إذا كانت جائحة فيروس كورونا المستجد ألحقت بالعالم خسائر بشرية ومادية باهظة وأودت بحياة مئات الآلاف من الأشخاص، فإن تداعياتها ستستمر لأعوام طويلة مقبلة، خاصة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، حتى في الدول التي كانت أقل تضررا من آثارها الصّحية.
بالرغم من أن برامج التطعيم والإجراءات الاحترازية التي تم تطبيقها ساعدت في السيطرة النسبية على الجائحة، فإن المحللين والخبراء يؤكدون أن عديدا من دول العالم خاصة الفقيرة منها ستواجه جائحة ربما تكون أشد خطورة من جائحة الفيروس، بسبب تراكم الديون على تلك الدول التي تتعرض لكارثة.
وتقول سيدني ماكي، محررة الشؤون الاقتصادية في تقرير نشرته وكالة “بلومبيرغ” للأنباء “إن الجائحة تسببت في خسائر صحية واقتصادية فادحة في بعض أفقر دول العالم”، وأضاف “أنفقت الحكومات المثقلة بالديون على امتداد العالم من أمريكا اللاتينية إلى إفريقيا أموالا لم تكن تمتلكها لدعم الأنظمة الصحية المتهالكة وتوفير شبكة أمان للمواطنين، ما أدى إلى تدهور مواردها المالية”.
وأكدت أنه في ظل مؤشرات على أن الضغوط المالية تؤجج الاضطرابات السياسية، تصاعدت الدعوات الدولية لتخفيف الضغط على تلك الدول التي تكافح لخدمة ديونها الخارجية.
وعن الدول الأشد عرضة للمخاطر المالية، تقول ماكي “إن دول أمريكا اللاتينية سجلت نحو ثلث إجمالي عدد الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا المستجد على مستوى العالم حتى منتصف العام الحالي، في حين إنها تمثل فقط 8 ٪، من سكان العالم. وفي الوقت نفسه فإن دول المنطقة خاصة الأرجنتين والبرازيل وإكوادور وسورينام تواجه صعوبة في سداد ديونها في ظل الجائحة ما أثار المخاوف من تكرار سيناريو الكارثة الاقتصادية التي شهدتها تلك الدول في ثمانينيات القرن 20 عندما توالى إفلاسها على طريقة “نظرية الدومينو” لتدخل مرحلة ركود اقتصادي طويلة.
وتضيف ماكي أن “الأمر لا يختلف كثيرا في دول إفريقيا جنوب الصحراء، حيث يمكن أن يعود نحو 40 مليون شخص إلى دائرة الفقر بسبب الجائحة”. وكانت زامبيا أعلنت في العام الماضي توقفها عن سداد ديونها والآن تحاول إثيوبيا وتشاد الوفاء بالتزاماتها بصعوبة بالغة، وهناك أيضا عديد من الدول التي تزيد العائد على سنداتها الدولارية على 10 ٪، وهو ما يشير إلى الصعوبات الهائلة التي تواجهها في توفير احتياجاتها التمويلية.”.