طباعة هذه الصفحة

«ألفا» تسيطر و«دلتا» تدخل سباق الإصابات الجديدة

العطلـة والأعراس تهـدّدان استقــــرار الوضـع الوبــائـي

فتيحة كلواز

 تراخٍ واستهتار رغم مخاوف المختصين من موجة ثالثة

مع اقتراب انطلاق موسم الاصطياف وارتفاع درجة الحرارة، يراهن الجميع على اليقظة والالتزام التام بالإجراءات الوقائية لرفع تحدي المحافظة على استقرار الوضعية الوبائية، خاصة مع تعالي تحذيرات الأطباء والمختصين من موجة ثالثة ستكون مختلفة عن الأولى والثانية بسبب السلالات المتحورة، خاصة السلالة «ألفا» و»دلتا».

عكس ما عرفه موسم الاصطياف السنة الماضية، يعرف هذه السنة تخفيفا في التدابير الاحترازية، حيث أصبح البروتوكول الصحي يقتصر على أهم الإجراءات الوقائية فقط، كارتداء القناع الواقي والتباعد الجسدي أو الاجتماعي، لكن مع اتجاه منحنى الإصابات نحو الأعلى وظهور سلالات متحورة كـ «ألفا» (المتحوّر البريطاني) و»دلتا» (المتحوّر المكتشف في الهند)، يصبح موسم الاصطياف رهين الالتزام التام بالإجراءات الوقائية الموصى بها في البروتوكول الصحي المتعلق بالمركبات السياحية، الفنادق، فضاءات الترفيه والتسلية، الشواطئ ووسائل النقل.
يعتبر المختصون الصيف فصلا ملائما لاتساع رقعة انتشار العدوى وارتفاع عدد الإصابات، على اعتبار أن العائلات الجزائرية تفضله لتنظيم الحفلات والأعراس تزامنا مع العطلة السنوية، وهي مناسبات تكثر فيها التجمعات ما يجعلها بيئة مناسبة لنقل العدوى على ضوء التراخي والاستهتار في احترام الاجراءات الوقائية خاصة التباعد الاجتماعي.
ويذكر أن الموجة الأولى التي عرفتها الجزائر، السنة المنصرمة، تزامنت مع فصل الصيف، حيث سجلت ذروة تجاوزت 600 إصابة جديدة في 24 ساعة، رغم الحجر الصحي التام الذي تميز بتدابير احترازية مشددة وإجراءات وقائية صارمة، أشرفت السلطات المعنية على تطبيقها بقوة القانون، فكل متراخ أو مستهتر يعاقب بغرامة مالية أو حبس تصل مدته إلى 6 أشهر.
على عكس ذلك تماما، يعرف موسم الاصطياف هذه السنة حالة من اللامبالاة غير مبررة، جعلت الأطباء والمختصين، بالنظر إلى حالة اللامبالاة لدى المواطن الذي تخلى عن القناع الواقي والتباعد الاجتماعي، وتحول الفيروس إلى مجرد مرض عادي، يتخوفون من موجة ثالثة، ما يرهن استقرار الحالة الوبائية خاصة مع ظهور سلالات متحورة أهم خصائصها سرعة انتشارها ومقاومتها للأدوية.

الخطر القادم
في آخر أسبوع من شهر جوان ومع انطلاق موسم الاصطياف، كشف معهد باستور عن تسجيل 225 حالة إصابة بمختلف السلالات المتحورة لكوفيد-19، ليرتفع بذلك إجمالي الحالات المكتشفة لحد الآن إلى 749حالة، موضحا في بيان له أنه: «في إطار البحوث الجينية المتعلقة بمراقبة السلالات المتحورة التي يقوم بها على العينات التي ترِد إليه من مختلف الولايات، أحصى 749 حالة من السلالات المتحورة»، مشيرا إلى أنه تم اكتشاف 225 حالة شهر جوان فقط، أغلبها بالجزائر العاصمة.
وعن توزيع عدد الإصابات بالسلالة المتحورة «ألفا» و»دلتا» عبر الولايات، كشف معهد باستور أنه فيما يتعلق بسلالة «ألفا» تم تسجيل 71 حالة بولاية الجزائر، و39 حالة بوهران، 22 حالة بولاية ورقلة، 21 حالة بالبليدة، و9 حالات بالبويرة، 8 حالات بقسنطينة، 7 حالات ببجاية، 6 حالات بغليزان، 5 حالات ببرج بوعريريج، وأولاد جلال، 4 حالات بعين تموشنت، وعنابة، 3 حالات بتيبازة والجلفة.
كما سجلت أيضا 3 حالات بالمدية، النعامة، وحالتان بميلة، معسكر، وأم البواقي، وتيسمسيلت. فيما سجلت حالة واحدة بالأغواط. وعلاوة على ما سبق ذكره، رصد معهد باستور 3 حالات بالعاصمة للسلالة المتحورة «دلتا».
لذلك، كان الالتزام الصارم بالإجراءات الوقائية المنصوص عليها في البروتوكول الصحي كارتداء القناع الواقي، التباعد الجسدي والغسل المتكرر لليدين التي اعتبرها الضمان الوحيد للحد من انتشار السلالات المتحورة، وما عدا ذلك سيكون سببا مباشرا في مضاعفة عدد الإصابات بمختلف تحورات فيروس كورونا.
أظهرت السلالة المتحورة «دلتا» مقاومة للأدوية، ما يجعلها خارج السيطرة وهو ما يفسر الكارثة الصحية التي عاشتها وتعيشها الهند، لذلك كان رهان الأطباء والمختصين على وعي المواطن بالتحلي باليقظة تجاه انتشار عدوى هذه السلالة، خاصة في التجمعات كالأفراح والجنائز وكذا الشواطئ التي تعرف إقبالا كبيرا في الصيف، لمنع موجة ثالثة قد تكون تداعياتها كارثية على الوضعية الوبائية في الجزائر.

الحذر واليقظة لمنع أي انزلاق
قال الدكتور المختص في الصحة العمومية أمحمد كواش، في اتصال مع «الشعب»، إن الجزائر اليوم تعيش حالة ترقب بسبب ارتفاع عدد إصابات كوفيد-19، حيث تستقبل المستشفيات والمراكز العلاجية الجوارية والعيادات عددا كبيرا من المرضى لا ينتمون إلى فئة عمرية معينة من بينها شباب وعجزة.
ولاحظ المتحدث، أن الحالات التي يتم تشخيصها تعاني أغلب أعراض السلالة المتحورة، حيث تعاني الإسهال والسعال والإرهاق الشديد والتهاب الحلق في نفس الوقت. بينما كان الأطباء من قبل يسجلون أعراضا مثل السعال والشعور بإرهاق. وتساءل كواش إن كانت سلالة متحورة تجمع أغلب أعراض السلالات الأخرى، أم أنها سلالة جزائرية؟، بحسب ما صرح به بعض المختصين.
وأكد الطبيب المختص في الصحة العمومية، أن فصل الصيف وانتهاء فترة الامتحانات الرسمية، يجعل هذه الفترة ملائمة لتقارب الأسر والزيارات العائلية وإقامة الأفراح والمناسبات وكذا التنقل إلى شواطئ البحر ومع انطلاق موسم الاصطياف في الأول جويلية الداخل، وبالنظر إلى استهتار وتراخي المواطنين في الالتزام بالإجراءات الوقائية من تباعد اجتماعي، خاصة ارتداء القناع الواقي، ستكون كل الظروف مهيأة لانتقال عدوى كوفيد-19وسلالاته المتحورة بشكل أكبر وأسرع، ما يساهم في ارتفاع عدد الإصابات.
في ذات السياق، كشف كواش أن المختصين والأطباء متخوفون من موجة ثالثة لكوفيد-19، حيث لاحظ تسجيل حالات التهاب الحلق والجهاز التنفسي، بالإضافة إلى الالتهابات الرئوية بشكل كبير، مرجعا السبب إلى التقلبات الجوية المفاجئة، وكذا استعمال المكيفات الهوائية والمشروبات الباردة والمرطبات التي تعرف إقبالا كبيرا مع ارتفاع درجة حرارة فصل الصيف.
في هذا الإطار، رجحّ المتحدث انتشار العدوى بشكل أكبر في الأيام القادمة، بسبب ما يسجله الأطباء من حالات مرضية متعلقة بالتهاب الحلق أو الرئتين واعتبرها عاملا مهما في إضعاف مناعة الجسم وبالتالي عدم قدرته على مقاومة الفيروسات ما يؤدي إلى الإصابة بالكوفيد-19.
 أما فيما يتعلق بوجود سلالة متحورة محلية، قال كواش إن الكثير من الأطباء يستقبلون حالات مرضية أهم ما يميزها مقاومتها للأدوية، وعدم الاستجابة السريعة للدواء المستعمل في البروتوكول العلاجي لكوفيد-19، ما اعتبره دليلا واضحا على وجود سلالة متحورة محلية، لذلك دعا إلى ضرورة التحلي بالحذر واليقظة، بالابتعاد عن الاستهتار والتراخي، من خلال احترام الإجراءات الوقائية الموصى بها، خاصة التباعد الاجتماعي وارتداء القناع الواقي، على ضوء تأكيد المختصين والأطباء اقتراب الجزائر من موجة ثالثة سيزيدها وجود سلالات متحورة تعقيدا.
في نفس الوقت، أرجع الدكتور عدم استجابة المرضى للأدوية إلى ظاهرة التطبيب الذاتي أو التناول العشوائي للأدوية، حيث ساهم في منح الفيروس الفرصة للتحوّر، وأيضا الانتشار بشكل سريع جدا، لذلك كان الحذر في الفترة القادمة الفارق لإبعاد أي انزلاق في الوضعية الوبائية.