طباعة هذه الصفحة

فلاّحون يقتحمون التّـصدير

وادي سوف..نهضة زراعيّـة في قلب الصّـحـراء

ريبورتاج: سفيان حشيفة

 ولاية الوادي الأولى وطنيا في إنتاج البطاطا بـ 12 مليون قنطار

 الصّـدارة في إنتاج الفـــول السّــوداني بـ 124 ألف قنطـار

 5 . 2  مليون دولار صــادرات نحو ماليزيـا في 2020

صنع فلاّحو ولاية وادي سوف خلال العقد الأخير ثورة زراعية حقيقية بوّأتهم المراتب الأولى وطنيا في إنتاج العديد من المحاصيل الزّراعية المختلفة لاسيما الحقلية المبكّرة.وادي سوف تحوّلت في ظرف قصير من ولاية مستوردة ومستهلكة للحبوب والخضر، إلى قطب زراعي مموّن لكل ولايات الوطن، ومصدّرة لأفضل وأجود المنتجات إلى الإتحاد الأوروبي، دول الخليج العربي وجنوب شرق آسيا، في ملحمة إبداع صنعتها أيادي مزارعين وفلاّحين تحدّوا قساوة الطّبيعة والطّقس، وصحاري صعبة التّرويض، فحوّلوها إلى جنّة خضراء، فيها كل ما لذّ وطاب ممّا تنبته الأرض وتزهره.

وقد أصبحت هذه الولاية، اليوم، تتصدّر إنتاج محاصيل عديدة على غرار البطاطس، الفول السوداني «الكوكاو»، التبغ والثوم، إضافة إلى إنتاج معتبر جدّا من التّمور، الزيتون، الطّماطم الحقلية، البصل، الجزر، الخس، الخيار، الفلفل، اليقطين، الفراولة، البطيخ بنوعيه الأحمر والأصفر وغيرها من المنتجات واسعة الاستهلاك، وذلك كان بفضل الإرادة التي تحلّى بها الفلاحون في مجابهة الصّعاب والعراقيل المرتبطة باستصلاح الأراضي الرملية، وطبيعة المناخ القاسي شتاءً وصيفاً.

تـحكـّم في التّـكنولوجيا والتّـقنيات الحديثة

وفّرت التّكنولوجيا والتّقنيات الحديثة المستخدمة في الري والتّسميد في مختلف المجالات، الوقت والجهد على المزارعين، وأسهمت في تطوير الزّراعات المحلية الصّحراوية كمّاً ونوعاً، حيث تحكّم المنتجون المحليّون في هذه التّقنيات التي أعطت أفضل ما يمكن إنتاجه من المحاصيل.
استخدم المزارعون في الوادي حسبما استطلع، وسائل ري وسقي محلية الابتكار تعتبر من أبزر ما أسهم في نجاحهم وولوجهم عالم الإنتاج الفلاحي والإبداع فيه، منها محور الرش الدائري واحد هكتار، المخصّص لإنتاج محاصيل البطاطس، الثوم، البصل والفول السوداني، المصنوع من قطع غيار حديدية وكهربائية محلية غير مكلّفة، وبنسق دقيق ملائم لمقاومة شدّة الرياح التي تميّز الطّبيعة الصّحراوية في فصلي الخريف والرّبيع.
محور الرش المحلي أصبح ملائما لنجاح عديد الزّراعات المستحدثة التي أنهك استيرادها الخزينة العمومية على مدار العقود الماضية، على غرار «السّلجم الزيتي» الذي حقّق منذ أيام نجاحًا في أول تجاربه في الوادي، وهو محصول يتوفّر على مزايا نوعية في مقدّمتها صناعة الزّيوت الغذائية.

السّـقي بالتّـقطير..يقدّم أفضل النّـتائج

إضافة إلى تقنية الرش المحوري المحلية التي استخدمها فلاّحو الوادي، أعطت تقنية السّقي بالتّقطير دفعة جديدة لإنتاج عدد من المحاصيل الحقلية والمحمية، على غرار محصولي الطماطم والبطيخ بنوعيه الأحمر والأصفر، اللّذين لا يتلاءم سقيهما مع تقنية الرش، كما تعتبر هذه التّقنية أقل تكلفة واستهلاكا للماء، وأنجع الطّرق في ترشيد التسميد، التي تمكّن من وصول العناصر الغذائية الصّغرى والكبرى مباشرة لجذور النبات، وهو ما يعطي إنتاجا أفضلا، نوعاً وكمّاً.
تقنية السّقي بالتّقطير في بعض الأحيان لا تكون بالأثر الإيجابي المرغوب بالنّسبة للمناطق والمحيطات الفلاحية التي تحتوي على مياه جوفية مالحة في الولاية، حيث يترسّب الملح المتواجد بنسب عالية في تلك المياه في مسام أشرطة السقي البلاستيكية ويتسبّب في غلقها، ما يحول دون وصول قطرات الماء إلى النبات.

إسبان وهولنديّـون ينبهرون

عرفت الولاية خلال السّنوات العشر الأخيرة إقبالا كبيرا من المستثمرين الأجانب، وخبراء مختصّين في المجال الزّراعي، ومتعاملين اقتصاديّين بغرض الاطّلاع على التجربة المحلية الصّحراوية، وبحث آفاق استيراد عدد من المنتجات كالتمور والخضروات إلى بلدانهم.
ومن بين هؤلاء المستثمرين والوافدين لولاية الألف قبة وقبة متعاملين من إسبانيا، هولندا، إيطاليا ودول خليجية، أبدوا إعجابهم بما تنتجه الرّمال الذّهبية، إضافة لفعاليات ومبادرات علمية دولية نوعية في المجال الفلاحي احتضنتها الولاية على مدار السّنوات الماضية، عكست بالفعل نجاح التجربة المحلية وريادتها، ونيّة صادقة لدى السلطات العليا في البلاد للنّهوض بالقطاع الزّراعي وتطويره.
كما نظّمت الولاية صالونات وملتقيات وطنية ودولية عديدة شارك فيها أجانب وعرب، متعلّقة بالتصدير والتعريف بالمؤهّلات والمنتجات الزّراعية المحلية، أسهمت في إبراز القدرات المحلية من حيث الجودة والنّوعية، خاصة المحاصيل التي تتخصّص الولاية في إنتاجها.
وقد عرّفت هذه المبادرات الدولية المنظّمة سنوياً في الوادي  بالمحاصيل الزّراعية، وساهمت في تبادل الخِبرات بين الفلاحين والمستثمرين والمتعاملين المحليّين والدوليين، ما عزّز من عوامل النّجاح في التجربة المحلية الزراعية الرائدة التي نشهدها اليوم في هذه الولاية.

الإنتاج الزّراعي لتحقيق اقتصاد متنوّع

بالرّغم من الأزمة الإقتصادية التي ألـمّـت بالبلاد، وكل دول العالم بسبب جائحة كورونا، وانهيار أسعار البترول، إلاّ أن الدولة الجزائرية لم تدّخر أي جهد في دعم الإنتاج الزّراعي لتحقيق اقتصاد وطني متنوّع، وتوفير مختلف الحاجيات الغذائية الضرورية، وواصلت عبر البرامج المسطّرة وصناديق الدعم الوطنية المختلفة، تقديم الدّعم والمساعدة المتواصلة للفلاحين في الوادي وباقي ولايات الوطن، ومرافقتهم لتحقيق أقصى مردودية إنتاجية، ترتّب عنها توفير اكتفاء في المنتجات الزّراعية في أغلب المحاصيل، بل سُجّلت وفرة وفائض في عدد منها، خلال الموسمين الفلاحيين الفارط والحالي 2019 - 2020 و2020 - 2021.


51 ألف هكتار قيد الاستغلال

تقدّر المساحة المستغلّة في الإنتاج الزّراعي بولاية الوادي بحوالي 51 ألف هكتار، جعلت منها قطبا فلاحيا صحراويا رائدا في إنتاج عديد المحاصيل الزّراعية، حسبما أفاد به الأمين العام للغرفة الفلاحية بالولاية، المهندس أحمد عاشور، في تصريح لمجلة «الشعب الاقتصادي».
وتشمل المساحة المستغلّة إنتاج محاصيل البطاطس، الطماطم، الفول السوداني، الثوم، البصل والحبوب وغيرها من الخضروات، إضافة إلى البيوت البلاستيكية المحمية.
الغرفة الفلاحية بالوادي، حسب عاشور، تقدّم مرافقة ودعم دائمين للفلاحين في الميدان، من خلال اللّقاءات الجوارية والتّوجيهات والنّصائح والأيام التكوينية والإرشادية، المتعلقة باستعمال المبيدات والأسمدة، والمسارات التقنية للمزروعات خاصة للبطاطس، الفول السوداني، الثوم والطماطم وغيرها، ممّا أعطى الثّقة لدى الفلاح، وإتقانه كل هذه التقنيات والنجاح فيها، جعلته يفكّر بتوسعة رقعة الإنتاج والمساحات الزراعية.
كما قامت الغرفة الفلاحية، حسب أمينها العام، بعقد شراكة واتّفاقية مع جامعة الشهيد «حمة لخضر» في إطار إنجاز بحوث جديدة وتجارب، ستعرض على الفلاح لتوسعة المساحات وكسب مردود إيجابي في المزروعات.

الأولى في البطاطس والفول السّـوداني

احتلّت ولاية الوادي، حسب الأمين العام للغرفة الفلاحية، أحمد عاشور، خلال الموسم الفلاحي الفارط، الصّدارة وطنيا في إنتاج البطاطس بـ 12 مليون قنطار، تمّ إنتاجها في مساحة مستغلّة قرابة 37 ألف هكتار.
حقّقت الولاية، حسب المسؤول، الصّدارة أيضاً في إنتاج محصول الفول السوداني استغلّ مساحة 4000 هكتار، بمعدل إنتاج حوالي 124 ألف قنطار، حيث عرف هذا المنتوج رواجا وإقبالا من الفلاحين لزيادة الاستثمار فيه نظرا للمردود الإيجابي المادي، أو زراعته من أجل الدورة الزراعية، وتخصيب التربة لتكون مناسبة للزراعات الأخرى.
كما تحتل الولاية المرتبة الثانية بعد ولاية ميلة في إنتاج محصول الثوم على مساحة مزروعة تقدّر بـ 1800 هكتار، بمعدّل إنتاج حوالي 284 ألف قنطار.
وبالنسبة للطماطم المستغلّة في مساحة قدرها حوالي 3500 هكتار، فتنتج الولاية منها 2.4 مليون قنطار، بمعدّل 600 إلى 800 قنطار في الهكتار الواحد. أمّا محصول البصل فتقدّر مساحته المزروعة بحوالي 1200 هكتار، بمعدّل إنتاج 600 قنطار للهكتار الواحد.
في مجال التمور، وبعد التقّسيم الإداري الجديد بترقية ولاية المغير إلى ولاية جديدة، أصبحت الوادي، حسب عاشور، تُحصي حوالي 1.5 مليون نخلة، بإنتاج حوالي واحد مليون قنطار تشمل مختلف الأصناف من التمور في مقدمتها دقلة نور، ثم الغرس والدقلة البيضاء.
التّـصدير يدرّ عملة صعبة
أصبحت المنتجات الفلاحية بالوادي، خلال السّنوات الأخيرة، تلقى رواجا وقبولا في عدّة دول من جنوب شرق آسيا، الخليج العربي والاتحاد الأوروبي، خاصة ما تعلّق بمحصولي التمور والبطاطس، حسبما أكّده مدير المؤسسة العمومية «المتوسّطية للتّبريد والتّوضيب» بالولاية، فريد صحراوي، لمجلة «الشعب الاقتصادي».
وحقّقت المؤسّسة، حسب صحراوي، رقم 2.5 مليون دولار خلال سنة 2020، كصادرات نحو دولة ماليزيا، وينتظر أن تنتعش عمليات التّصدير بعد مرور فترة «كوفيد-19».
وقد قامت المؤسّسة بداية سنة 2021 بتصدير شحنة من منتوج البطاطس نحو دولة إسبانيا قدّرت بـ 26 طنا، لصالح متعامل خاص.
صحراوي قال إنّ «المتوسّطية للتّبريد» عملها قائم على ربط العلاقات بين الفلاح والمصدّر، والقيام بتحضير المنتوج معهما، كما تقدّم خدمات للفلاحين، متعلّقة بالتّوضيب والتّعليب والتّخزين بأسعار مدعّمة تصل إلى 50 بالمائة، بهدف تسهيل العملية الفلاحية ورفع الإنتاج.
نجاحات استراتيجيّـة
عرفت ولاية الوادي في السّنوات الأخيرة نجاح عدّة زراعات منها ما هو إستراتيجي، وشروع الفلاحين في إنتاجها، على غرار محاصيل «التريتكال، القندس والسلجم الزيتي»، حيث توقّع خبراء قرب نهاية عبء استيرادها، إذا ما تمّ تشجيع الفلاحين لخوض غمار إنتاجها، ومواصلة مرافقتهم وإرشادهم خلال كل مراحل الإنتاج والتسويق.
تجارب الزّراعات الإستراتيجية في ولاية الوادي وباقي ولايات الوطن، تأتي ضمن الرّؤية الجديدة للسّلطات العليا للنّهوض بهذا النوع من الزراعة وتطويرها، خاصة تلك التي يؤدّي استيراد منتجاتها نزيفاً في العملة الصّعبة.

انتعاش فلاحيّ في زمن كورونا بالرّغم من الانتك القطاعات الحيوية


المنتجة داخل وخارج البلاد، إلا أنّ فلاحي ولاية الوادي صنعوا الاستثناء خلال أزمة وباء «كوفيد-19» منذ مطلع سنة 2020، حيث برهن هؤلاء بسواعدهم على مدى الرهان الذي جوبهوا به، بإغراق الولايات بإنتاج زراعي غزير زاد عن الطّلب الوطني بأضعاف في عدد من المحاصيل على غرار محصولي الطماطم والفول السوداني، اللذين عرفا انخفاضا محسوسا في سعرهما في فترات حصادهما.
«عمار - ق»، فلاح ينشط في أحد المحيطات الزّراعية ببلدية المقرن، قال في تصريح لمجلة «الشعب الاقتصادي»، إنّ أزمة وباء كورونا وتداعياتها على حركة النقل وتطبيق الحجر الجزئي على مدار أشهر، زادتهم إصرارا وتحديا على خدمة الأرض، لتوفير مختلف المحاصيل في موسمها، منوّها أنّ المساحات الزّراعية في عدد من أصناف الخضر زادت وتوسّعت، عكس ما كان يتوقّع البعض بانخفاضها جرّاء الأزمة.
صمود قطاع الفلاحة بالولاية في وجه أزمة كورونا وتداعياتها، علّله الفلاح «عمار»، بالقدرات والخبرات التي يمتلكها المنتجون المحليّون، الذين باتوا مستعدّين لكل الأزمات، ما عدا أزمة تسويق المنتوج أثناء الوفرة والفائض، المترتّب عنهما انهيار الأسعار، قد يكون مفلسا في بعض الأحيان.
ميكانيزمات كفيلة بتسويق ناجع
في ذات السياق، دعا خبراء زراعيّون إلى ضرورة وضع ميكانيزمات جديدة كفيلة بتحقيق تسويق ناجع للمحاصيل الزّراعية، التي باتت تسجّل فائضا في ولاية الوادي وباقي ولايات الوطن، من خلال إنشاء آليات جديدة تحول دون كساد المنتجات وخسارة الفلاحين، كفتح أسواق وطنية جديدة تتضمّن منظومة شاملة للتّخزين والتأمين، اقتحام الأسواق الدولية بالتّصدير وتشجيع المتعاملين الاقتصاديّين على ولوج هذا المجال المدر للعملة الصّعبة.
فوضعية قطاع الفلاحة، طيلة الثلاث السنوات الماضية، شابهها اختلال في منظومة التسويق، واضطراب حاد في العرض والطّلب، بين انخفاض مفلس حينا وارتفاع ملتهب في الأسعار حينا آخر، ما يتطلّب من وزارة الفلاحة وكل القطاعات المركزية المعنية إعادة النظر في وضعية تسييره الحالية، بإدراج آليات ناجعة تضمن حماية الفلاح والمستهلك معاً، وضبط عملية الإنتاج لتكون منظّمة ومهيكلة، ومرفقة بآليات تخزين وتصدير وتوجيه جاد للمحصول الوطني يضمن عدم الارتفاع الجنوني لأسعار المنتجات الزراعية، أو انخفاض مفلس لها، غالباً ما يعود بالضّرر الفادح على المنتج والقطاع برمّته.
وحسب الفلاح «مسعود - خ»، فإنّ الارتفاع المستمر في أسعار الأدوية الزّراعية والمبيدات الكيميائية والبذور المستوردة من الخارج، أصبح غير مبرّر، في ظل عدم وجود بديل لمواكبة مسار عملية الإنتاج من بداية البذر والغرس، إلى مرحلة الحصاد، مشيرا إلى أنّ هذه الوضعية تسبّبت في ارتفاع تكاليف إنتاج عدد من المحاصيل، وعدم القدرة على تسديد المصاريف المترتّبة عن ذلك في حال كانت أسعار المنتج المحصود منخفضة في الأسواق.
تتطلّب هذه الوضعية، حسب المتحدّث، تدخّلا مباشرا وجدّيا من الدولة لمراقبة أسعار المواد المستوردة التي تستعمل في الإنتاج الزّراعي، وضمان وصولها للفلاح بأسعارها الحقيقية من مصنعها في الخارج، مع ضرورة الشّروع في برنامج إنتاج وتصنيع محلي لتلك المواد في الأمد القريب.
السّـوق الإفريقيّـة
تعتبر السّوق الإفريقية من الوجهات العالمية التّصديرية الجديدة لطرح وتسويق المنتجات الغذائية والزّراعية، بسبب النّزاعات وعدم الاستقرار المسجّل على مستوى عدد من دولها، التي خضعت للرّكود الاقتصادي الداخلي، وتحوّلها إلى سوق استهلاك باحث عن التّموين الخارجي، على غرار ما حدث ولا يزال يحدث في دولة ليبيا الجارة من توتّرات وحروب داخلية، أجبرت متعامليها الاقتصاديّين والتجاريّين على تقديم طلبيات استيراد لمحصول البطاطس من ولاية الوادي عبر دولة تونس، على مدار عدّة مواسم فلاحية سابقة، رغم بطء العملية التّصديرية الداخلية.
وقد أصبحت السّوق الإفريقية تستقطب اهتمام كبار الدول المنتجة والمصدّرة في العالم، نظراً للتّعداد البشري المرتفع وقابلية تطبيع حكوماتها مع الاتفاقيات التجارية والإقتصادية، ما يجعل منها ملاذاً حقيقياً للمنتج الجزائري الزّراعي والغذائي والصّناعي.
ويرى خبراء أنّ طفرة الإنتاج الزّراعي الضّخم في بلادنا، والمتنامي كل سنة، بفضل برامج الدولة لتنمية هذا القطاع السيادي والإستراتيجي، يحتّم على السّلطات الجزائرية البحث عن أسواق خارجية، والسّوق الإفريقية أقرب وأنسب، نظرا للمنافسة التّجارية الشّرسة التي تعرفها الأسواق خارج القارّة السّمراء.

بنية تحتية وموانئ جافّـة

يتطلّب دخول المنافسة في الأسواق الخارجية وتصدير المنتجات المحلية خاصة الزّراعية منها، إنشاء بنى تحتية داخلية قويّة لإنجاح العملية المرتقبة، من خلال إدراج مشاريع موانئ جافّة قرب مناطق الإنتاج الزّراعي الغزير في الهضاب والجنوب، خاصة الولايات الحدودية مع مالي، ليبيا، النيجر وموريتانيا، وتعزيز المطارات الداخلية بمشاريع ملحقة متعلّقة بالشّحن التّجاري، وتطوير المدارج وتأهيلها لهبوط وإقلاع طائرات الوزن الثّقيل المخصّصة للنّقل الدولي للبضائع، وغيرها من المشاريع ذات الصّلة بمجال التصدير. إضافة إلى تقويم الجانب الإداري والتنظيمي لخدمة التّصدير، بغية تسهيل وتذليل كل الخطوات التي تسبق العملية، كالمراقبة، التّعليب والتّوضيب، وتسليم شهادات الجودة المخبرية الدولية في المطارات والموانئ في حينها، مع ضرورة بعث منظومة إشهارية وترويجية وطنية شاملة تُسهم في تثقيف الفلاحين في جوانب التّصدير، وتشجيعهم وتحفيزهم على الانخراط فيه وإنجاحه.

(المصدر- مجلة الشعب الاقتصادي
- عدد 5 شهر ماي 2021)