طباعة هذه الصفحة

حدث وحديث

كابـــوس..

فضيلة دفوس

قبل أن يعجز اليوم عن تشكيل حكومة جديدة، سبق للبنان وأن أخفق في انتخاب رئيس للبلاد لمدّة قاربت السنتين ونصف ظلّ فيها كرسيّ الرئاسة بقصر بعبدا شاغرا، وقد عاشت بلاد الكرز حينها أزمة خانقة تسبّبت فيها الانقسامات الحادة بين القوى السياسية والخلافات المتفجّرة بين “جنرالات” الطوائف وصراعهم المحموم على السلطة، إضافة إلى التدخلات الخارجية التي ظلّت ولازالت تفرض وصايتها على هذه الدّولة الصغيرة التي تحمّلت ولا زالت ما تنأى الجبال عن تحمّله.
لقد أمضى لبنان ما بين ماي 2014 وأكتوبر 2016 فترة صعبة، وهو يترقّب انتخاب رئيس جديد، وانعكس الشغور في منصب الرئاسة شللا في المؤسسات الرسمية وتصعيدا في الخطاب السياسي والطائفي، وتراجعا في النمو الاقتصادي في بلد ذي إمكانات هشّة، لكن الأزمة التي عاشها اللّبنانيون آنذاك -على خطورتها - لا يمكن مقارنتها بما يعيشونه، اليوم، من تردّي اقتصادي وغضب اجتماعي وانسداد سياسي يترجمه عجز رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري عن تشكيل فريقه التنفيذي ليخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة، برئاسة دياب، والتي استقالت بعد 6 أيام من انفجار المرفأ في أوت الماضي.
الإخفاق في تشكيل حكومة جديدة، هو حلقة في سلسلة طويلة من المصاعب التي تخنق شعب لبنان الذي نراه يهزّ الشوارع ولا يقعدها غضبا وتنديدا بما أوصلته إليه الطبقة السياسية، من سوء تسيير وفشل في وضع سياسات اقتصادية تراهن على الإنتاج الفعلي وليس على الريع، إضافة إلى الفساد والنهب الذي أفرغ خزينة الدولة، والتهريب، خصوصاً الدولار والمواد الغذائية المدعومة إلى الخارج.
لبنان اليوم مكبّل بالأزمات، فبين كلّ أزمة هناك أزمة أخطر وأكبر، وقد وصلت الأوضاع في الأيام الأخيرة إلى مستوى غير مسبوق من التوتر بعد أن فقدت العملة اللبنانية 90 بالمائة من قيمتها، محطمة مستوى قياسيا للهبوط بلغ 15500 ليرة مقابل الدولار الواحد في السوق السوداء.
ومع هذا التراجع في قيمة العملة، انخفضت القوة الشرائية لدى معظم اللبنانيين، وبات أكثر من نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر.
كما أن هناك نقصا حادا في البنزين والأدوية ومنتجات رئيسية أخرى، ويستمر انقطاع الكهرباء معظم ساعات اليوم.
ومع الوضع الصّعب الذي يعيشه لبنان، يبقى السؤال المطروح، لماذا تحجم الدول العربية، كما الغربية عن مدّ يد المساعدة للشعب اللبناني حتى تنتشله من هذا الكابوس، وإذا كان هذا السلوك مدفوع برغبة جامحة في تحجيم حزب الله وإقصاء دوره المتعاظم، فهل يجب أن يدفع اللبنانيون مثل هذا الثمن الباهظ؟