طباعة هذه الصفحة

أحيت الذكرى الـ48 لاندلاع كفاح الشعب الصحراوي

البوليساريو تؤكد جاهزية جيشها لاستكمال السيادة

الموافقة على المبعوث الأممي الجديد ستيفان دي ميستورا

أحيت الجمهورية العربية الصحراوية الذكرى الـ48 لاندلاع الكفاح المسلح وسط ظرف خاص لأول مرة منذ ثلاثة عقود، ميزته عودة الحرب مع المغرب. وقالت البوليساريو، أن الشعب الصحراوي مصمّم على استرجاع سيادته على كامل أراضيه وأعلنت رسميا قبولها تعيين الدبلوماسي ستفيان دي مستورا مبعوثا أمميا جديدا لدفع الجهود نحو تسوية نهائية للنزاع في الصحراء الغربية.

أكدت وزارة الشؤون الخارجية الصحراوية، أن شعور المغرب بالعزلة الإقليمية والدولية دفعت به إلى اختلاق أزمات مع العديد من الدول والمنظمات، مشدّدة على ضرورة الاستعجال لفرض احترام المغرب للحدود الدولية المعترف بها وطي صفحة التوسع والعدوان والابتزاز.
وجاء في بيان للوزارة، أمس، أن اختلاق المغرب لأزمات مع عدة دول ومنظمات دولية وإقليميه «سببه الوحيد والحقيقي هو وصول مغامرته العدوانية والتوسعية ضد الجمهورية الصحراوية إلى الافلاس والفشل التام وشعوره بعزلة غير مسبوقة على الصعيدين الإقليمي والدولي». مشيرة إلى أن حسابات المحتل المغربي حول تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والتي كانت تنتظر أنها «ستحدث تحولا عالميا من شأنه حسم نتيجة النزاع الصحراوي - المغربي لصالح الرباط تبخرت بسرعة البرق لأنها بنيت على باطل وسوء تقدير».
وطالبت الحكومة الصحراوية وجبهة البوليساريو كل من الأمم المتحدّة والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، بتكاثف الجهود لوضع حدّ للاحتلال المغربي اللاشرعي لأجزاء من تراب الجمهورية الصحراوية وتمكين الشعب الصحراوي من كامل حقوقه الوطنية في الحرية والسيادة وإنهاء معاناته وأخذ دولته لمكانتها بين الشعوب والأمم.
وقالت الوزارة، أنه قد حان الوقت لتحمّل المجتمع الدولي «لمسؤولياته المترتبة على تملص المغرب من التزاماته الموقع عليها في مخطط التسوية لسنة 1991 وعرقلته لمجهودات الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي الرامية إلى إنهاء الاستعمار من الصحراء الغربية والتوصل إلى السلام بين الدولتين».
وشدّدت على أنه «بات من الضروري، بل من المستعجل، أن يفرض على المغرب احترام الحدود الدولية المعترف بها وطي صفحة التوسع والعدوان والابتزاز» وهذا من منطلق أنه «لا يقبل أن يواصل المغرب سياسة التعذيب والقمع وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية ضد الشعب الصحراوي وأن يستمر في الإفلات من العقاب».
ولفت البيان الى أن «المغرب يشكّل منذ عقود مصدر التهديد الرئيسي لجميع جيرانه عبر إغراق بلدانهم بالمخدرات والهجرة السرية. كما اعتبرت الخارجية الصحراوية «التسامح مع سياسة العدوان والدوس على الشرعية الدولية وخرق أبسط المبادئ الإنسانية من لدن المغرب يجب أن ينته كنهج وسياسة لن يترتب عنهم إلا المزيد من تدهور الأوضاع ولمواجهات مفتوحة ذات العواقب الوخيمة على كل المنطقة والعالم.
مواصلة الكفاح
وزارة الدفاع الصحراوية أكدت على مواصلة مسيرة الكفاح حتى استكمال السيادة الوطنية على كامل تراب الجمهورية الصحراوية. وقال المدير المركزي للمحافظة السياسية لجيش التحرير الشعبي الصحراوي، يوسف أحمد أحمد سالم، أول أمس، نيابة عن الأركان العامة للجيش، أن الاحتفال باليوم الوطني للجيش، هو «وقفة مع التاريخ واستحضار لمآثر وتضحيات جيش التحرير، والتمسّك بالقيم التي رسمها الأوائل في بناء النواة الأولى لجيش التحرير الشعبي الصحراوي».
الشعب مصمم
من جهته أكد السفير الصحراوي بالجزائر، عبد القادر طالب عمر، أول أمس، أن الذكرى الـ 48 لاندلاع الكفاح المسلح، تأتي في ظروف مختلفة عن سابقاتها، تميزها خاصة العودة إلى الكفاح المسلح وتصميم الشعب الصحراوي على استرجاع سيادته على كامل أراضيه.
وقال الدبلوماسي الصحراوي، إن الذكرى الـ 48 لانطلاق الكفاح المسلح في الصحراء الغربية، «تعود هذه السنة في ظروف مغايرة، تطبعها بالأخص عودة الصحراويين إلى حمل السلاح، عقب العدوان المغربي على المدنيين العزل في ثغرة الكركرات غير الشرعية، في 13 نوفمبر 2020».
وإلى جانب العودة إلى الكفاح المسلح أدى العدوان المغربي إلى «إفشال مخطط السلام» حسب السفير في جملة من المعيطات والظروف التي تأتي فيها ذكرى اندلاع الكفاح المسلح. وأكد أن «يضاف ذلك إلى تقاعس الأمم المتحدة، وعجز بعثة المينورسو عن أداء مهمتها في تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية».
وأدى الوضع الجديد في الصحراء الغربية إلى «اهتمام دولي بالقضية الصحراوية، وهبة جديدة للشعب الصحراوي وتصميمه على مواصلة الكفاح المسلح والمقاومة ضد الاحتلال المغربي». حسب الدبلوماسي الصحراوي ولم يخف بالمقابل، تبني النظام المغربي سلوكا جديدا ضد الشعب الصحراوي من خلال «تشديد القمع الممارس على المدنيين الصحراويين في الأراضي الصحراوية المحتلة، والتضييق عليهم في تحركاتهم».
وأبرز السفير أن «النظام المغربي يضع الصحراويين في الأراضي المحتلة تحت الإقامة الجبرية، التي هي إحدى الوسائل الجديدة المتبعة، إلى جانب قطع الأرزاق وضروريات الحياة وانتهاكات حقوق الإنسان»، مستدلا بما يحدث مع الناشطة الصحراوية سلطانة خيا، والعديد من النشطاء والمدنيين الآخرين.
كما توقف عبد القادر طالب عمر عند «فشل النظام المغربي في فرض سياسة الأمر الواقع»، خاصة بعد إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الاعتراف بسيادة المغرب المزعومة على أراضي الصحراء الغربية، موضحا أن المخزن «حاول الضغط على اسبانيا وفرنسا وعلى أوروبا لإتباع نفس نهج ترامب، لكن النتيجة كانت عكس توقعاته».
تخبط سياسي
وأشار طالب عمر إلى عدم إتباع إدارة بادين خطوات سابقتها، ولم تقم بتفعيل قرار ترامب، مردفا «ونلاحظ اليوم الهجمة على سبتة ومليلية للضغط والانتقام من اسبانيا، لحملها على تغيير موقفها والاعتراف للمغرب بالسيادة - المزعومة - على أراضي الصحراء الغربية، مستغلين تواجد الرئيس الصحراوي ابراهيم غالي هناك للعلاج»، ولكن «الرد الاسباني كان قويا، مفاده أن سياسة اللين لا تليق مع النظام المغربي، وهو ما ذهب إليه الاتحاد الأوروبي أيضا».
وفي السياق، قال السفير، إن النظام المغربي قد «حصد الفشل»، وأن موقف الاتحاد الأوروبي ظهر متماسكا ضد المخزن، مواصلا «يأتي ذلك، قبيل إصدار المحكمة الأوروبية لقراراتها التي يخشاها المغرب، والمنتظرة نهاية جوان أو بداية جويلية». كما ذكر بموقف مجلس الأمن والسلم الإفريقي الذي «كان واضحا» من القضية الصحراوية. وعرج على ما يحدث في الساحة الدولية، قائلا إن «بروز المقاومة الفلسطينية بقوة مستعملة وسائل جديدة فرضت معادلة جديدة مختلفة، وكشفت فشل المطبعين والمنبطحين واللاهثين وراء اللوبيات الصهيونية، وأنهم لن يحصدوا سوى الهزيمة».        
     موافقة رسمية
وفيما يتعلق بتسوية النزاع الصحراوي. كشف السفير الصحراوي بالجزائر، أن جبهة البوليساريو، أعطت موافقتها الرسمية على مرشّح الأمين العام للأمم المتحدة، لدبلوماسي ستيفان دي ميستورا، لتولي منصب المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية.
وأوضح طالب عمر، أن جبهة البوليساريو، قدمت موافقتها الرسمية على الدبلوماسي دي ميستورا، نهاية شهر أفريل الماضي، وبالتحديد في التاسع والعشرين منه، مستطردا «لحد الساعة لا ندري ما هي الأسباب التي تحول دون الإعلان عن المبعوث الشخصي».    لكن عقّب قائلا، إن «عدم إعلان الأمانة العامة للأمم المتحدة، بشكل رسمي عن اسم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، يعني أن هناك عراقيل يضعها النظام المغربي مثل عادته».
كما أشار طالب عمر، إلى أن تعيين مبعوث شخصي، «ليس هدفا في حد ذاته، وإنما وسيلة لتيسير عملية سلام محكمة ومحددة زمنيا، تقود إلى ممارسة الشعب الصحراوي لحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال بحرية وديمقراطية».
وقد أظهرت التجارب السابقة، أن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية، لا يملك مفاتيح الحل بيده، وأنه دون دعم مجلس الأمن الدولي له لا يمكن الوصول إلى حل للقضية، وهو ما تجلي في استقالة المبعوثين السابقين، على غرار السفير الأمريكي الأسبق كريستوفر روس والرئيس الألماني السابق هورست كوهلر.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد رشّح الدبلوماسي ستيفان دي ميستورا، لتولي منصب المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، وطرح الاسم على طرفي النزاع.     وفي حال الموافقة على اقتراح الأمين العام للأمم المتحدة، سيكون الدبلوماسي الإيطالي ذو الأصول السويدية، دي ميستورا، المبعوث الخامس لمنظمة الأمم المتحدة للصحراء الغربية، وسيخلف الألماني هورست كوهلر، الذي استقال من منصبه قبل أكثر من سنتين، لأسباب قال عنها إنها «صحية».
وقد تعاقب على هذا المنصب قبل رحيل كوهلر، ثلاثة وسطاء هم: الأمريكيان جيمس بيكر، وكريستوفر روس، والهولندي بيتر فان والسون. وكانت الأمم المتحدة قد أرجعت فشلها في تعيين مبعوث جديد إلى المنطقة، خلفا لكوهلر، إلى «صعوبة العثور على الشخص المناسب لتولي المهمة».