الفتح الجزئي للحدود لن يتسبّب في دخول السّلالات الجديدة
أكّد عضو اللّجنة العلمية المكلفة برصد ومتابعة وباء كورونا، الدكتور إلياس أخاموك، في حوار مع «الشعب»، أنّ التّراخي في الالتزام بالقواعد الوقائية سينتج عنه الدخول في موجة ثالثة من فيروس كورونا، واللجوء إلى تشديد إجراءات الحجر الصحي خاصة مع انتشار السلالات المتحورة الأكثر خطورة، قائلا إن تضافر جهود جميع الجزائريين سيسمح بالقضاء نهائيا على الوباء في آجال قريبة.
- الشعب: ما تقييمكم للوضع الوبائي؟ وهل تتوقّعون موجة ثالثة؟
عضو لجنة متابعة كورونا إلياس أخاموك: الحالة الوبائية على المستوى الوطني مريحة ومستقرّة نوعا ما مقارنة بالدول المجاورة التي تعيش وضعا صحيا كارثيا، بسبب زيادة حالات الإصابة لديهم وعدد الوفيات، وبالرغم من تسجيل ارتفاع في الإصابات اليومية بفيروس كورونا في الجزائر خاصة في الثلاثة أسابيع الأخيرة، فإن الوضع متحكم فيه وغير مقلق إلى حد الآن بفضل الإجراءات الاحترازية التي اتّخذت، خاصة ما تعلق بغلق الحدود الجوية والبرية لعدة أشهر، وهو ما ساعد على تحقيق هذه النتائج الايجابية ومنع دخول عدة حالات من السلالات الجديدة التي تتميز بسرعة انتشارها.
وبخصوص إمكانية الدخول في موجة ثالثة من الفيروس، أكيد يبقى الأمر واردا ومرتبطا بمدى احترام قواعد الوقاية لأنّ الاستهتار والتهاون في ارتداء الأقنعة الواقية وتطبيق التباعد الاجتماعي سيؤدي إلى تدهور الوضع الوبائي، وتسجيل ارتفاع أكبر في عدد الإصابات بالفيروس المتحور، الذي يصعب السيطرة على انتشاره الواسع بين المواطنين، وبما أن موسم الاصطياف على الأبواب ينصح بتفادي التجمعات الكثيرة على مستوى الشواطئ وفضاءات التسلية للتقليل من مخاطر التقاط عدوى الفيروس، خاصة بالنسبة للفئات الأكثر عرضة لمضاعفاته.
- هل يمكن أن يتسبّب الفتح الجزئي للحدود في دخول سلالات جديدة؟
فتح المجال الجوي بعد أكثر من سنة من إجراءات الغلق في إطار تجنب تفشي فيروس كورونا، لن يتسبّب في ارتفاع عدد الإصابات ودخول سلالات جديدة نظرا للبروتوكول الوقائي الصارم المطبق على المسافرين الراغبين في الدخول إلى الوطن، لاسيما ما تعلق بإجبارية تطبيق الحجر الصحي لمدة 5 أيام، والذي قوبل بالرفض من قبل الكثير من المغتربين، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين ظهرت نتائج التحاليل لديهم سلبية وخالية تماما من الفيروس، وآخرون خضعوا للتلقيح ضد فيروس كورونا، ولكن قرار اللجنة العلمية بوضعهم في الحجر ليس عشوائيا، وإنما يستند إلى معطيات دقيقة كون بعض المسافرين الذين كانت نتائج فحوصاتهم سلبية تبين بعد أيام قليلة أنهم حاملين للفيروس.
كما أنّ البروتوكول الصحي المعتمد من قبل الجزائر لا يعد الأكثر صرامة في العالم، وإنما بعض الدول تخضع المسافرين إلى إجراءات احترازية حازمة تهدف إلى احتواء الوباء، والحد من انتشاره على غرار الشقيقة تونس التي تفرض عزل مدته 7 أيام والصين بـ 14 يوما، علما أنّه لا يمكننا أن نمنع دخول أية حالة بالفيروس المتحوّر، ولكن العمل ينحصر عند السعي للتحكم إلى أقصى حد في خطورة الحالة الوبائية، إذ يجب علينا أن نتعايش مع فيروس كورونا بذكاء، بأخذ جميع الاحتياطات والالتزام بالقواعد الاحترازية لضمان عدم العودة إلى نقطة الصفر بعد مجهودات جبّارة بذلت من قبل السلطات العليا واللجنة العلمية لرصد ومتابعة الوضع الوبائي ومختلف الهيئات الوطنية والمحلية من أجل التقليل من عدد الإصابات المسجلة والوفيات.
- ما مدى مساهمة التّلقيح خارج الهياكل الصحية في تسريع وتيرة الحملة؟
انطلاق حملة التلقيح المضادة لفيروس كورونا في الفضاءات الجوارية في الجزائر العاصمة وخارجها تعتبر خطوة هامة من أجل تحسيس وتشجيع أكبر عدد من المواطنين على أخذ اللقاح، خاصة بالنسبة لكبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة المعرضين بصفة أكبر للإصابة بمضاعفات الفيروس، وليس لديهم أي بديل يحميهم من مخاطره، إلا اللقاح الذي يقدّم فعالية ضد الحالات الصعبة بنسبة 100 بالمائة وقد لقيت هذه المبادرة استحسان المواطنين، والدليل على ذلك الإقبال الواسع على هذه الساحات العمومية التي خصصت للتلقيح حتى دون أخذ موعد في إطار تسهيل العملية وتعزيز نقاط التلقيح.
صحيح أنّ الحملة كانت تسير بوتيرة بطيئة خلال شهر رمضان، ولكن يرتقب أن تتحسّن تدريجيا بعد جلب كميات أكبر من جرعات اللقاح في أواخر جوان مع تكثيف عمل الفضاءات الجوارية الإضافية والمراكز الصحية لحث جميع المواطنين على أخذ اللقاح، علما أنّ تسريع وتيرة التلقيح مع الاستمرار في الالتزام بتطبيق البروتوكول الصحي بالشكل الصحيح والصارم مع تضافر جهود الجميع، هو الأمر الذي سيساهم في القضاء على وباء كورونا في آجال قريبة بعد تحقيق مناعة جماعية بتلقيح 70 بالمائة من السكان.
- هل ستساعد الفضاءات الجوارية على تجاوز مخاوف المواطن من الآثار الجانبية للقاح؟
نعم، ستساهم الفضاءات الجوارية الإضافية في الحد من مخاوف عدد كبير من المواطنين من إمكانية ظهور آثار جانبية بعد التلقيح من خلال الاحتكاك المباشر مع ممارسي الصحة والإجابة عن مختلف استفساراتهم حول فعالية وأمن اللقاحات، ومشاهدة الإقبال على أخذها على مستوى المساحات العمومية، ما يسمح بطمأنتهم بمدى سلامة اللقاحات المتاحة، علما أنه إلى حد الآن لم تسجل الجزائر أية حالة خطيرة مرتبطة بالأعراض الجانبية.
ولا يمكن أن ننسى أن الجزائر لديها خبرة تعود لسنوات ماضية في مجال التلقيح، حيث تمكّنت من القضاء على شلل الأطفال وداء الحصبة «بوحمرون» بأبسط الإمكانات من خلال التلقيح الجماعي للأطفال، ما يجعلها قادرة بفضل كفاءاتها من الأطباء والممرضين على تجاوز هذه المرحلة الصعبة بنجاح بتسخير جميع الوسائل اللازمة.