ووري الثرى، بعد ظهر أمس، بمقبرة بوزوران بمدينة باتنة جثمان المجاهد عمار قرفي المدعو حميد في جو مهيب بحضور عائلته وعدد من رفقائه وممثلين عن الأسرة الثورية وكذا مثقفين وإطارات ومواطنين. وكان المرحوم قد انتقل إلى رحمة الله، بعد ظهر الجمعة بمدينة باتتة، عن عمر ناهز 86 سنة بمسكنه العائلي.
وزير المجاهدين يعزي
بعث وزير المجاهدين وذوي الحقوق، الطيب زيتوني، أمس، برسالة تعزية إلى عائلة المجاهد قرفي عمار المدعو «حميد». وجاء في رسالة التعزية: «ببالغ الحزن والأسى وبقلوب راضية بقضاء الله وقدره، تلقى وزير المجاهدين وذوي الحقوق، الطيب زيتوني، نبأ انتقال المجاهد الفقيد بعد عمر حافل بالعطاء استوفى للوطن حقه حين أدى واجب التحرير وحين أدى واجب بناء الجزائر المستقلة وتشييد صرحها».
المرحوم من مواليد 8 أكتوبر 1935 بباتنة، من عائلة محافظة متشبعة بالروح الوطنية، حيث كان والده من رجالات جمعية العلماء المسلمين، فأدخله في سن الخامسة الكتاب لحفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ اللغة العربية على يد مشايخ المنطقة، قبل أن ينتقل إلى المدارس الفرنسية.
وفي سن السابعة عشر، انتقل إلى قسنطينة لمزاولة الدراسة بمعهد ابن باديس وذلك سنة 1952 ولم يمكث بالمعهد سوى سنة واحدة لينتقل بعدها إلى فرنسا لكسب لقمة العيش، في ظل سياسة البطش الاستعماري ليعود ثانية إلى مسقط رأسه أين استقر بعد فتح محل تجاري.
ومع اندلاع الثورة التحريرية المظفرة، التحق الفقيد بالعمل الفدائي بباتنة، وذلك مباشرة بعد هجومات الشمال القسنطيني في 20 أوت 1955، حيث كوّن مجموعات بدأت في شنّ هجومات على مراكز العدو بأحياء باتنة كحي «السطا» و»الزمالة»، كما استغل المرحوم قرفي عمار محله التجاري كمخبأ للفدائيين وللأسلحة وواصل على هذا المنوال إلى غاية إضراب الثمانية أيام.
وغداة الاستقلال، واصل الفقيد جهاد البناء والتشييد، مخلصا لوطنه مقدما للأجيال أروع الصور في حب الوطن والتفاني في خدمته، حيث أسس مكتبة صغيرة «دار الهضبة» لتتوسع بعدها لدار للطباعة والنشر «دار الشهاب» التي ساهمت في طبع وإعادة طبع ونشر وتوزيع آلاف الكتب والمجلات، بما في ذلك إصدارات عن رموز وأحداث الثورة التحريرية.
وأمام هذا المصاب الجلل، يتوجه وزير المجاهدين إلى أسرة الفقيد وإلى رفاقه في الجهاد بـ»أصدق التعازي وأخلص المواساة، سائلا المولى جلت قدرته أن يتغمد روح الفقيد بواسع الرحمة والرضوان ويسكنه فراديس الجنان مع عباده الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وأن يلهم أهله وذويه جميل الصبر ووافر السلوان».