تتميز تشريعيات 12 جوان المقبل بترشح فئة النخبة التي اختارت خوض غمار هذا المعترك لدواعي شتى منها السعي للرفع من الأداء البرلماني وتجاوز مرحلة العزوف السياسي التي دام لعشرات السنين، بحسب ما أوضحه لوكالة الأنباء الجزائرية أساتذة جامعيون.
على خلاف التشريعيات السابقة، سجل ترشح عدد معتبر من الإطارات في مختلف الميادين سواء تعلق الأمر بالمترشحين ضمن القوائم الحرة، والبالغ عددها 837 قائمة مستقلة قائمة، أوالمترشحين ضمن الأحزاب السياسية التي أكدت من خلال ندواتها الصحفية على وجود أزيد من 70 بالمائة من مجموع مترشحيها من ذوي المستوى الجامعي، وهوما يعد «سابقة في تاريخ التشريعيات التي شهدتها الجزائر»، بحسب تحليلات المتتبعين للشأن السياسي.
وأوضحت أستاذة العلوم السياسية ارجيلوس نسرين أن «ترشح النخبة في التشريعيات المقبلة سيفرز غرفة سفلى للبرلمان تضم نوابا شباب خريجي الجامعة الجزائرية»، وهوما يعتبر»عودة قوّية لمشاركة النخبة في الحياة السياسية بعد عزوف سياسي طال أمده».
وبعد أن وصفت مشاركة النخبة في هذا الموعد الانتخابي بـ «خطوة ايجابية من شأنها الرفع من مستوى الأداء البرلمان الذي يعد حلقة محورية في العملية الديمقراطية، شددت على ضرورة «توفير بيئة مناسبة لتمكين هذه النخبة - في حالة فوزها- من أداء مهامها النيابية على أكمل وجه بعيدا عن كل الممارسات السابقة».
بدورها، ترى قركاني فتيحة، أستاذة العلاقات الدولية، ترشح أساتذة جامعيين وإعلاميين وكذا إطارات من مختلف الميادين في تشريعيات مايو، بمثابة «فرصة لإحداث التغيير المنشود خاصة على مستوى البرلمان، الذي طالما انتقد بسبب ضعف الأداء خاصة ما تعلق بالرقابة على العمل الحكومي».
وتابعت تقول «نأمل في أن تقود نخبة شابة هذا التغيير وتساهم في بناء مؤسسات منتخبة تعكس الإرادة الفعلية لخيار المواطنين الذين يطمحون إلى تغيير الذهنيات والممارسات أكثر من تغيير الأشخاص تجسيدا لمبدأ دولة المؤسسات».
وبالمقابل، أكدت ذات المتحدثة أن الامتيازات القانونية التي يتمتع بها نواب الشعب «تعد هي الأخرى من المحفزات على الترشح سواء تعلق بالنخبة أوغيرها، خاصة ما تعلق بالمحفزات المادية.
أما أستاذ الإعلام والاتصال لعيد زغلامي، فيرى أنه من الصعوبة «التكهن بالتركيبة البشرية لنواب الشعب التي ستفرزها التشريعيات القادمة بالرغم من ترشح عدد معتبر من النخبة، وذلك بالنظر إلى العوامل المؤثرة في السلوك الانتخابي للمواطن الجزائري».
وأوضح أن عامل المستوى العلمي قد يستميل الناخبين على مستوى المدن الكبرى، لكن بالمناطق الداخلية والمدن الصغيرة فإن محددات أخرى تؤثر على سلوك الناخبين، منها «العشائرية أوالولاء القبلي».
وبالموازاة مع ذلك، أكد زغلامي ضرورة الإشراك الفعلي للنخبة الشابة في تسيير الشأن العام، من خلال توفير الظروف والبيئة المناسبة لتجسيد طموحات الشباب باعتبارهم خزان الأمة الذي سيتولى مهمة النهوض بالجزائر.
من جهته، قال أستاذ اللّغة العربية، أحمد سايح، إن قانون الانتخابات الجديد شجع الفئات الشابة والنخب السياسية الجديدة على المشاركة في الحياة السياسية»، مرجعا ذلك إلى «جملة الضمانات وطريقة التصويت الحديثة التي تعتمد على الاقتراع النسبي ومبدأ المناصفة، إلى جانب المحافظة على المال بعيدا عن أي تأثير على الاختيار الحر للناخبين».
وبعد أن أشار ذات المتحدث إلى صعوبة «الجزم» في الوصول إلى تشكيل أغلبية في البرلمان القادم من الجامعيين، أعرب عن أمله في «تقنين» شرط المستوى الجامعي للمشاركة في التشريعيات.