«أفرز الصندوق فوز المترشح الحر النائب عن ولاية غرداية إبراهيم بوغالي، برئاسة المجلس بعد حصوله على 295 صوت أمام أحمد صادوق من حركة مجتمع السلم، الذي تحصل على 87 صوتا».
انتقل النواب الجدد، الخميس الماضي، إلى قصر زيغود يوسف باكرا قادمين من فندق «مازفران»، الذي خصّص لإقامتهم تحضيرا «للدخول البرلماني الجديد»، وهم في كامل أناقتهم، مرتدين بذلات كلاسيكية وأخرى تقليدية تليق بمقام اليوم الأول في المجلس الشعبي الوطني.
وبين التجوال في البهو وقاعة الجلسات التي شهدت عملية التنصيب وانتخاب رئيس المجلس الشعبي الوطني، قضى النواب جل يومهم وهم يدلون بتصريحات إلى وسائل الإعلام الحاضرة والتعرف على الصحافيين والبناية البرلمانية، في مشهد جديد غابت عنه أوجه عمّرت طويلا في الغرفة الثانية.
«سلفي والبرلمان خلفي»
لم يتوقف النواب الجدد منذ أن وطئت أقدامهم مبنى زيغود يوسف صباحا، عن أخذ أولى الصور التذكارية في مشوارهم النيابي، بداية من مدخل البناية الموشّحة بعبارة «المجلس الشعبي الوطني»، وصنع «السّلفي» الحدث، أمس الأول، للوافدين الجدد، خاصة وأنّ هذه الفترة التشريعية عرفت فوزا للشباب الذي يتعرف لأول مرة على مقر المجلس.
ولم تكن تلك الصور التي صنعها النواب الشباب غريبة، لأن الجميع يعرف أنهم منحوا فرصة كبيرة لتمثيل الشعب وباتوا هم نوابه يدافعون عن حقوقه وصوتهم المسموع أمام السلطة التنفيذية. ولأنهم أكثر من أربعين من المائة من مجموع النواب، فقد أكد أحد النواب خلال تدخل إعلامي في جلسة التنصيب، وفي بهو الجلسة، عزمه رفقة البقية على استرداد ثقة الشباب في مؤسسات الدولة والعمل الجاد خلال الخمس سنوات المقبلة، ليكونوا هم أولا في خدمة الشباب، خاصة الذي عزف عن العمل السياسي بل وقاطعه، بحسب تصريحات أدلى بها النائب الشاب المستقل عزيز عبد القادر.
غياب لافت للمرأة
ولأن عدد النساء البرلمانيات هذه المرة انخفض إلى حدود 34 امرأة فقط، بعدما عرفت العهدة الماضية انتخاب 120 امرأة، بعد إزالة نظام «الكوطة» المخصصة للنساء بموجب قانون الانتخابات الجديد، ظهر بهو البرلمان مكتظا بالعنصر الرجالي، أما شقائقهم النساء فقد بات البحث عنهن كمن يبحث عن إبرة في كومة قشّ، وغابت أول أمس مظاهر برلمان «الحفافات» الذي لطالما اشتهر به المجلس السابق لكثرة النساء اللائي كن يصلن إليه طيلة العهدات السابقة.
وفي هذه النقطة، أفادت النائب عن حركة مجتمع السلم فريدة غمرة، أن تراجع التمثيل النسوي في المجلس الشعبي الوطني مرده غياب المحاصصة، متمنية أن يكون التمثيل فعالا ولو على قلته، فالنوعية ــ بحسبها ــ مهمة لتمثيل الإرادة الشعبية الحقيقية، وهو تحدّ جديد للمرأة حتى تثبت جدارتها، معتبرة أن القيام بحملة انتخابية في الجزائر بالنسبة للعنصر النسوي له خصوصيته، لأن المجتمع ذكوري بالدرجة الأولى.
«ديناصورات» تصنع الفارق
كما كان منتظرا، كانت الجلسة الأولى للنواب الجدد، والتي حددت معالم عمل الغرفة الثانية للبرلمان، بمشهد جديد مغاير لمشاهد سابقة، حيث غاب النواب المعمرون لعقود في مبنى البرلمان، والذين بات يطلق عليهم «الديناصورات البرلمانية»، وظهرت وجوه جديدة مشكلة من إطارات وأساتذة جامعيين، بدا الإرتباك ظاهرا عليهم، فمنهم من كان يتحاشى وسائل الإعلام بقوة، ويرفض رفضا قاطعا حتى إعطاء رقمه، من منطلق تجنب الوقوع في فخ التصريحات التي لطالما وقع فيها أسلافهم من النواب السابقين خلال عهدات ماضية.
بينما كان هناك نواب أشجع، حيث تقدم عدد منهم تلقائيا إلى وسائل الإعلام الحاضرة لتغطية الحدث، للإدلاء بتصريحات تخص قضايا مختلفة، فأبدوا مواقفهم من تشكيلة الحكومة الجديدة، من البرلمان الجديد وموضوع ثقة الشعب في المنتخبين الجدد، وجل هؤلاء من أساتذة جامعيين أو نواب سابقين عملوا خلال العهدة الماضية، في مشهد صنع الفارق أول أمس في مبنى زيغود يوسف، الذي استعاد هو الآخر حيويته بعد أشهر من الجمود على رثر حل المجلس من قبل رئيس الجمهورية.
عمل شاق منتظر
كانت جلسة التنصيب على كثير من النواب الذين تحدثوا إلينا شاقة، خاصة وأنهم حديثو العهد بالعمل السياسي، وقدموا الى عاصمة البلاد منذ ما يقارب 4 أيام تحضيرا للبروتوكولات الإدارية التي تسبق الموعد، في وقت تلقوا شروحات وافية من قبل إدارة المجلس حول كيفية إجراء جلسة التنصيب.
وأطال الإقتراع السري نهار النواب، الذين انتظروا حتى حدود الساعة الخامسة والنصف للانتهاء من عملية التنصيب، وهم الذين قدموا في حدود الساعة السابعة صباحا، وبالرغم من ذلك فقد جرت المراسم، بحسب شهادة النواب، في ظروف حسنة، بالرغم من بعض الصور التي لاحظناها مثل دخول أحد النواب في نوم خفيف خلال عملية الاقتراع، في وقت استغل نواب آخرون الفرصة للتعرف على القصر البرلماني والتجول في ثناياه، وكلهم عزم وثقة للعمل الجاد المنتظر وأنهم في الموقع في اطار تكليف وليس تشريف.
15 نائبا يصابون بالفيروس اللعين
منع 15 نائبا، منهم 5 نواب ينتمون لكتلة حركة البناء الوطني، من حضور جلسة التنصيب بسبب إصابتهم بفيروس كورونا. وبحسب ما تحدث به مصدرلـ «الشعب»، فان تحاليل (بي.سي.آر) التي أجراها نواب المجلس الشعبي الوطني أثبتت ذلك.
لذلك، اعتمدت إدارة المجلس على الوكالات في جلسة إثبات العضوية والتصويت على تقرير اللجنة وكذلك انتخاب رئيس المجلس الشعبي الوطني.
هؤلاء رؤساء الكتل البرلمانية
عينت الكتل البرلمانية داخل الغرفة الثانية رؤساءها، حيث تم تعيين كمال بن خلوف رئيسا للكتلة البرلمانية لحركة البناء، بينما كان طويل محمد للكتلة البرلمانية للأرندي، ووضعت حركة مجتمع السلم أحمد صادوق رئيسا للكتلة، فيما تم تعيين سيد أحمد تمامري رئيسا للكتلة البرلمانية للأفلان، وفاتح بوطبيق رئيسا الكتلة البرلمانية لجبهة المستقبل، في وقت عينت كتلة الأحرار النائب عبد الوهاب آيت منقلات.
6 ساعات تنتهي بالاقتراع السري
بعدما انتهت رئاسة المجلس الشعبي الوطني «المؤقتة» من إتمام الجلسة الصباحية بإثبات عضوية النواب، والمصادقة بالإجماع، على قائمة أعضاء لجنة إثبات العضوية المتكونة من 20 نائبا. تم رفع الجلسة الصباحية. انطلقت الجلسة المسائية التي شهدت المصادقة على تقرير اللجنة وانتخاب رئيس المجلس الشعبي الوطني انتخاب رئيس المجلس، في حدود الساعة الثالثة مساء، حيث ترأس جلسة التنصيب، كما كان منتظرا، النائب الأكبر سنّا عبد الوهاب آيت منقلات عن ولاية تيزي وزو ممثلا لقائمة حرة، والنائبان الأصغر سنا وهما حماد أيوب وبشلاغم عبد المؤمن.
آيت منقلات: «الشعب تعب من الكذب»
خلال بداية الجلسة، شدد النائب في المجلس الشعبي الوطني، عبد الوهاب آيت منقلات، على أهمية استرجاع مصداقية المجلس بهدف إعادة كسب ثقة المواطن. مخاطبا النواب «بدون ثقة بين بعضنا البعض لا نستطيع العمل... الشعب الجزائري تعب من الكذب والنفاق، ما يتطلب منا العمل لاسترجاع مصداقية المجلس بهدف إعادة كسب ثقته»، مضيفا في ذات السياق: «لدينا جزائر واحدة أنتم تمثلون كل ربوعها، لذلك لابد أن نساعد رئيس الجمهورية الذي فتح الأبواب أمام الشباب كونهم مستقبل البلاد».
تحالف يصنع رئيس المجلس
تقدم لانتخابات رئاسة المجلس الشعبي الوطني، مرشحان. واحد من الأحرار وهو بوغالي إبراهيم عن الدائرة الإنتخابية لولاية غرداية، وآخر عن حركة مجتمع السلم أحمد صادوق، بالدائرة الانتخابية الشلف. لذلك قرر رئيس الجلسة وفق ما يمليه القانون الداخلي للمجلس الشعبي الوطني تنظيم اقتراع سري لتعدد المترشحين. وقد أفرز الصندوق في النهاية فوز المترشح الحر النائب عن ولاية غرداية إبراهيم بوغالي برئاسة المجلس الشعبي الوطني بعد حصوله على 295 صوت على خصمه أحمد صادوق من حركة مجتمع السلم الذي تحصل على 87 صوتا.
واتفقت معظم الكتل البرلمانية، على رأسها المستقلون وحزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وحركة البناء الوطني، التي رفضت دعم صادوق، بالرغم من انتمائهما لنفس اللون السياسي المحسوب على التيار الإسلامي، على دعم النائب عن ولاية غرداية إبراهيم بوغالي لتولي رئاسة المجلس الشعبي الوطني، وبذلك فقد بدأت معالم عمل الغرفة الثانية تتحدد بعد إنشاء «تحالف رئاسي» لمرافقة تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية طيلة الخمس سنوات القادمة.
أول تصريح للرجل الرابع في الدولة
تعهد رئيس المجلس الشعبي الوطني الجديد، إبراهيم بوغالي، بالتنسيق مع المجموعات البرلمانية والحكومة، بالسهر على تطبيق برنامج رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
وتعهد في أول تصريح له عقب انتخابه على رأس الغرفة التشريعية السفلى للبرلمان: بالعمل الجاد داخل القبة البرلمانية، قائلا: «إن عودتنا هذه لها من الخصوصية ما تجعلنا نشمر على سواعد الجد تحسبا لمرحلة جديدة ألا وهي الجزائر الجديدة، إذ نثمن إتمام ونجاح حلقة أخرى في إعادة الكلمة للشعب بانتخاب السلطة التشريعية من خلال ثقة الناخبين في إطار تحقيق الديمقراطية».
وتوجه الرئيس الجديد للمجلس الشعبي الوطني، إلى رئيس الجمهورية يقول «أشكر الرئيس عبد المجيد تبون الذي نتعهد بمرافقته كسلطة تشريعية في تحقيق الأهداف المسطرة في برنامجه الرئاسي الذي تمت تزكيته من قبل الشعب».
سطور حول بوغالي
إبراهيم بوغالي الذي فاز بمقعد في المجلس الشلعبي الوطني، عن القائمة الحرة الأخوة والتداول بالدائرة الانتخابية غرداية في الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 12 جوان الماضي.
ولد بوغالي يوم 3 مارس 1963 في مدينة بني يزڤن بولاية غرداية وتخرج من كلية العلوم السياسية في الجزائر العاصمة.
بدأ مشواره المهني سنة 1989 في الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط وانتقل بين عدة وكالات بنكية، قبل أن يتولى رئاسة وكالة النادي السياحي في غرداية منذ 1997 إلى غاية 2017.
يذكر، أن بوغالي انتخب عضوا في المجلس الشعبي الولائي في الانتخابات المحلية لسنة 2017 وتولى رئاسة المجلس الشعبي الولائي لولاية غرداية سنة 2020.