منذ توليه منصب رئاسة الجمهورية أعطى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الأولوية لملف الذاكرة في خطاباته، مؤكدا في كل مرة يتوجه فيها بخطاب إلى الأمة، على إصرار الدولة الجزائرية غلق ملف الذاكرة باسترجاع كل ما يتعلق به من فرنسا.
وقال في كلمة ألقاها خلال حفل تقليد الرتب وإسداء الأوسمة لضباط الجيش الوطني الشعبي بقصر الشعب 2 جويلية 2020، بمناسبة الإحتفال بالذكرى 58 لعيدي الاستقلال والشباب عند إعلانة استرجاع جماجم 24 من شهداء المقاومة الشعبية: «إن ذلك لفي صميم واجباتنا المقدسة في حماية أرواح الشهداء ورموز الثورة، وعدم التنازل بأي شكل من الأشكال عن أي جزء من تراثنا التاريخي والثقافي، وفي الوقت نفسه وحتى لا نعيش في الماضي فقط، فإن استذكار تاريخنا بكل تفاصيله، بمآسيه وأفراحه، بهدف حفظ الذاكرة الوطنية وتقييم حاضرنا بمحاسنه ونقائصه، سيضمن لأبنائنا وأحفادنا بناء مستقبل زاهر وآمن، بشخصية قوية تحترم مقومات الأمة، وقيمها وأخلاقها».
أما في خطابه بمناسبة عيد النصر 19 مارس 2021، أبرز رئيس الجمهورية إصرار الدولة على التعامل مع ملف الذاكرة بكل جدية قائلا: «ما فتئت أؤكد على ضرورة حماية الذاكرة الوطنية، وأذكر بمسؤولية الدولة في الاضطلاع بهذا الملف، بأقصى درجات الجدية والمثابرة، ولئن كنا قد قطعنا خطوات مهمة، وسجلنا بوادر إيجابية، خاصة فيما يتعلق باسترجاع الأرشيف واستعادة جماجم لرموز من قادة المقاومة الشعبية، فإن إصرارنا على صون التاريخ والذاكرة يظل في صميم أولوياتنا، لإحراز التقدم المرجو في هذا المسعى».
وركّز على الدور الاستراتيجي الذي تؤديه ذاكرة الأمة، وقال في كلمته بمناسبة ذكرى مجازر 8 ماي 1945: «..لا يتأتّى ذلك إلاّ بالتمسك بتلك القيم النبيلة والمثل العليا التي كرّسها نضال شعبنا على مرّ السنين والعصور، وهي المعاني السامية التي ما فتئت تترسّخ في النفوس وتتوطّد في الوجدان بفضل المجهودات الكبيرة التي تبذلها الدولة على كافة المستويات، والتي تهدف في مجملها إلى حماية ذاكرة الأمة».
ويضيف: «وقد تجلّى ذلك في التعديل الدستوري الجديد الذي كرّس بيان أول نوفمبر 1954، وأكّد على احترام رموز الثورة التحريرية وترقية كتابة التاريخ الوطني وتعليمه للناشئة، وذلك تأكيدا للدور الإستراتيجي للذاكرة الوطنية في تنمية الشعور الوطني والحسّ المدني وتقوية روابط الانتماء والاعتزاز بأمجاد الوطن. إنّ تثمين ذاكرتنا ونقلها لشباب الجزائر المستقلة أكبر ضمان لتحصين الأمة وتمتين صلتها بوطنها».
ويؤكد في ذات الكلمة، على أنه «لن تتأتى علاقات ذات جودة مع فرنسا، إلا بمراعاة التاريخ ومعالجة ملفات الذاكرة..» و»لا يمكن بأي حال التنازل عن ملفات الذاكرة، مهما كانت المسوغات، ومازالت ورشاتها مفتوحة، كمواصلة استرجاع جماجم شهدائنا الأبرار، من الورشات المفتوحة أيضا ملف المفقودين واسترجاع الأرشيف وتعويض ضحايا التفجيرات النووية في الصحراء الجزائرية.» وأيضا «الإرتقاء إلى مستوى العلاقات الإستراتيجية، يتطلب أساسا صلبا خاليا من أي شوائب معالجة كل ملفات الذاكرة بجدّية ورصانة وتنقيتها من الرواسب الإستعمارية».
ويضيف، «الشعبان الجزائري والفرنسي يتطلعان إلى مستقبل أفضل، تسوده الثقة والتفاهم، يعود بالفائدة عليهما في إطار الإحترام المتبادل والتكافؤ الذي تُحفظ فيه مصالح البلدين».
أما في لقاءاته مع مختلف وسائل الإعلام الوطنية، كان رئيس الجمهورية دائم الحرص على تأكيد الأهمية الجوهرية لملف الذاكرة، خلال لقائه الدوري مع ممثلي الصحافة الوطنية، شهر أفريل الماضي، يقول رئيس الجمهورية: «لن أتخذ من الذاكرة سجلا تجاريا، واسترجاع الأرشيف قضية متشعبة مع فرنسا وهي اختصاص تقني للباحثين والعلميين والمؤرخين فقط».
وفي حديثه عن الأرشيف العثماني، قال «ما هرّبته فرنسا من الأرشيف العثماني الذي وجدته في الجزائر عليها إعادته إلينا، ونحن على مسعى استرجاع أرشيفنا عموما بكل حزم».
أما في لقائه الدوري بممثلي الصحافة الوطني، شهر مارس الماضي، أكد رئيس الجمهورية أن «علاقتنا مع فرنسا يطبعها الحزم ولا رجوع عن ذلك». وأيضا «في فرنسا لوبي يعمل ضدنا بخلفية إضاعته لجنّة الجزائر ولوبي آخر بخلفية استعمارية، لكن ذلك لم يعد ممكنا اليوم».
فيما يؤكد في لقائه الأخير مع «لوبان» الفرنسية، أن «الجزائريون في انتظار اعتراف شامل بجرائم فرنسا الإستعمارية».