تشكّل ممتلكات البلدية موردا هاما يمكن من خلاله تدعيم ميزانيتها وتمويل عديد مشاريع التنمية المحلية إذا ما حسن تسييرها من خلال تطبيق القوانين والحرص على عمليات الجرد والصيانة، موضوع تتطرّق إليه جريدة «الشعب» من خلال هذا الحوار مع منصوري لطيفة إطار بمصالح ولاية الجزائر، منتدبة لدى مصالح بلدية الدويرة ومكلفة بتسيير مكتب أملاك البلدية.
«الشعب»: ما هو المقصود بأملاك البلدية وتسييرها؟
منصوري لطيفة: أملاك البلدية هي مجموعة المباني، الأسواق، قاعات السينما، قاعات الأفراح، السكنات والمحلات ذات الطابع التجاري، المساحات الاشهارية والعمومية والتي تعتبر كلها منتجة للمداخيل، وهناك أيضا أملاك غير منتجة للمداخيل، تتمثل في المدارس والمساجد والساحات العمومية والمباني الإدارية وغيرها.
لممتلكات البلدية أو مداخيل ممتلكات البلدية دور كبير وفعّال، كونها تساهم بشكل كبير في تدعيم ميزانية البلدية، هذا طبعا إذا اتبعنا كامل الإجراءات والتعليمات الصادرة عن وزارة الداخلية والجماعات المحلية فيما يخصّ تسييرها.
ويتطلّب الأمر هنا، إيلاء عناية ويقظة للأعمال الرامية إلى تحسين مستوى تأطير البلدية، خاصة فيما يتعلق بأملاكها لتحسين مداخلها والاستفادة منها بتوظيفها في مشاريع التنمية.
من هي الجهة أو الهيئة المسؤولة عن تسيير هذه الممتلكات وتحصيل إراداتها؟
يتمّ هذا العمل عن طريق اللجنة المكلفة بالاقتصاد والمالية التابعة للبلدية، والتي تلزم عليها القيام بعدة أعمال من أجل تحسين مداخيل البلدية وضمان السير الحسن لأملاك البلدية وذلك عن طريق تحيين جرد المحلات ذات الطابع السكني وكذا المحلات ذات الطابع الإيجاري.
تعرض اللجنة مجموعة من الاقتراحات على المجلس الشعبي البلدي أثناء اعداد المداولات لمناقشتها والتداول عليها والخروج بالحل المناسب من أجل تثمين الممتلكات وتحسين مداخيل البلدية.
ماذا عن دور المنتخبين المحليين في هذه العملية؟
تقع على عاتق المنتخبين المحليين وعلى رأسهم رئيس المجلس الشعبي البلدي مهمة تشجيع أعضاء اللجنة المكلفة بالاقتصاد والمالية على التحلي بروح الإبداع والمبادرة والاقتراح، واستعمال مناهج متعدّدة في إدارة الأعمال، خاصة في تسيير أملاك البلدية وتأجيرها.
إن اعتماد هذا الشكل في التسيير يوفّر منافع أفضل للمواطن ويقلّل من الأعباء التي تثقل كاهن الجماعات المحلية، في تأجير ممتلكات البلدية عن طريق المزايدة أو مناقصة عامة نذكر هنا على سبيل المثال الأسواق تسيير الأسواق المحلات التجارية، قاعات السينما والأفراح وغيرها من الممتلكات الأخرى التي يمكن أن تساهم في زيادة مداخيل البلدية.
هل تسير الأمور وفق النصوص التشريعية، وهل يتمّ فعلا استغلال هذه الأملاك على أحسن وجه أم هناك خلل في التسيير؟
هناك ضعف كبير في تسيير الممتلكات والمنقولات وعجز كبير في تحصيل عائدات استغلالها، حيت لا تتعدى النسبة المحصلة حسب الإحصائيات التي قامت بها وزارة الداخلية والجماعات المحلية 10 % من مجموع مداخيل الجماعات المحلية. الأمر الذي يفرض علينا تأكيد ضرورة متابعة العملية عن كثب والحرص على تقييم الأملاك وصيانتها وتسييرها وفقا لما تنصّ عليه التعليمات والنصوص التشريعية الموضوعة في هذا الشأن.
تعليمات وزارية تعيق تنفيذها عمليات التراضي
على ذكر النصوص التشريعية، هل يمكن التذكير بها أو بالبعض منها؟
لقد بات من الضروري أن تعرف حظائر الممتلكات تطوّرا ايجابيا من أجل مراجعة النفقات لكونها دائمة ومستقرة حسب تعليمات وزارة الداخلية والجماعات المحلية، خاصة منها التعليمة رقم 97 / 419 الصادرة بتاريخ 2 سبتمبر 1997، والتي تقضي بضرورة الالتزام بإجراءات إتمام إحصاء الممتلكات المنقولة والعقارية، وضبط سجل جردها في الملاحق 29 و32.
وإلى ذلك التطبيق الصارم لمبدأ المزايدة لعملية تأجير الأملاك أو بعثها حسب التعليمة رقم 93/111 الصادرة بتاريخ 1 فيفري 1993 والتعليمة رقم 1513 الصادرة بتاريخ 15 نوفمبر 1993، والتعليمة رقم 26 بتاريخ 11 ماي 1994 وذلك عن طريق إعداد دفتر شروط يثبت كل العمليات المتعلقة باستغلال هذه الممتلكات.
ويتمّ في هذا الاطار، إعداد مداولات يصادق عليها من طرف الوصاية أي الوالي المنتدب تمّ تدخل حيز التنفيذ وبعدها تقوم بإعداد عقود إيجار الاأملاك العمومية للبلدية من أجل تحصيل حقوق استغلالها.
كما يتمّ أيضا تحصيل حقوق استعمال الطرق والأماكن العمومية والتوقف في الاسواق و حتى اللافتات المهنية والتوجيهية و اللوحات الاشهارية وعليه يجب التطبيق الصارم لهاته التعليمات.
كيف يتمّ تجسيد هذه التعليمات ميدانيا؟
يتعين على رؤساء وأعضاء المجالس الشعبية البلدية واللجنة المكلفة بالاقتصاد والمالية، أن يعقدوا اجتماعات دورية مع المسؤولين البلدين لاتخاذ كل التدابير تفرض نفسها لتصحيح الاختلالات المسجلة.
إلى جانب اتخاذ التدابير اللازمة لتسيير كل الاملاك بعد الاقتراحات التي تقدمها لجنة الاقتصاد والمالية للبلدية باعتبارها موردا اقتصاديا يساهم بشكل كبيير في تعزيز ميزانية البلدية وإحياء التنمية المحلية، وهو ما يفرض علينا أن نهتم اهتماما كبيرا بهذه الاملاك عن طريق صيانتها واحصائها وإعداد عقود ملكيتها بالتنسيق مع مصالح أملاك الدولة والمحافظات العقارية.
ويمكن استغلال المداخيل في ميزانية البلدية للنهوض بمشاريع التنمية المحلية مثل دفع أجور العمال وتجسيد مشاريع الإنارة وتعبيد الطرقات، مشاريع تحسين واجهات المباني العمارات وغيرها من المشاريع التي تصبّ في تنمية البلدية وإعطائها صورة حسنة.
مسؤولية تشاركية بين الإدارة والمواطن
على من تقع مسؤولية التصدي للمضاربة في استغلال أملاك البلدية وامتصاص العجز المسجل في تحصيل إراداتها؟
تسعى الدولة الجزائرية جاهدة في كل زمان ومكان لتعزيز كل الممتلكات، والحفاظ عليها وتحسين أسعار الإيجار بإصدار تعليمات وزارية تمنع التنازل عنها وتمنع تأجيرها بصيغة التراضي بغية خلق روح المنافسة في استغلالها.
لقد أظهرت الحكومة جليا في برنامج عملها التزامها محاربة جميع محاولات الاستحواذ والمضاربة بصرامة، والهدف من هذا ليس الزيادة في إيرادات ميزانية البلاد بقدر ما يستهدف استرجاع هيبة الدولة ووعي المواطن أنه غير مسموح لأحد ان يستغل الظروف ليملك ثروات ليست من حقه.
إعادة الاعتبار لتسيير ممتلكات البلدية وتدارك العجز ليس قضية الحكومة وحدها، وليست قضية مصالح قمع الغش وحدها بل هي قضية الإدارة والمواطنين شركاء فيها، فكل ما كان هناك استحواذ وكانت هناك مضاربة مالية وتجارية كل ما كان هناك رشوة وفساد ونهب حق مواطن جزائري شريف.
كيف هي تجربة بلدية الدويرة في تسيير أملاكها؟
أملاك بلدية الدويرة كثيرة ومتنوعة وقادرة على جلب إرادات لا بأس بها، وللأسف الشديد وزعت في يوم ما بمبالغ رمزية فهناك مسكنات أجرت بـ800 دينار شهريا، كما لا يتعدى أعلى مبلغ إيجار 2000دينار وهذا غير مقبول أو معقول في سنة 2021.
نحن بصدد تحيين هذه الأسعار بعد تجديد العقود بناء على عملية تقييم الممتلكات من طرف مديرية أملاك الدولة، لقد قمنا بإخطار المواطنين المستفيدين عن طريق محضر قضائي من أجل تحصيل المستحقات بأثر رجعي، لكن للأسف بالرغم من أن المبالغ جد زهيدة، إلا أن هناك عمليات تماطل في الدفع.
أما ردة فعل المواطن كانت عنيفة نوعا ما، وعليه أن يعرف تحصيل المستحقات يعود عليه بالنفع بالدرجة الأولى بعد توظيفها في مشاريع التنمية المحلية.
واجهت أيضا عراقيل مع المراقب المالي بخصوص إتيان ملكية العقارات، الأمر الذي دفع بنا إلى تسجيل العقود لنتمكّن من تجسيد عمليات الصيانة والحفظ.