نظمت وزارة الثقافة والفنون بقصر الثقافة مفدي زكريا يوما دراسيا مفتوحا على التراث اللامادي ودوره في التنمية وترسيخ قيم المواطنة، تحت شعار «الموروث الشعبي باعتباره ثروة ثقافية»، وذلك بمبادرة من مديرية تطوير الفنون وترقيتها بالتنسيق مع المديرية الفرعية لتثمين التعابير الثقافية التقليدية الشعبية والمركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وفي علم الإنسان والتاريخ، حيث قدمت خلاله العديد من المداخلات من طرف دكاترة وباحثين ومختصين.
في كلمة افتتاحية ألقاها كل من الأمين العام لوزارة الثقافة ومدير تطوير الفنون وترقيتها ومدير المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ؛ قال الأمين العام للثقافة حسن غيدة أن هذه الأيام الدراسية «دعوة منا إلى تحفيز المواطنين والأوساط الثقافية خاصة والفاعلين الثقافيين المستثمرين على المشاركة في الشأن الثقافي وتثمين الثروة التراثية التي تزخر بها بلادنا من أجل استثمارها».
أما مدير تطوير الفنون وترقيتها السيد «لعروسي ميسون» فقد أكد على أن هذه التظاهرة العلمية تعد فرصة لبحث الآليات والسبل التي تمكننا من تثمين تراثنا غير المادي ليكون داعما لاقتصادنا الوطني وموروثا هاما لمجتمعنا وجب الحفاظ عليه وصيانته من الاندثار والنسيان، كونه يعد داعما من دعائم المواطنة وسبيلا لتوطيد سبل التكافل والتآزر الاجتماعي.
ومن جهته أشار الدكتور خربوش فريد إلى أن هذا التراث هو لقاح الحضارات الذي من خلاله ينتشر الوعي وتترسخ الوطنية في نفوس الجزائريين، مضيفا بأنه أمانة تركها الأسلاف في عنقنا وبالتالي فنحن مجبرون على المحافظة عليه بكل صدق وإخلاص، فهو جزء لا يتجزأ من هويتنا الفكرية والحضارية والتاريخية.
كما ألقى خلوفي سمير المنسق العام للملتقى هو الآخر كلمته التي تمحورت حول أهمية التراث كقيمة توطد معاني الاحترام وقداسة الفكر.
لتنطلق بعدها سلسلة مداخلات قدمها ودكاترة وباحثون، افتتحها الدكتور عبد الحميد بورايو والباحثة فاطمة بوقري بمداخلة ثنائية تحت عنوان «القيمة الرمزية لحضور مظاهر الطبيعة في الموروث القصصي الجزائري، (جبل قريون ونيف النسر بعين مليلة ولاية أم البواقي وسرج الغول بسطيف) انموذجا»، تطرقا فيها إلى كيفية انعكاس الموروث الطبيعي في المرويات الشفوية اللامادية.
كما أشارا إلى وجود علاقة وظيفية بين التراث الطبيعي والتراث اللامادي تكمن في توظيف المرويات الشعبية في تفسير شكل تضاريس الطبيعة.
أكد «د. بورايو» أيضا على ضرورة إدراج هذا التراث في الثقافة المعاصرة كثقافة تراعي ما هو موجود في العالم ويكون لها طابعها الخاص في نفس الوقت.
ومن جهته قدّم الدكتور عبد الله رقيق مداخلته الموسومة بـ»التراث وترسيخ قيم المواطنة» تحدث فيها عن علاقة التراث بالمواطنة وفاعليتة، وجدلية هذه العلاقة في التراث اللامادي.
وفي المداخلة الموسومة بـ»مسألة الموروث الثقافي بين التنوع والوحدة»، شدّدت الدكتورة مباركة بلحسن على ضرورة التعريف بتراث الجنوب المهمش؛ كتراث المجتمع الحساني بجنوب غرب الجزائر وذلك من خلال الدراسة العلمية والموضوعية له بعيدا عن الطابع الفلكلوري، من أجل التعريف به وحفظه.
أما مداخلة الدكتورة بهية عمروني فكانت تحت عنوان «التراث الثقافي اللامادي وتأثيرات الحياة العصرية في المجال الحضري القصبة انموذجا»، ذلك المجال السكني الذي تتجمع فيه العديد من الأسر التي تأتي من مناطق مختلفة، حيث استطاعت تلك الأسر التعايش فيما بينها وتبادل المعتقدات والأراء بما في ذلك التعابير الشفوية التي تعتبر موروثا ثقافيا.
كما دعا الدكتور العيد بوذا من خلال مداخلته الموسومة بـ»التارقية» مكون تراثي شفاهي عريق»، إلى الاهتمام بالتراث الترقي من طرف الباحثين الجزائريين والتعرف به، وذلك في إطار خصوصيته الجزائرية لأن كل من كتبوا عنه كانوا من الغرب فكتبوا عنه كما يرونه هم ليس كما هو في الحقيقة.
أما الدكتور أحمد التجاني سي كبير فقدم مداخلة تحت عنوان «الاستثمار في الموروث الثقافي اللامادي كمدخل للتنمية المستدامة» تحدث فيها عن دور الاستثمار في الحرف التقليدية كبعد للموروث الثقافي اللامادي لتحقيق التنمية في ورقلة.
كما خصّت الدكتورة ناريمان بن عبد الرحمان مداخلتها الموسومة بـ «التراث اللامادي للاهقار ودوره في الاستقطاب السياحي»، للحديث عن الخصوصية التاريخية التي تتميز بها منطقة الاهقار، ودور هذا التراث المادي واللامادي في الاستقطاب السياحي بالمنطقة، مشيرة أيضا إلى الأهمية الطبيعية والتاريخية للمنطقة..
دعت الدكتورة نصيرة ريلي في مداخلتها الموسومة بـ»المثل الشعبي الأمازيغي ـ الماهية، الوظائف والبنيات «، إلى ضرورة الحفاظ على المثل الشعبي لأنه يعبر عن هوية الإنسان والمجتمع قائلة إن «كل أمة فقدت آدابها الشعبية حق لها أن يترحم عليها».
وفي الأخير قدم الاستاذ خالد محمد مداخلة تحت عنوان «الإبداع والتاريخ» تناول فيها قصة شفهية متبوعة بقصيدة.