طباعة هذه الصفحة

بحثا عن الراحة والاستجمام

«الأحواض المائية».. خطر يهدّد الأطفال بالوادي

استطلاع: سفيان حشيفة

يلجأ كثير من أطفال وشباب ولاية الوادي، في فصل الصيف مع الارتفاع القياسي في درجات الحرارة، إلى السباحة في الأحواض الفلاحية والمجمعات المائية غير الآمنة، هروبا من أشعة الشمس الحارقة، بحثا عن الترفيه والترويح عن النفس.

تحوّلت الأحواض الفلاحية والمجمعات المائية، تحوّلت إلى مقصد لكثير من الأطفال والشباب وملاذا غير آمن لهم، على ضوء ارتفاع درجات الحرارة، وانعدام مسابح جوارية محمية على مستوى أحيائهم وقراهم، تقيهم الحرّ الشديد وتمنح عطلتهم الصيفية انتعاشا ومرحا.
وحتى وقت قريب، لقي مراهقون وأطفال مصرعهم غرقا بالوادي، بسبب السباحة في أحواض فلاحية وتجمعات مائية وبرك انعدمت فيها شروط السلامة، أجبرتهم حرارة الجوّ على خوض مغامرة السباحة فيها دون وعي منهم بأضرارها ومخاطرها.

هروب من جحيم الحرارة
يجهل الكثير من المراهقين والأطفال أن الهروب من أشعة الشمس الحارة والارتماء في المجمعات المائية الباردة، قد تكون عواقبه وخيمة قد تصل إلى الموت في لحظات قليلة بسبب الوحل أو عمق المسطح المائي، ما يجعل الأولياء يعيشون معاناة وحزنا كبيرين، فكثير من أولئك الفتية لا يدركون حجم الكارثة والأذى الذي قد يلحق بهم بسبب مغامراتهم في تلك المجمعات المائية مهما كان تسميتها أحوض فلاحية، أو مسطحات مائية، أو برك أو غيرها، فالنتيجة واحدة فـ»الخطأ» في كثير من الأحيان يكون الغرق نتيجته الحتمية، ينتهي غالبا بالموت إذا لم يسعفهم الحظ بوجود نجدة قريبة.

برك.. باردة لكنها قاتلة
وتتواجد في مدينة الوادي عدة برك خطرة، ناجمة عن ظاهرة صعود المياه إلى سطح الأرض، سبق وأن أودت بحياة أطفال حاولوا السباحة فيها، وتقع برك المياه الصاعدة غرب حي الشطّ، تتحوّل مع حلول كل صيف إلى خطر داهم يهدّد حياة الأطفال والمراهقين الذين لا يدركون حجم خطورة السباحة في تجمعات مائية غير معلومة العمق، وبعيدة عن وسائل السلامة والأمن.
وتتشكل الأحواض الفلاحية بولاية الوادي المطلب رقم واحد لشبابها صيفا، من أحواض مائية مخصّصة لسقي النخيل والزرع متواجدة على مستوى البساتين، يتدفق فيها ماء بارد ومنعش من باطن الأرض، يسبحون فيها في أوقات الظهيرة للراحة والاستجمام، هروبا من درجات الحرارة القياسية ولفحات الشمس الحارقة.
سلطت «الشعب» الضوء على ظاهرة السباحة في الأحواض الفلاحية، التي عرفت إقبالا خلال هذه المرحلة، وتوقفت عند آثارها السلبية المؤدية للغرق والوفاة، كغيرها من حوادث المجمعات المائية الأخرى، كما لاحظت إقبالا كبيرا عليها في فترات معينة من النهار.
ولوحظ أن فترة الظهيرة وما بعد العصر، هما الفترتان الأكثر إقبالا على هذه الأحواض المائية، لكونهما يسجلان ذروة ارتفاع درجات الحرارة وبلوغها عتبة الخمسين 50°، وهو ما يجعل من تلك الأماكن ملاذ حقيقي، وفسحة للاستمتاع بالماء البارد المتدفق من باطن الأرض عبر المضخات الكهربائية.
خلال الأسابيع الماضية وفي فترة الظهيرة لوحظ حدوث بعض انقطاعات التيار الكهربائي في عدد من مناطق الولاية بسبب تضاعف الاستهلاك، وهو ما أجبر الكثير من الشباب ممن تمتلك عائلاتهم أحواض مائية في البساتين، على قضاء فترة الارتفاع القياسي في درجات الحرارة في تلك الأحواض الباردة المملوءة مسبقا للسباحة.
كما رصدت انخفاض في أداء بعض المكيّفات الهوائية «المبرّدات»، خلال فترات ارتفاع درجات الحرارة القياسي، وبالتالي عدم الحفاظ على مستويات البرودة في غرف النوم والمنازل، ما حتّم على الكثير اللجوء إلى الأحواض الفلاحية القريبة للسباحة والترويح عن النفس، وقضاء فترة ذروة ارتفاع حرارة الطقس.
كما لوحظ أن كثير من تلك الأحواض الفلاحية تشكل خطرا على السباحين فيها، نظرا لعمق مستواها، ووجود بعضها في أماكن بعيدة، ما يعني تأخر وصول النجدة في حال حدوث طارئ.
«نبيل» شاب ثلاثيني قاطن ببلدية المقرن، قال إن ارتفاع درجات الحرارة القياسي والتعرّق والقلق المصاحب لهما، يدفعه دائما للبحث عن ملاذ بارد للتنفيس والترفيه، ولا يكون ذلك إلا بالذهاب إلى البستان للسباحة في الحوض الفلاحي والتمتع ببرودته، مشيرا إلى أن الحوض ليس عميقا، مضيفا أن الأحواض المائية التي تتسّم بالخطورة أثناء السباحة فيها، حسب المتحدث، هي تلك الأحواض التي يزيد عمقها عن مترين، أما الأحواض الأقل من مترين عمقا فلا تثير ارتيابه كونه يجيد السباحة فيها، وكل صائفة يستغلها ويتمتع ببرودتها، كما تشكل تلك الأحواض، حسب نبيل، خطورة على الأطفال مهما كان عمقها ولو كانت أقل من متر واحد.

مسابح جوارية للحدّ من الخطر
تعرف ولاية الوادي نقصا في مشاريع الترفيه والتسلية خاصة منها المسابح الجوارية، وتتعرى إمكاناتها في هذا المجال في فصل الصيف، نظرا لظروف العطلة الطويلة وارتفاع الحرارة الذي يتطلّب في كل الأحوال توفر أماكن للترفيه، مثل المسابح الجوارية.
لجوء الكثير من الشباب والمراهقين وحتى الأطفال إلى المجمعات المائية مهما كان نوعها في فصل الصيف، من بين أسبابه حسبما لوحظ، هو غياب المسابح الجوارية في البلديات وأحيائها وقراها، حيث ترسّخ لدى الشاب والمراهق عدم توفر ذلك قريبا منه، وإن وجدت مسابح فيكون ذلك في مناطق أخرى أبعد، ما اضطر الكثير منهم إلى البحث عن الأحواض والمجمعات المائية الباردة المتواجدة في مناطقهم للاستمتاع في الظهيرة والترويح عن النفس، رغم ظروف السباحة غير الآمنة.

حملات توعوية
للوقاية من حوادث الغرق في المجمعات المائية، سطرت المديرية الولائية للحماية المدنية بالوادي خلال هذه المرحلة، حملات ميدانية توعوية حول أخطار السباحة والغرق في المسطحات المائية، والأحواض الفلاحية، التي تنعدم فيها شروط السلامة.
الحملات التوعوية تمّ تنظيمها على مستوى بعض وحدات الحماية المدنية، تمثلت في خرجات ميدانية للمجمعات المائية والأحواض الفلاحية، بغية التحسيس بخطرها، مع تقديم إرشادات ونصائح، ودروس عملية في حالة غرق شخص، وكيفية إنقاذه بالطرق السليمة والصحيحة.
 تكرار حالات الغرق والوفيات بالمجمعات المائية والأحواض الفلاحية رغم جهود التوعية بخطورة تلك الأماكن، تتطلّب وضع خارطة إعلام وطني جديدة للتحسيس بهذه الحوادث الخطرة، فهناك كثير من العائلات لا تدري خطر ترك الأطفال يسبحون في المجمعات المائية أو حتى في أحواض منزلية صغيرة مصنوعة لذات الغرض.