عاد فريق شبيبة القبائل إلى الواجهة القارية، بعدما تمكّن من بلوغ المباراة النهائية لمنافسة كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، بعد غياب عن النهائي القاري لمدة دامت 19 سنة كاملة، حيث تمكّنت بفريق شاب ومغمور من البروز مجددا بعد سنوات عجاف، عانت فيهم الشبيبة الويلات هي التي طلّقت الألقاب المحلية منذ 10 مواسم كاملة، وتحديدا منذ تاريخ الفاتح ماي 2011، حين خطفت كأس الجمهورية الخامسة في خزائن الفريق، من يد فريق اتحاد الحراش التي تغلبت عليه بهدف دون رد من توقيع المهاجم فارس حميتي في اللقاء الذي احتضنه ملعب 5 جويلية الأولمبي.
«شبيبة تلعب على النيف» جملة عادت للواجهة في موسم (2020 -2021)، بعدما عادت النتائج الإيجابية محليا وقاريا، وعاد معها اللعب الجميل الذي يعشقه أنصار الكناري، وكل محبي الساحرة المستديرة في الجزائر، منذ تعيين المدرب الفرنسي المخضرم دينيس لافان على رأس العارضة الفنية للفريق بتاريخ 07 جانفي 2021.
بداية موسم الفريق كانت سيئة للغاية، حيث وبعد مرور جولة وحيدة من الرابطة المحترفة، قرّرت إدارة ملال فسخ عقد المدرب التونسي يامن الزلفاني الذي تبين بأنه لن يتحصل على ترخيص البقاء على دكة البدلاء، ما لم يجلب شهادة المطابقة لـ»الكاف أ»، وهو ما جعله يحزم أمتعته مبكرا، بعدما أشرف على تحضيرات انطلاق الموسم الكروي التي باشرها الفريق بتاريخ 31 أوت، أي تحديدا لمدة 92 يوما قبل موعد أول مباراة في الموسم الكروي.
بوزيدي وضع حجر الأساس
بعد رحيل الزلفاني توقّع الجميع بأن أصحاب الزي الأخضر والأصفر سيدخلون أزمة حقيقية، خصوصا بعد تعيين المدرب يوسف بوزيدي الذي يلقب برجل المطافئ، المختص في رفع التحديات وإنقاذ الفرق من السقوط، لكن الأخير عرف كيف يعطي الروح لمجموعته وتمكّن خلال سبعة مباريات في مختلف المنافسات، من تحقيق أربعة انتصارات بينها الفوز ذهابا وإيابا في الدور التمهيدي لمنافسة كأس «الكاف»، على حساب الاتحاد الرياضي للدرك الوطني النيجيري بمجموع (4-1)، بالإضافة إلى تحقيق تعادلين خارج الديار وهزيمة في مباراته الأولى بتيزي وزو أمام شباب بلوزداد بثلاثية نظيفة، ليقال بعدها ويعين المدرب لافان مكانه بالرغم من النتائج الإيجابية، خيار صائب من الإدارة التي عرفت انتقاء المدرب الأمثل الذي أعاد لها هيبتها الضائعة في السنوات الأخيرة.
أرقام لم تحقّقها الشبيبة منذ موسم (2007 - 2008)
المدرب الفرنسي عرف كيف يعطي الطاقة الإيجابية للاعبيه، ويستغل إمكانياتهم الأمر الذي جعله يشكل نواة صلبة، حيث تمكّن خلال 33 مواجهة في مختلف المنافسات، من تحقيق 20 انتصارا وست هزائم وسبعة تعادلات في كل من منافسات الرابطة المحترفة وكأسي الرابطة و»الكاف»، وهي أرقام تتحدث عن نفسها لم يحققها الفريق منذ موسم (2007 - 2008) تاريخ التتويج بآخر لقب بطولة، وهو ما يوضّح أن ثورة كبيرة قام به المسؤول الأول على رأس العارضة الفنية للفريق القبائلي، ظهرت ثمارها بفضل العمل المتواصل رفقة مجموعة من الشباب متعطشة للتألق والبروز وحصد الألقاب، لصنع اسم لها في كرة القدم المحلية، وإعادة الفريق للتربع على العرش القاري، الأمر الذي سينقش أسمائهم بأحرف من ذهب في التاريخ الكبير للنادي.
لافان لا يؤمن إلا بالعمل والتحضير الجيد وخوض المباريات بنية الفوز لا غير، هذا ما أكده لنا اللاعبون الذين جمعنا حديث بهم، حيث أفادوا لنا أن جدية مدربهم جعلتهم يتطورون ويتحررون من كل القيود، الأمر الذي ساعدهم على التألق واللعب دون مركب نقص، ما جعلهم يبلغون نهائي كأس الرابطة والكونفدرالية الإفريقية، موضّحين أنه قريب من اللاعبين ويجيد لغة الحوار، بالرغم من فارق السن الكبير معهم، معتبرين إياها أحد أقوى نقاطه، وهو ما ساهم في تشكيل عائلة واحدة تسير لكتابة مجد الشبيبة من جديد.
لافان: خبرة 38 سنة تحت تصرّف الشبيبة
صاحب 66 عاما باشر مهمة التدريب مساعدا سنة 1983 من بوابة أولمبيك ألاس بجنوب فرنسا، وعمل بعدها لمدة 15 سنة كاملة في ذات المنصب بكل من باستيا وأولمبيك نيم وفالانس الفرنسي، مدة سمحت له من الارتقاء إلى منصب المدرب الرئيسي رفقة فريق مسقط رأسه بيزييه، ليتحوّل بعدها إلى مدير مركز تكوين سودون أردين لمدة أربعة مواسم من (1999 إلى 2003)، قبل أن يشدّ الرحال إلى قطر ومنها إلى الصين اللذان عمل بهما منسقا لدى الفئات الشبانية.
المدرب الفرنسي تمكن من الظفر بأول عقد احترافي مهم له خارج فرنسا، وكان ذلك من البطولة الكاميرونية محطة كانت ناجحة بعلامة امتياز، وصنعت للفرنسي اسما في عالم الكرة الافريقية، حيث تمكّن رفقة فريق كوتون سبور الكاميروني في ظرف أربعة مواسم من التتويج بسبعة ألقاب محلية كاملة، كما تمكّن من بلوغ نهائي كأس رابطة الأبطال الإفريقية نسخة 2008، الذي خسره الفريق ضد نادي القرن الأهلي المصري بنتيجة (4-2) في مجمل اللقاءين، وهي السنة التي أطاح فيها لافان بشبيبة القبائل في الدور 16 بمجموع (4-2).
شهرة ابن مدينة بيزييه جرته إلى تدريب الدفاع الحسني الجديدي المغربي، ومنه عاد إلى كوتون سبور، قبل أن يدرب المنتخب الكاميروني ويقوده في نهائيات كأس أمم إفريقيا 2013، لتتمّ إقالته بعد الإقصاء المفاجئ ضد الرأس الأخضر.
الخبرة الافريقية التي اكتسبها لافان قادته لتجربة جديدة برفقة النجم الساحلي التونسي، الذي عزّز معه رصيده إلى 8 ألقاب بعدما قاده للتتويج بكأس تونس.
لافان لم يتوقف عند هذا الحد وقرّر خوض تجربة في بطولة جديدة بجانب الاتحاد المصري، ومنه إلى نجران السعودي بعدها عاد لمصر من بوابة سموحة، وانتقل إلى فاس المغربي ثم نحو فري ستايت ستارز الجنوب إفريقي، قبل أن يجرّب حظّه مع فريق الهلال السوداني الذي توج معه بلقب البطولة، ليختار بعدها الرابطة المحترفة أين قاد العارضة الفنية لفريق شباب قسنطينة، خلفا للمدرب عبد القادر عمراني وقاد السنافر للتألق في رابطة الأبطال التي أقصي منها في الدور ربع النهائي، أمام الترجي الرياضي التونسي بطل نسخة 2019، ولولا مشاكل قلة الاستقرار في الفريق القسنطيني لبقي لوقت أطول.
المهندس الذي يغيّر كثيرا خطّطه التكتيكية أثناء مباريات الشبيبة، وبحنكته التدريبية الواسعة في الميادين الأفريقية والعربية، أعاد هيبة الأسود الضائعة في أدغال إفريقيا، في انتظار التتويج القاري الثامن الذي سيجد عمل ثلاثة مواسم كاملة، وسيكون أول بذور نجاح المشروع الرياضي الذي جاء به الرئيس شريف ملال سنة 2018، حيث أكد وقتها في أول ندوة صحفية بأنه خلال الموسم الثالث له على رأس الشبيبة، سيتمكن من إعادة الفريق إلى سكة التتويجات القارية، وإذا فشل في ذلك سيستقيل من رئاسة النادي.
يذكر أن الشبيبة تواجه في نهائي كأس «الكاف» الرجاء البيضاوي المغربي، بتاريخ 10 جويلية المقبل بملعب الصداقة، المتواجد بالعاصمة الاقتصادية البينينية كوتونو.