كان وزير الشؤون الخارجية صبري بوقدوم سبّاقا لدعوة المجتمع الدولي لإجبار الكيان الصهيوني على وقف مجازره في حق الشعب الفلسطيني الذي دخل بالفعل حيّز التنفيذ، ليلة الخميس إلى الجمعة.
دعا وزير الشؤون الخارجية صبري بوقدوم، الخميس، في نيويورك الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى التحرك بشكل سريع واتخاذ خطوات ملموسة لإجبار الكيان الصهيوني على وقف عدوانه الغاشم على الشعب الفلسطيني الأعزل، والعمل على تطبيق القرارات الأممية التي تكفل للفلسطينيين حقهم في تقرير المصير ونيل الاستقلال.
قال بوقدوم في كلمة له باسم المجموعة العربية في الأمم المتحدة -التي تترأسها الجزائر خلال شهر ماي الجاري- أمام الجلسة الطارئة للجمعية العامة الأممية حول الحالة في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية : «إن هذا الاجتماع يأتي في ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشها أشقاؤنا الفلسطينيون جراء الجرائم الهمجية والاعتداءات الغاشمة التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق شعب ذنبه الوحيد أنه رفض الانصياع لمنطق سلب أراضيه بالقوة وعارض سياسة الأمر الواقع».
صور مروعة للقتل والدمار
وبعدما أشار إلى «الصور المروّعة للقتل والدمار والاعتداءات» التي شاهدها العالم و»التي تستهدف حياة ومقدسات الفلسطينيين في القدس المحتلة والغارات الوحشية التي توزع الموت والرعب في قطاع غزة المحاصر»، تساءل بوقدوم «أيعقل بعد هذا كله أن نلزم الصمت خلف شاشاتنا، نعدّ القتلى والجرحى بالمئات خاصة من الأطفال والنساء والشيوخ، ناهيك عن الخسائر الفادحة في البنى التحتية الرئيسية؟».
وتابع في نفس السياق: «أمن الممكن بعد كل ما رأيناه بأم أعيننا أن نلقي السمع للأطروحات الزائفة التي تحاول أن تبرر الصمت المشين لمجلس الأمن أو تلك التي تضع على قدم المساواة المعتدي والمعتدى عليه، الظالم والمظلوم؟ مشيرا إلى أن «أيَّ محاولة لتزييف الحقائق مآلها الفشل لا محالة، أمام الأدلة الدامغة والموثقة لعمليات هدم البيوت على رؤوس ساكنيها الأبرياء ولكل أشكال الظلم والقهر وانتهاكات حقوق الإنسان».
الاضطلاع بالمسؤوليات
وأكد أن الحصانة الممنوحة للاحتلال «لن تزيد الأوضاع إلا تأزما وتعقيدا، فضلاً عن أنها لا تخدم مصالح المستفيد منها في المقام الأول».
وأوضح وزير الشؤون الخارجية، أن الهدف من المبادرة المشتركة التي تقدمت بها الجزائر باسم المجموعة العربية والنيجر باسم منظمة التعاون الإسلامي، لعقد جلسة طارئة للجمعية العامة الأممية لبحث الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي جاءت بعد فشل مجلس الأمن الدولي في صياغة موقف توافقي لوضع حد للتصعيد الصهيوني خلال جلستين عقدهما، يومي 16 ثم 18 ماي الجاري، «يكمن في حمل المنظمة الدولية على الاضطلاع بالمسؤوليات المنوطة بها بموجب الميثاق».
مطالبة باعتماد خطوات عملية
وأمام عجز مجلس الأمن الدولي في اتخاذ موقف من هذه الأحداث المأساوية، دعا وزير الشؤون الخارجية إلى «التحرك على وجه السرعة لاعتماد خطوات عملية» من أجل التوصل إلى «وقف شامل للعنف المسلط على الفلسطينيين واستعمال كافة الوسائل المتاحة في سبيل حمايتهم وحماية مقدساتهم».
وقال في السياق إنه «وأمام خطورة الوضع فإن المجموعة العربية تطالب بتضافر جهود جميع القوى الحية من أجل ضمان الوقف الفوري للعدوان والتكفل السريع بالأزمة الإنسانية الكارثية في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن ثم العمل على توفير المناخ والظروف المواتية لاستئناف عملية السلام قصد معالجة جذور الصراع بإنهاء احتلال جميع الأراضي الفلسطينية، وفقا للمرجعيات الدولية ذات الصلة».
كما طالبت المجموعة العربية من الجميع «إدانة واضحة وصريحة لعمليات القتل الممنهج التي تستهدف الفلسطينيين بعيدا عن سياسة الكيل بمكيالين ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ترتكب في حق الفلسطينيين العزل»، ودعت الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش «إعلان حالة الطوارئ الإنسانية» لتمكين المجموعة الدولية من المساهمة الفعلية في التخفيف من معاناة المدنيين الفلسطينيين والتحرك لإعادة إعمار قطاع غزة الذي يئن تحت وطأة حصار جائر منذ خمسة عشر عاما.
معالجة الأسباب الجذرية للصراع
وبعدما حيا بوقدوم صمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بحقوقه المشروعة، أكد أن هذا الصمود يقابله « تقصير منظمة الأمم المتحدة، وبالخصوص مجلس الأمن، في العمل على إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية التي تغذي حالة اللااستقرار على الصعيد الإقليمي وتهدد السلم والأمن الدوليين».
ونبّه إلى أن القضية الفلسطينية « لن تعرف طريقا للحل إلا عبر معالجة الأسباب الجذرية للصراع برمته عبر إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف».
وبهذا الخصوص، أكدت المجموعة العربية أن مدينة القدس الشريف المحتلة، «تبقى عاصمة دولة فلسطين الأبدية وجزءا لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة،» وشددت على «ضرورة الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم بها ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، بما فيها المسجد الأقصى المبارك».
ولفت بوقدوم في كلمته إلى أنه وبعد مرور ستة وسبعون عاما على إنشاء منظمة الأمم المتحدة، «ظلت خلالها القضية الفلسطينية الثابت الوحيد على أجندتنا في مدة اعتمد فيها مئات القرارات، أكدت جميعها على حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في تقرير المصير والاستقلال والسيادة وحق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم ورغم ذلك لا يزال الظلم التاريخي الممارس بحق الفلسطينيين قائما ليومنا هذا ولم تعرف الوعود المقطوعة لإحقاق الحق من قبل المجموعة الدولية ممثلة في جمعيتنا الموقرة، سبيلا للتنفيذ».
صيغة دولية لرعاية مدينة القدس
وتساءل بوقدوم مرة أخرى مخاطبا رئيس الجمعة العامة «أين نحن من القرار رقم 181 الذي قضى بالتقسيم وإضفاء صيغة دولية لرعاية مدينة القدس مرفقا بخريطة تفصيلية بالحدود المقررة، ومن مؤتمر مدريد للسلام واتفاقات أوسلو؟ وأين نحن من مئات القرارات المعتمدة من قبل الجمعية العامة وعشرات القرارات الصادرة عن مجلس الأمن انطلاقا من القرار رقم 242 سنة 1967 إلى غاية القرار 2334 سنة 2016؟.
وأشار إلى أنه خلال هذه المدة، قامت السلطة القائمة بالاحتلال بالسيطرة على ما يزيد عن 85% من الأراضي الفلسطينية، بينما تتعرض القدس لحملات التهجير والتدمير التي تستهدف تشويه هويتها.
وأعرب في الأخير عن قناعة المجموعة العربية الراسخة أن « لا حلّ للقضية الفلسطينية من دون اتخاذنا جميعا موقفا شجاعا لوضع حد لأمرين اثنين: الإفلات من العقاب واحتلال الأراضي الفلسطينية».
.. يدعو غوتيريش لإدراج القضية على رأس أولوياته
دعا وزير الشؤون الخارجية، صبري بوقدوم، الأمين العام للأمم المتحدة، إلى إدراج تسوية النزاع الفلسطيني على رأس أولوياته، حاثا إياه إلى التدخل شخصيا في المجهودات الرامية إلى وضع حدّ للمجزرة التي يعيشها حاليا الشعب الفلسطيني.
جاء في بيان للوزارة أن بوقدوم اغتنم فرصة مشاركته في اجتماع وزراء خارجية العرب في نيويورك والذي شارك فيه الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، لأجل دعوة أنطونيو غوتيريش إلى « التدخل شخصيا في المجهودات الرامية إلى وضع حدّ للمجزرة التي يعيشها حاليا الشعب الفلسطيني».
ويشير المصدر ذاته إلى أن بوقدوم ذكر بأن هذا مسلسل العنف هذا بدأ مع قمع سكان القدس خلال شهر رمضان وتهديدات طرد سكان أحياء شيخ جراح وسلوان من ديارهم، وهو انتهاك لقرارات الأمم المتحدة.
وأبرز رئيس الدبلوماسية الجزائرية الذي يتولى رئاسة المجموعة العربية في منظمة الأمم المتحدة لشهر ماي، أن « الواقع يعرفه الجميع وأنه من غير المفيد البحث عن ذرائع لأجل تبرير عمل القوة المستعمرة».
ويضيف البيان أن بوقدوم أشار إلى أن « كل المجموعة الدولية أخلت بواجبها القاضي بحماية الشعب الفلسطيني الذي يتواجد في وضعية إنسانية هشة أمام آلة حرب عمياء».
في هذا الصدد، حث بوقدوم الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش إلى إطلاق «نداء للمجموعة الدولية لأجل تقديم مساعدة إنسانية طارئة لسكان غزة عن طريق مختلف وكالات الأمم المتحدة».
كما رافع بوقدوم لصالح «حل دائم للمسألة الفلسطينية والذي سيسمح للشعب الفلسطيني بممارسة حقوقه الثابتة في دولة مستقلة بحدود 1967 عاصمتها القدس الشريف».