أفضت التحقيقات الأمنية إلى رفض مئات من ملفات الترشح لانتخابات المجلس الشعبي الوطني لأسباب عدّة، غير أن المادة 200 من القانون العضوي الناظم للاستحقاقات أخذت حصة الأسد من المبررات، حيث حصدت طموحات ورغبات مترشحين شباب وكهول، بطالين وموظفين، وأقصت المئات منهم بسبب أنّ «لهم علاقة بالفاسدين»، بالرغم من تدخل العدالة وإنصاف العديد منهم، وهم المترشحون المنتمون خاصة إلى الأحزاب السياسية التي كانت محسوبة على النظام السابق، على غرار جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي.
يستقبل العديد من المترشحين للانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها يوم 12 جوان المقبل، منذ بداية دراسة ملفات الترشح، سواء المحسوبين على التشكيلات السياسية أو الأحرار، رفض ملفات ترشحهم بكثير من الفظاظة، معتبرين أنّ التحقيقات الخاصة لم تنصفهم، خاصة وأن الأحزاب السياسية اشتكت من تطبيق المادة 200 من القانون العضوي للانتخابات التي تحدد شروط قبول المترشحين للتشريعيات.
وجاء الفقرة السابعة منها، «ألا يكون معروفا لدى العامة بصلته مع أوساط المال والأعمال المشبوهة وتأثيره بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على الاختيار الحر للناخبين وحسن سير العملية الانتخابية»، حيث «تفضي التحقيقات عادة إلى أن المترشحين ذوي صلة برجال الأعمال الفاسدين»، في حين يطالب المقصون بتقديم تبريرات ميدانية وبالأدلة، وليس تسويق اتهامات باطلة»، على حدّ تعبيرهم.
وبحسب المتابعين، فإن تطبيق المادة المذكورة جاء حرصا على تطهير القوائم النهائية من شبهة المال الفاسد، وتحصين العهدة المقبلة للمجلس الشعبي الوطني وبروز برلمان كفاءات خال من أي شبهة.
الأرندي: «بطالون وجامعيون شباب طالتهم المادة»
وفي الموضوع يؤكد صافي العربي، الناطق الرسمي باسم التجمع الوطني الديمقراطي، في تصريح لـ»الشعب»، أنه من بين أهم أسباب رفض ملفات ترشح «الأرندويين» هو تطبيق المادة 200 من القانون العضوي للانتخابات في فقرتها السابعة، بالرغم من أنها مبهمة لا تشير صراحة إلى أنّ كل من له علاقة برجال المال الفاسدين سيقصون من الترشح، مبرزا أنه على المعنيين بالأمر التحقق من القضية، فليس كل من يعرف رجل أعمال أو ارتشف قهوة معه، يصبح تابعا له أو تربطه به علاقة عمل».
وأضاف المتحدث، أن «مئات المترشحين كوّنت لهم شبهة بالمال الفاسد، بالرغم من أنهم موظفون وحتى بطالون ومواطنون عاديون، من بينهم شباب أقل من 40 سنة، تخرجوا السنة الماضية فقط، تم إقصاؤهم بموجب المادة سالفة الذّكر، غير أنّ العدالة أنصفتنا في الكثير من الحالات. مثلا، أول أمس، تم إنصافنا في ثلاث حالات من الجالية الجزائرية في المهجر، وأمس فقط في ولاية جيجل، إذ أنّنا نسترجع حقوقنا يوميا عن طريق العدالة».
وشدّد صافي على أن «المادة في حدّ ذاتها لم تتكلم بتاتا عن المال الفاسد وعلاقة أي مترشح برجال المال والأعمال الفاسدين، وهو مصطلح لم نجده في الفقرة السابعة منها، إذ نعتبرها مبررا غير مقنع لإقصاء المترشحين ولا يستقيم مع الدستور، وحتى مع المادة في حدّ ذاتها التي لم تتكلم عن المال الفاسد ولم تدرج تلك الكلمة فيها، حيث حُمّلت ما لا تطيق».
أخطاء إدارية...
إلى ذلك، تحدّث ممثل الأرندي عن حالات أخرى لإقصاء مرشحيهم، تتعلق بأخطاء إدارية ناتجة عن البيروقراطية، حيث أكد أنّ هناك مترشحين انتخبوا في مراحل سابقة ويحوزون على بطاقة الناخب ورفضت ملفاتهم بداعي أن أسماءهم غير مسجلة في القوائم الانتخابية، وهو ما نعتبر أننا ندفع ضريبة الأخطاء الإدارية، ما جعلنا أيضا نتحمل مشقة الطعون التي رفعت إلى الجهات القضائية المختصة، حيث أنصفتنا كذلك، فالمادة 206 ــ بحسبه ــ تتكلم صراحة عن التعزيز القانوني والصريح وهو ما لا يوجد حيث تقول: «يتعين أن يكون رفض أي ترشيح أو قائمة مترشحين، حسب الحالة، معللا تعليلا قانونيا صريحا بقرار من منسق المندوبية الولائية للسلطة المستقلة أو منسق السلطة لدى الممثلية الدبلومـاسية أو القنصلية بالخارج».
وفي ذات السياق، تعددت مبررات إقصاء المترشحين المنتمين للتشكيلات السياسية أو المستقلين، منها مشكل الإقامة، شهادة السوابق العدلية، وملفات أعضاء البلديات المجمدة، فضلا عن عدم تأدية الخدمة الوطنية، مثلما حدث لمرشح الأفلان وأمينه العام أبو الفضل بعجي، إلى جانب عدم بلوغ النصاب في جمع التوقيعات، وغربال السلطة الذي طال قوائم التوقيعات المزدوجة، وغيرها من المبررات التي ساهمت في إقصاء عديد المترشحين عبر 58 ولاية من الوطن.
جدير بالذكر، أنّ آخر أجل للفصل في ملفات قوائم المترشحين للانتخابات التشريعية القادمة يوم 9 ماي المقبل، بحسب ما كشفت عنه رزنامة السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.