يرى الخبير الأمني عبد القادر سوفي، أن قرار انسحاب القوات الفرنسية المنتشرة في مالي، يدخل ضمن الإستراتيجية الجديدة التي تبنتها باريس في الساحل الأفريقي ككل، خاصة بعد اغتيال رئيس التشادي، مشيرا إلى أن إغلاق القواعد الفرنسية والاقتصار على القوات الخاصة التي ستركز على عمليات «مكافحة الإرهاب في إطار قوة «تاكوبا» ،هو مجرّد مراوغة للمجتمع الدولي وكذا الفواعل الكبرى من جهة، ومن جهة أخرى من أجل إعادة نشر قواتها بالنظر لتوسّع الرقعة الجغرافية للصراع في ظلّ التنافس الكبير وتراجع مصلحة فرنسا لصالح قوى كبرى.
أكد عبد القادر سوفي، أن سحب جزء من قوات «برخان» من مالي وإغلاق القواعد الفرنسية والاقتصار على القوات الخاصة التي ستركز على عمليات «مكافحة الإرهاب في إطار قوة «تاكوبا»، هدفه مراوغة المجتمع الدولي وكذا الفواعل الكبرى من أجل إعادة نشر قواتها في مناطق أخرى، خاصة وأن تهديدات المصالح الفرنسية باتت كبيرة في عدة مناطق على غرار جمهورية إفريقيا الوسطى التي أصبحت حاليا بين متناول القوات الروسية والرواندية، مضيفا أن التراجع الرهيب لخلية «فرنس إفريقيا» دفع بها إلى إعادة التمركز، خاصة إذ علمنا أن الولايات المتحدة التي كانت تدعم فرنسا لوجيستيا تخلت عنها، والآن نشهد صراعات كبيرة بين أمريكا والصين من جهة وروسيا من جهة أخرى إلى جانب تنافس فرنسي تركي في منطقة الساحل في صورة ليبيا وكذا مالي وتشاد لملء هذا الفراغ وترسيخ نفوذها السياسي والاقتصادي في المنطقة الغنية بالموارد، كاحتياطات ضخمة من الذهب واليورانيوم والمعادن الأخرى.
كما أضاف الخبير الأمني في تصريح لـ»الشعب»، أن فرنسا وعلى الرغم من وجود أزيد من 5 آلاف من قواتها ضمن عملية «برخان» التي بدأت مهمتها في منطقة الساحل قبل ثمانية أعوام، إلا أنها لا تملك الوسائل اللوجيستية التي تمكنها من تحويل القوات أو العمليات من منطقة إلى أخرى بالسهولة التي تتمناها، وهو ما يعني أن باريس أصبحت غير قادرة لاسيما من ناحية البناء الاستراتيجي أو التواجد الفعلي والحقيقي في المنطقة، الأمر الذي يبرّر نوعا ما خطاب الرئيس الفرنسي الأخير حول انسحاب القوات الفرنسية والذي يسعى من خلاله بالدرجة الأولى إلى زرع الذعر في الأوساط المالية من أجل تجاوب الماليين مع خطط فرنسا والعمل في نفس الوقت على إعادة نشر القوات الفرنسية في مناطق أخرى.
وكانت «برخان» التي تنشط في العديد من بلدان الساحل محل جدل واسع بسبب نشاطاتها «المقلقة»، إثر قيامها بالعديد من الأخطاء متسببة في مقتل المئات من المدنيين الماليين، ولعلّ أبرزها عملية عسكرية نفذتها في جانفي الماضي ببلدة «بونتي»، وسط مالي مخلفة 19 قتيلا مدنيا، والتي وصفت بالأكثر دموية. ويرى السكان المحليون، أن القوات الفرنسية ساهمت في تفاقم الوضع الأمني المتردي، واستغلال موارد المنطقة.