طباعة هذه الصفحة

اللّواء سليم قريد، مدير الصّناعات العسكرية لـ «الشعب»:

أنتجنـا 35050 وحدة بين شاحنـة، حافلــة وسيارة

حوار: أمين بلعمري

 مؤسّسات مديرية الصّناعات العسكرية تشغّل 25 ألف عامل

شكّلت الصّناعات العسكرية في الكثير من دول العالم نواة إطلاق قاعدة لصناعات وطنية فيها، وهذا ما يفسّر أنّ كثير من المؤسّسات الرائدة عالميا في صناعة السيارات، الطّائرات…إلخ، كانت بدايتها بخوض تجربة التّصنيع لفائدة الجيوش النّظامية خاصة خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية.  تعتبر الصّّناعات العسكرية في الجزائر من التحديات التي رفعها الجيش الوطني الشعبي بعد الاستقلال والبداية كانت بوضع اللّبنات الأولى للصّناعة، ولم يتوقّف المسار عند ذلك المستوى، حيث تعمل المؤسّسة العسكرية اليوم من تلبية حاجيات مختلف وحداتها أو طلبات السّوق الداخلية إلى خوض تجربة تصدير منتجات مختلف المؤسّسات التابعة لمديرية الصّناعات العسكرية، بداية من العتاد الحربي وصولا إلى أجهزة المراقبة والكاميرات، الألبسة والأفرشة وكذا العتاد المتنقّل مثل الحافلات، السيارات رباعية الدفع والشاحنات التي استفادت منها مختلف المؤسّسات الوطنية العمومية منها والخاصة مساهمة من الجيش الوطني الشعبي في مسار تنويع الاقتصاد الوطني، وبناء صناعة وطنية تخفّف من وطأة تبعية الاقتصاد الجزائري للبرميل، وتقلّبات أسعاره في الأسواق العالمية لتعزيز الاستقلال الوطني والحفاظ على سيادتنا واستقلالية قرارنا. ما تمّ إنجازه في مسار الصّناعات العسكرية، وما عرفته هذه الأخيرة من تطوّرات وتحكّم في التكنولوجيات الحديثة ومسارات البحث والتطوير، وكذا آفاق اقتحام الأسواق الإقليمية والدولية. أسئلة وأخرى يجيب عليها اللواء، سليم قريد، مدير الصّناعات العسكرية بوزارة الدفاع الوطني في هذا الحوار.
- الشعب: هلا تفضّلتم في بداية هذا الحوار بإعطاء نبذة عن الصّناعات العسكرية في بلادنا، لا سيما وأنّ الجيش الوطني الشّعبي كان وراء إنشاء العديد من المناطق الصّناعية بعد الإستقلال؟
اللواء سليم قريد: في المستهل أود أن أشكركم على الاستضافة، وعلى إعطائي هذه الفرصة للتعريف بمديرية الصّناعات العسكرية وإظهار جانب من نشاطاتها الصّناعية ومجالات كفاءتها.
إنّ مديرية الصّناعات العسكرية هيئة تابعة لوزارة الدفاع الوطني تعكف، بصفة أولوية، على تلبية احتياجات الجيش الوطني الشّعبي منها الفردية والجماعية، كما تسعى إلى المساهمة، عن طريق نشاطها ذات الصلة، بالإرتقاء بالقدرات الصّناعية الوطنية وتوسيعها والتّحويل التكنولوجي في جميع المجالات. وتعمد مديرية الصّناعات العسكرية لتجسيد أهدافها عبر المؤسّسات العمومية ذات الطّابع الصّناعي والتجاري التابعة لها، وكذا الشّركات المشتركة التي أنشئت مع شركاء عالميّين على غرار Daimler، Rheinmetall، Hensoldt وغيرهم.

- تطوّرت الصّناعات العسكرية في بلادنا على مراحل، هل يمكنكم إطلاعنا على أهمّها؟
 مرّت نشاطات مديرية الصّناعات العسكرية بمراحل عديدة منذ نشأتها، حيث بدأت بتلبية الاحتياجات الفردية، لتشمل بعدها الاحتياجات الجماعية للجيش الوطني الشعبي (من مركبات وعربات مدرعة، وكذا إرساء قاعدة موجّهة للصّناعة الإلكترونية والميكانيكية).
في هذا الصدد، انتقلت مديرية الصناعات العسكرية من فكرة إنشاء مؤسّسات بمنظور «المفتاح في اليد» إلى إنشاء شراكات تهدف لاكتساب الخبرات من جهة ومواكبة التطور التكنولوجي العالمي، ممّا يسمح بتوفير وسائل ومعدّات للجيش الوطني الشعبي جد متطوّرة ومعاصرة.

- دعا الفريق السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشّعبي، خلال اجتماعه بالمديرين العامين للمؤسّسات التّابعة لمديرية الصّناعات العسكرية، إلى العمل على وصول منتوجات هذه الصناعات الى الأسواق الإقليمية والدولية، هل يمكن رفع هذا التّحدّي من حيث الوفرة والجودة؟
 تسعى مديرية الصّناعة العسكرية كأولوية إلى تحقيق، احتياجات الجيش الوطني الشعبي والسوق الوطنية، وفي مرحلة ثانية استهداف الأسواق الإقليمية والدولية، وهذا يتطلّب توفير منتجات عالية الجودة ومطابقة للمعايير الدولية. هذا النّهج يقتضي ربط علاقات مع شركاء يتمتّعون بسمعة وكفاءة عالية، وذلك من أجل تصنيع منتجات تنافسية في السوق الإقليمية والدولية.

- أين وصل مسار البحث والتّطوير في مجال التّصنيع العسكري بمختلف فروعه وتخصّصاته؟
 إنّ البحث والتّطوير يسير جنبا إلى جنب مع تطوير صناعات الدّفاع، وهو ما أصبح يميّز المشهد العلمي والتّقني للجيش الوطني الشعبي من خلال اعتماد مجموعة من برامج ومشاريع البحث متعدّدة الإختصاصات، التي تعزّز لا محالة المشاريع الصناعية بفضل التكنولوجيات الناشئة، وعليه ترتكز مديرية الصّناعات العسكرية في هذا المجال على مراكز البحث والتّطوير الموزّعة على المؤسسات حسب الاختصاصات في مجالات الميكانيكا، الإلكترونيك، الطّيران، المواد الطّاقوية والدافعة. كما أبرمت مديرية الصّناعات العسكرية اتّفاقيات شراكة مع معاهد وجامعات تابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتجسيد مشاريع في البحث والتطوير وبلوغ أهداف مشتركة.
وفي هذا السياق، يمكن الذّكر على سبيل المثال، في إطار مكافحة تفشّي جائحة «كوفيد-19»، فقد نجح باحثون من مديرية الصّناعات العسكرية في تصنيع أول نموذج لجهاز تنفّس اصطناعي لتوفير تهوية وقائية، كما حشدت مديرية الصّناعات العسكرية جميع إمكانياتها الصّناعية من أجل المشاركة الفعّالة في الجهود الوطنية لمكافحة جائحة كورونا المستجد، حيث قامت بتصنيع الأقنعة والبدلات الواقية لفائدة المؤسّسات العسكرية والمدنية، بالإضافة إلى تجهيز عدد من المؤسّسات بأنظمة كاميرات حرارية مخصّصة للقياس الآلي لدرجة حرارة الجسم.

- كم عدد المستخدمين المدنيّين الذين تشغلهم مختلف المؤسّسات الصناعية التّابعة لوزارة الدّفاع الوطني؟
 إنّ الجيش الوطني الشّعبي عبر جميع هيئاته، لا سيما في مديرية الصّناعات العسكرية، يستثمر جميع طاقاته وإمكانياته من أجل المساهمة في امتصاص البطالة واستحداث مناصب شغل جديدة سواء كانت لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بنشاطاتها.
وحاليا، تشغل المؤسسات التابعة لمديرية الصناعات العسكرية، ما يزيد عن 25.000 عامل.
 
- كم عدد المركبات، العربات والسيارات التي أنتجتها مختلف مؤسّسات الجيش الوطني الشّعبي منذ بداية الإنتاج في مختلف وحداتها؟ وما هي القدرة الإنتاجية السّنوية من علامة مرسيدس بنز؟
 إنّ صناعة المركبات موزّعة على مؤسّستين مشتركتين: الشّركة الجزائرية لإنتاج الوزن الثّقيل بالرويبة والشركة الجزائرية لصناعة المركبات النّفعية بتيارت، حيث أنتجت الشّركتان منذ نشأتهما، على التوالي، 9050 شاحنة وحافلة وأيضا 26000 عربة نفعية من نوع G-Classو Sprinter، وذلك حسب احتياجات الجيش الوطني الشعبي أولا والسوق الوطنية في مرتبة ثانية.
أما فيما يخص القدرة الإنتاجية السنوية من المركبات علامة مرسيدس بنز، فهي كالتالي:
6000 سيارة من نوع Sprinter
2000 سيارة من نوع G-Class
15.000 شاحنة لجميع الاستخدامات.

-  وكم بلغت نسبة الإدماج في تصنيع العتاد المتنقّل لا سيما السيارات والحافلات؟
 إنّ رفع نسبة الإدماج في تصنيع المنتجات هو من بين أهم أولويات القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، وفي هذا السياق فإنّنا نسعى ونعتمد على قدراتنا وخبراتنا الوطنية في مجال المناولة لاسيما في المنتجات المصنّعة، مع الحرص على احترام الشّروط والمتطلّبات التقنية لشركائنا التكنولوجيّين، وكذ احترام المسار الصناعي بغية ضمان منتوج ذو جودة عالية. وفي هذا الصدد عمدت مديرية الصناعة العسكرية لإدماج برنامج تكويني هام لتأهيل العمال والإطارات تماشيا مع التكنولوجيات المستخدمة، ومرافقة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مشاريعها الهادفة لإدماج أجزاء المنتجات لاسيّما في مجال صناعة السيارات.
كما تساهم مديرية الصناعات العسكرية، إلى جانب الفاعلين الاقتصاديين على المستوى الوطني في إنشاء قاعدة صناعية متكاملة للتكفل بمراحل الإدماج الصناعي على جميع الأصعدة على غرار مشاركتها الفعالة خلال أشغال الملتقى الوطني للإدماج والمناولة، التي بادر بها المعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية الشاملة، والتي انبثق عنها توصيات لتعزيز المناولة والإدماج الصناعي في الجزائر.

- ماذا عن برامج التّكوين والتّأهيل خاصة وأنّ وزارة الدفاع الوطني تراهن كثيرا على المورد البشري في النّهوض بالصّناعات العسكرية في بلادنا؟
 التّكوين هو قاطرة كل تطوّر تكنولوجي وصناعي، ومديرية الصّناعات العسكرية وبدعم من القيادة العليا للجيش الوطني الشّعبي، لم تدّخر أي جهد في الإستثمار في هذا المجال، عن طريق إعداد برنامج تكويني جد طموح. وكذا ومن أجل ضمان تحول تكنولوجي حقيقي وتحضير النخبة التي سيقع على عاتقها تنفيذ والتكفل بمختلف البرامج الصناعية، فإنّ مديرية الصناعات العسكرية اعتمدت في استراتيجيتها على تكوين الضباط حديثي التخرج، في الجامعات الوطنية والأجنبية، وذلك حسب الإحتياجات والأهداف المعتمدة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، وحرصا على بلوغ النّجاعة والمحافظة على نوعية وترقية المنتجات المصنعة من طرف مؤسّساتنا، فإنّ مديرية الصّناعات العسكرية، قد ركّزت جهودها على التكوين المهني، وذلك بالتشاور مع الدائرة الوزارية المكلفة بهذا القطاع، من أجل تقديم ضمان تكوين نوعي وعالي لمستخدمينا الإقتصاديين وملائمتهم للتعود عل أفضل الممارسات في مجال الصناعة والإنتاج والذي نتج عنه إنشاء معاهد متخصصة تابعة للمؤسسات الصناعية.

-  هل هناك تفكير في نسج شراكات مع مؤسّسات صناعية مدنية من القطاعين العمومي والخاص؟
 أكيد، تعتبر مديرية الصناعات العسكرية مبدئيا الفاعلين الاقتصاديين العموميين والخواص كشركاء دائمين، لما تكتسيه حاليا العلاقة الصناعية والتجارية مع هؤلاء، كما تصبو مديرية الصناعات العسكرية لتوطيد هذه العلاقة من خلال مشاريع الإدماج والمناولة في كل المجالات.

- تحتاج أي صناعة إلى شبكات للمناولة خاصة في مجال صناعة السيارات، هل هناك تفكير في هذا الإطار؟
 بالطبع هناك تفكير عميق في هذا المجال، أنتم تعلمون أن الصناعات الميكانيكية هي أساس كل قاعدة صناعية، فلذلك يسعى الجيش الوطني الشعبي، إلى ترقية هذه الأخيرة من أجل تنمية الاقتصاد الوطني وتنفيذ إستراتيجية الإدماج الصناعي، لتمكيننا دون شك منتحقيق اقتصاد وافر وانخفاض محسوس في فاتورة الواردات، والحفاظ على العملة الصعبة من خلال إدماج المؤسسات الخاصة والعمومية « PME » أو الناشئة « Start up »-لإنشاء شبكات المناولة في شتى الميادين.