متألق هو من خلال حضوره الشعري.. متنقل من على وجنات القصيدة،يعانق هوس الأبيات التي تشتهيه حتى الثمالة.. المغناوي الشاعر من « سمفونية جرح بارد» الى ترانيم قصيدة عانقت نجوى القلب..كنت لا أخاله شاعرا، لكنني يوم استمعت لوحي بوحه.. أدركت أن اللغة درجات ودرجات.. وأيقنت أيضا أن لعبة الشعر أكثر من هواية بل هي تحد صارخ نحو سماء الابداع. صاحب النظارات.. من أقصى غرب الوطن يمتطي جواد الشعر يسافر بنا على أجنحة الليل السرمدي» يحدثنا ونجالسه في هذه الوقفة وهو يفوز بجائزة شاعر جزائري فذ، إنها جائزة لرئيس الجمهورية، للمبدعين الشباب علي معاشي.
كل التفاصيل في هذا الحوار الذي أجرته معه «الشعب»:
«الشعب»: كيف تلقيتم هذا الفوز في ظل المشاركة التي عرفتها جائزة رئيس الجمهورية للمبدعين الشباب «علي معاشي»؟
بغداد السايح: تلقّيت خبر هذا الفوز بأريحية لا تشوبها مفاجأة، ذلك أنني متعوّد على الفوز بجوائز كثيرة، الفوز كان للشعر وليس لي، الجميل أن يفوز النص الرائع لا الشخص الأروع، رغم المشاركات العديدة من طرف شعراء لهم وزنهم الأدبي في الساحة الأدبية وأحترمهم إلا أن ذلك لم ينقص شيئا من ثقتي في النصوص التي شاركتُ بها، أقول أن الفوز بهذه الجائزة جاء بعد محاولات مستمرة واجتهاد شخصي في انتقاء النصوص وتغييرها بحيث تأخذ بعدا إنسانيّا عالميّا يبتعد عن النمطية والتسطيح، كان لديوان «سمفونية جرح بارد» شرف الدخول في هذه المسابقة والوصول إلى المرحلة النهائية، ليكون التتويج بعمل إبداعي مميز أتلقّاه بفرح غير ذاتيّ إنّما هو الفرح الجماعيّ حين أرى نصوصي تتكلم بلسان الشباب.
- هل يرجع الفوز في هذا اﻻستحقاق إلى الحضور الدائم لبغداد أم إلى العمل المشارك في المسابقة؟
* أظنّ أن جوابي سيكون بجمع العنصرين ذلك أن الحضور الدائم والمستمر للشاعر بغداد سايح في الساحة الأدبية، ساهم بشكل كبير في الوصول إلى نصوص جميلة، هذا الفوز يأتي ثمرة اجتهاد واحتكاك بقامات شعرية وكذا الانفتاح الجميل على الآخر حتى في اختلافاتنا معه، يمكنني القول أن العمل المشارك به لا يودع وحيدا لدى منظمي الجائزة بل ترافقه سيرة ذاتية تساهم أيضا في ترجيح كفّة الفوز، على مدار سنوات حصدت ألقابا أدبية كثيرة ومثيرة جعلتني أتبوّأ مكانة أدبية لا بأس بها بين النخب الثقافية المتذوقة للإبداع، أظنني لعبتُ جيّدا على وتر الاسم الأدبي وبتوفر نصوص كاملة الاشتغال يصبح الفوز قريبا، أؤكد أن الفوز ليس شخصيا بل هو فوز كل الرائعين الذين أتعلّم منهم صنع القصيد.
- كيف كان شعورك وأنت تكرم من طرف وزيرة الثقافة نادية شرابي؟
* سعدتُ بهذا التكريم من طرف الوزيرة الجديدة للثقافة، كانت نادية شرابي فأل خير عليّ لدخول قائمة المتوجين بجائزة «علي معاشي» للمبدعين الشباب، تكريم جميل يأتي من فنانة تحترم الإبداع قبل أن يكون من سيدة ذات منصب حكومي، طبعا أن تكرّم في بلادك فهذا جميل جدا ويمنحك شحنة إضافية لمواصلة السير في دروب الإبداع الوعرة، رافقني شعور آخر أشبه بالتمنّي وهو أن تمنح لرجال الثقافة والمبدعين فرصة الوصول إلى مناصب يستطيعون الإبداع فيها أكثر، والوصول بالفنون إلى جميل التطور والازدهار، سيكون تكريما جميلا للمبدع لو يؤخذ بيده فيكون في منصب أقرب لتحقيق آماله بعيدا عن الظروف التي قد تدفن تلك الرغبات الفنية الراقية فيه، تبقى وجهة نظر شخصية مني فقط.
- شاركتم مؤخرا في ندوات أدبية بالمغرب، كيف هو حضور الأدب الجزائري على العموم مغاربيا سواء في القصيدة والرواية والنقد؟
* كانت لي مشاركات طيبة في ندوات أدبية داخل المملكة المغربية الشقيقة، اكتشفت من خلالها مدى الحضور الجميل للأسماء الأدبية الجزائرية في الساحة المغاربية، الأشقاء ينبهرون جدا بما ينتجه المبدعون الجزائريون ويعتبرونهم مؤسسين للفعل الثقافي والإبداعي في المغرب العربي الكبير، لم ألتمس ذلك من باب التواضع وإنما وجدتهم ينظرون إلى الكتَّاب الجزائريين بعين الموضوعية بعيدا عن العاطفية التي تجمعنا بهم، الكثير ممن صادفتهم وجدتهم يستشهدون بأقوال روائيي الجزائر ويحفظون مواقف نقدية جزائرية خالصة، الجميل أنهم يشيدون بالإبداع الجزائري المنبثق من تعدّد اللغات وكذا انفتاحه الرائع على العالم، الحقيقة أن الأدب الجزائري بكل أجناسه حاضر بصورة جميلة مغاربيا.
- هل من إصدارات جديدة؟
* بعد باكورتي الشعرية «قناديل منسية» الصادرة سنة 2011 عن دار «ليجوند» بالعاصمة وجدتني متوقفا عن إصدار دواوين مستقلة، هناك بعض الدواوين تحت الطبع لدى جهات رسمية أملا في توزيع ناجح، أصبح الشعراء يتخوفون من إصدارات لا توزّع بالشكل المطلوب، ما يميّز هذه السنة أنه كان لي أول إصدار إلكتروني يمكن لقرّائي تحميله من الأنترينت، أقصد بذلك اليوميات المعنونة بـ «من مذكرة نورس مغناوي»، والتي فازت بجائزة حروف منشورة وصدر الجزء الأول منها إلكترونيا، هناك بعض الدواوين الجماعية منها: «أفضل المديح» والذي كنت ممثّل الجزائر فيه والصادر عن منشورات «صدانا» الثقافية، يبقى مخطوط «كنغمة البحر أو أعمق» ينتظر الإصدار ربما في تظاهرة قسنطينة القادمة.
- كيف تقيمون الراهن الأدبي الشبابي اليوم؟
* قد يكون سؤالا موجّها للناقد قبل المبدع، رغم ذلك سأجيبك من حيث احتكاكي الكبير بالشباب وأدبهم، ما نراه اليوم فيما يبدعه الشباب هو منتوج أدبيّ يلقى رواجا كبيرا على مستوى العالم. الكثير من الأسماء الفتيّة استطاعت في ظرف وجيز الوصول إلى القارئ عبر قنوات كثيرة منها الجوائز المستحقة والإعلام المهتم بالأعمال الجدّية، ما أقوله أنه واقع يبعث على التفاؤل ولكن دون إحداث قطيعة مع من سبقهم من أجيال وكذلك عدم تجاوز مسألة الأخطاء التي وقعت فيها الأسماء الماضية، صحيح أن شباب اليوم يمتلك ظروفا طيّبة تسمح له بالتواصل الفني والإبداعي بشكل سهل غير أن الوقوع في فخ الاستسهال قد يجعل أدب الشباب يهوي في مستنقعات التسرّع والنرجسية الباهتة.