أحيت ولاية تيسمسيلت مؤخرا، الذكرى الـ 63 لمعركة «باب البكوش» التاريخية ببلدية لرجام، بحضور جمع من المجاهدين والمواطنين.
تميّزت مراسيم إحياء هذه الذكرى بمقبرة الشهداء «باب البكوش» ببلدية لرجام حيث يرقد 1.242 شهيدا من مختلف مناطق الوطن، برفع العلم الوطني والاستماع إلى النشيد الوطني ووضع إكليل من الزهور على النصب التذكاري وقراءة فاتحة الكتاب ترحما على أرواح الشهداء إلى جانب تكريم عدد من مجاهدي ولايات تيسمسيلت وتيارت والمدية وغليزان والبليدة.
وبالمناسبة، أبرز المجاهد سليمان الغول الذي كان أحد مسؤولي الكتيبة «الكريمية» بالمنطقة الثالثة للولاية الرابعة التاريخية، الذين شاركوا في هذه المعركة، بأن «معركة باب البكوش كانت السبب الرئيسي لدفع قوات الجيش الاستعماري الفرنسي في التراجع بالمناطق التي كانت متمركزة بها بمنطقة الونشريس منها باب البكوش وسيدي رابح وعين بعلاش والهطايل».
وأشار بأن «الكتيبة الكريمية التي كان يقودها الشهيد سي اعمر مصباح، تمكنت من إلحاق الهزيمة بقوات الاستعمار الفرنسي التي كانت مدعمة بترسانة كبيرة من الأسلحة الثقيلة، إضافة إلى طائرات مقاتلة ومقنبلة وطائرات هيليكوبتر مما سمح بفك الحصار الذي كان مفروضا على مراكز جيش التحرير الوطني على مستوى المنطقة الثالثة للولاية الرابعة التاريخية (منطقة الونشريس)».
ودعا نفس المجاهد مختلف الهيئات التي تعنى بتاريخ ثورة التحرير المجيدة إلى ضرورة إعطاء أهمية كبيرة لهذه المعركة التاريخية من خلال العمل على توثيقها سمعيا وبصريا وعن طريق وسائل الإعلام المختلفة.
للتذكير، فإنّ من أسباب اندلاع هذه المعركة التاريخية هو قيام عدة فيالق من قوات الجيش الاستعماري والمقدر عددها آنذاك بحوالي 8 آلاف جندي، أغلبهم من المظليين، تعززهم الطائرات المقاتلة والعمودية متجهة نحو منطقة «باب البكوش» المعروفة بتضاريسها الوعرة، للقيام بعملية تمشيط ومسح للمنطقة التي كانت مركز عبور وتدريب لجيش التحرير الوطني.
وقام الجيش الفرنسي خلال عملية التمشيط بمحاصرة المنطقة، يوم 28 ماي من سنة 1958، مستعملا طائرات من نوع «الجاقوار» وطائرات الاستكشاف والطائرات السريعة المقنبلة وطائرات الهليكوبتر والتي كانت تقلع من المراكز الاستراتيجية القريبة والبعيدة على غرار منطقة شلف.
ونتيجة لهذا الحصار المضروب على المنطقة فإن الكتيبة «الكريمية» للولاية الرابعة التاريخية، التي شاركت في هذه المعركة بقيادة المجاهد سي اعمر مصباح، قامت بوضع خطة محكمة لتشتيت قوات الجيش الفرنسي وذلك بضرب عدة مراكز للمستعمر ببرج بونعامة وبعلاش وسيدي عابد ولرجام وكذا مركز تملاحت، بغية فك الحصار عن الجهة، مما أرغم القوات الاستعمارية على الانهزام والانسحاب من المعركة.
وتكبد الجيش الفرنسي خلال هذه المعركة خسائر كبيرة في صفوفه بلغت 600 قتيل من بينهم 33 ضابطا إضافة إلى إسقاط طائرتين من نوع «جاغوار» بينما سقط في ميدان الشرف في صفوف جيش التحرير الوطني 360 شهيد من الفصائل المتواجدة بمنطقة «باب البكوش»، على رأسهم قائد الكتيبة «الكريمية» الشهيد سي أعمر واستشهاد 240 من المدنيين أغلبهم من الشيوخ والأطفال والنساء.