز الهضمي المتعب بتلقي كميات مضاعفة من المياه الباردة خلال كل فترات النهار، وبالتالي تنشيطه والحفاظ عليه من المضاعفات يكون بتناول الوجبات الخفيفة والابتعاد عن الوجبات الثّقيلة والدسمة.
«صلاح» شاب عشريني قال، إنّ تناول أكلة المريسة لا يقتصر على فترة بعينها خلال النهار، بل يتمّ تحضيرها في سائر فتراته، مشيرا أنه يتناولها في الصباح مع الشاي، حيث اعتادت والدته على تحضيرها له، ووضعها في الثلاجة لتبرد ثم توضع على مائدته.
شرب الكثير من الماء خلال عمله الشاق في مجال البناء، حسب «صلاح»، يدفعه إلى تناول وجبة «المريسة» في فطور الصباح، حتى لا تحصل له مضاعفات خلال الشغل، كما أنها تترك جسمه باردا ومستوعبا لكميات أكبر من المياه البادرة كلما رغب في ذلك عند الشعور بالعطش.
أكلة «المريسة» القديمة حافظت على نفس الإقبال عليها لدى أغلب عائلات وادي سوف، بالرغم من مرور مئات السنين على رواجها، فارضة بذلك وجودها في ظل توفر أكلات سريعة وحديثة وجاهزة بأشكال مختلفة، كما أن خفتها وبساطة تكاليفها أبقتها رائجة في الأوساط المحلية، وارتباط وجودها بارتفاع درجات الحرارة جعلها كذلك مختلفة عن باقي الأكلات السريعة.